إن اليمن اليوم يمر بمنحدر قاتل، لو فقد توازنه ونظامه ومؤسساته سينقلب جحيماً على الجميع، السلطة والمعارضة المجتمع والدولة الشرفاء والفاسدين الأغنياء والفقراء، العسكريين والمدنيين.. اليمنيون جميعاً في الداخل والخارج سيدفعون فاتورة الصراع السياسي الأحمق، لن ينجو أحد من الكارثة. من المتعارف عليه عقلاً وشرعاً أن للاختلاف حدوداً يقف عندها ولا يمكن لأحد تجاوزها،مثلما أن للمماحكات والمراهقات السياسية والحزبية سقفاً لا تتعداه، لأن الأمر يتحول تلقائياً إلى صراع خارج النطاق السياسي والحزبي والديمقراطي.. الصراع المحتدم في الساحة اليمنية عبارة عن أعمال انتقامية همجية يمارسها فرقاء المصالح، تديرها أجنحة قبلية ومتطرفة متخفية في مكونات بعض الأحزاب ظهرت بوضوح من خلال العمل الإجرامي الذي استهدف الأخ رئيس الجمهورية في جامع النهدين، هو نفس المخطط الذي استهدف ساحات الاعتصام، سعياً لتأزيم الوضع وخلق مبررات الفوضى وقطع الطريق بين السلطة والشباب المعتصمين. المؤسف أن صراع الفرقاء لم يقف عند أشخاصهم وأحزابهم ومصالحهم، بل تعداهم، خرج عن السيطرة ، تشكل في معاناة يومية تستهدف اليمنيين على اختلاف شرائحهم وأوضاعهم، ساحات الاعتصامات لم تعد تلك التي حلمنا معها بخطوات تغييرية ناجحة ومثمرة وآمنة، في الأشخاص والآليات والمشاريع والمؤسسات تحولت تلك الساحات إلى عصا سحرية بيد متنفذين وفاسدين يشيعون بها الفوضى ويصفون من خلالها حساباتهم وأحقادهم، أهداف الاعتصامات انحرفت عن مسارها إلى مدارات ومشاريع لا تخدم الحاضر ولا المستقبل اليمني. الضرر الذي أصاب المواطن اليمني في معيشته والوطن في أمنه واستقراره ووحدته وسمعته واقتصاده يزداد يوماً بعد يوم، المعاناة اليومية يتسع نطاقها وثقلها وتأثيرها على المواطنين بشكل ينذر بفوضى عارمة، الجماهير اليمنية.. ستقتلع كل فرقاء السياسة، ستثور حتى ضد ساحات الاعتصامات التي جلبت الفوضى والمعاناة حين سلمت قيادها وأمرها للمتنفذين وأرباب الفساد وعتاولته وارتضت أن تكون سلاحاً بأيديهم يسلطونه على من يشاؤون. السفينة اليمانية توشك على الغرق، علماء الساحات والصراعات يحفظون حديث السفينة، الذي حذرنا فيه نبينا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ألم يعلموا أن السفينة قد أشبعت خرقاً وتكسيراً وتدميراً. اليمنيون جميعاً أحزاباً ومستقلين معنيون بإنقاذ السفينة اليمانية والتفكير قليلاً بمسئولية وأمانة بما ستؤول إليه اليمن الأرض والإنسان.. تقديم التنازلات والتضحيات السياسية والجلوس إلى طاولة الحوار لإنقاذ البلاد من الانهيار أصبح في حكم الفريضة الدينية والأخلاقية والوطنية والإنسانية، لأن التمادي في الخصومة أكثر من ذلك جريمة في حق اليمن واليمنيين. أن نرتقي إلى مستوى المسئولية الوطنية أمر يحتاج إلى برهنة عملية من قبل الجميع السلطة والمعارضة. غرق السفينة اليمانية – لا قدر الله ذلك – لن يقود إلى التغيير والإصلاحات واليمن الجديد، بل سيقود إلى التدمير والخراب وتحويل اليمن إلى مستنقع للعنف والأعمال الإرهابية ، سنفقد السلام.