حصلت الثورات في كل العالم- غالباً- ضد القبح والفوضى والأمراض والتخلف والجهل والعنصرية والطائفية والمناطقية, وكافة السلبيات الأخرى. كانت الأمم خاصة في منطقة الشرق الأوسط غارقة في الظلام, فلا كهرباء, وكانت غارقة في الجهل فلا مدارس ولاجامعات وغارقة في الظلم فلا محاكم ولاقضاء حديث, وبدون تواصل فلا طرق ولا اتصال في الداخل ولامع الخارج.. لاطائرات ولاسفن ولاهاتف أو أي قنوات أخرى. جاءت الثورة, فكانت الكهرباء والمدارس والجامعات والمعاهد التقنية والنظافة وغير ذلك من أسباب التقدم.. الثورة إذن خير للأمم وانتقال بها من غيابات القرون إلى آفاق الحداثة المدنية والتقدم وظلت الثورات تطلب المزيد من أسباب الحضارة والمدنية, فكل يوم تكتشف الاختراعات لما فيه مصلحة الانسان وتختصر المسافات. أذكر ويذكر معي كثير من أبناء الشعب اليمني أن صاحب تعز إذا أراد أن يذهب لصنعاء كان عليه أن يكتب وصيته ويسير ضمن قافلة أو ركب من الأصدقاء والمسافرين, وكان عليه أن يحمل زاداً وماء, وودعه أهله وسط ضجيج من الباكين والخائفين فلا يدري أحد هل سيعود أم لا.. نظراً لطول المسافة وما فيها من أهوال ومشاق. لم يكن أحد في اليمن يسهر ساعات بعد العشاء, فبعد المغرب وتناول طعام العشاء- إن وجد- ينام الناس.. جاءت الثورة بالكهرباء وبالمواصلات, طيارات وسيارات وسفن، وعرف المواطن اليمني كثيراً من مناطق بلاده المترامية وعرف كثير من اليمنيين بعض دول العالم وتخرج مئات الآلاف من المدارس والجامعات والمعاهد العليا في الداخل والخارج.. غير أن هناك قوى ظلامية لاتريد أن نتقدم, بل إنهم يجدون أنفسهم أعداء للحضارة الانسانية, بل يجدون سعادتهم في التخلف وكل مايمت للجهل والتخلف بصلة.. إنهم ينسفون أبراج الكهرباء, ويسرقون الممتلكات العامة ويقطعون الطرقات ويخيفون الناس.. إنهم يقومون بدور الشيطان الرجيم, بل إن الشيطان لم يكن شريراً إلى هذا الحد الذي بلغوه.. ومن المؤسف أن دعوتهم هي دعوة الثورة.. إنهم عار في جبين الثورات, بل إن الثورة التي يدعون زوراً وبهتاناً انتماءهم إليها إنما هي ثورة ضد الجمال والحرية والحق والعدل والخير، اللهم إلا إذا كانت ثورة الجهل وغابر القرون. إن الثورة اليمنية مستهدفة وواجب كل أبناء اليمن أن يقاوموا هذه العصابات الحاقدة على ماأنجزه شعبنا طيلة عقود من البناء والإعمار.. إن هؤلاء المخربين من أي طرف كانوا وتحت أي مسمى صنفوا ينبغي أن يرموا في مزبلة التاريخ. أما شباب الثورة اليمنية الأحرار فهم الشعلة التي تضيء الحاضر والمستقبل فهم القدوة في الجمال والسلام والحرية.