على موتك الأبدي تراهن كل القبائل .. ونحن الذين اعتنقناك ديناً.. على مجدك الأبدي نراهن .. أيتها الوحدة. لقد صاغ اليمانيون في وجدانهم وحدتهم قبل أن تكون واقعاً على الأرض.. احتسوا آلامهم وتجرعوا غصصاً كثار كي يظل نشيد الوحدة مشرعاً في دمائهم.. كيف لا وهذا الأصل الضارب في جذور التاريخ هو من علّم العالم القديم معاني كثيرة.. وصاغ حضارة أتت أكلها بإذن ربها .. وفاضت إشراقة يمانية على ربوع المعمورة لحضارة مابين النهرين.. والمناذرة وحضارة الغساسنة إلخ . لا أريد التحدث عن تاريخ بقدر ما أود الإشارة إلى أن الأصل في قومي هو التوحد .. وأن فعل الوحدة أصلاً وفعلاً تراكمياً سرى في ثقافتنا قديمها وحديثها. وكما قيل قديماً “ توحدت أيدي سبأ” إن 22 مايو هو يوم مشهود .. تحققت فيه وحدتنا السياسية .. أما وحدة الأرواح فقد سبقت تلك اللحظات كنا نقرأها على صفحات العيون وفي همهمات الشيخ والشاب والصبي .. وفي إيقاعات الدان ونزوات الشرح وفي إيقاعات البرع الكوكباني وفي إشراقات الفضول.. إلخ. إن الوحدة من معانيها الأثرة والمحبة والتسامح والصدق مع الذات ولملمة المبعثر من دواخلنا.. بمعنى آخر إعادة صياغة الذات المتوحدة لتصبح وسطاً مملوءاً بأكاسير الحياة التي تمنحنا إشراقة الحضور في المشهد الإنساني المعاش. علينا دائماً ألا نفكر بالسلبيات وأن لا نوطّن الأنانية ونجعل لها حيزاً مكانياً على الأرض علينا أن نتعود أن نرى الابتسامات الصادقة الممتدة من القلب إلى القلب.. ومن البحر إلى البحر ونعالج ما نطمح إليه وفق رؤى لايختلف أحد عليها.. علينا أن ندع الأرض جانباً ونسمو كباراً .. لأن القدر قد صاغ ذلك بعلم من عليم حكيم ونرمم ذواتنا وأن نضع كما أسلفنا رؤى ننطلق من خلالها إلى ذواتنا لنصنع غداً مشرقاً نكبربه .. ونتفق أن يكون ضمن عقد اجتماعي نرعاه بأحداقنا وتتحقق فيه المواطنة الحقة للجميع.