اليوم نستقبل ضيفاً عزيزاً على قلوبنا جميعاً وهو رمضان المبارك هذا الشهر الذي ينتظره الكبار والصغار بلهفة وشوق فهو سيد الشهور وفسحة الدهور وهو شهر الخير والبركات وشهر العبادة وقراءة القرآن، شهر الصبر والجهاد والانتصارات وهو خير حبيب ننتظر وخير غائب يعود ونحن اليمنيون بصفتنا أهل الإيمان كما وصفنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله : «الإيمان يمانٍ» نجعل من رمضان شهراً ذا لون وطعم ونكهة أخرى حيث تتصافى القلوب برمضان وتكثر مجالس الذكر ويصبح لكل شخص برنامجه الخاص به حيث يتم تقسيم الوقت بين طلب الرزق وبين الاعتكاف في المساجد وبين مجالس التذاكر والتناصح وتلاوة القرآن. ومع وجود هذه التغيرات الإيجابية التي تطرأ على أحوالنا في رمضان إلا أن هناك بعض العادات غير المحمودة يعتاد عليها البعض في رمضان كالسهر في الليل والنوم طوال النهار والخروج على الناس بوجه عبوس وقلة الصبر أما البعض فتكون أخلاقه حميدة فيحفظ لسانه ويصونها من وقت أذان الفجر إلى أذان المغرب فمن أخطأ في حقه بهذا الوقت فسيكون الرد بكل أدب ووقار “ اللهم إني صائم “، وبعد الفطور ينقلب حاله ليعود للسب والشتم! إذن هل آن لنا أن نتغير ؟! وإن لم نتغير أو ينصلح حالنا في رمضان فهل سينصلح بعده ؟! ويأتي شهر رمضان هذا العام وأمتنا العربية والإسلامية ومنها بلادنا الحبيبة اليمن تمر بظروف عصيبة تكاد تعصف بها فأصوات تنادي بالتغيير وأناس هناك يفجرون الأوضاع ويقتلون النفس المحرمة فإلى كل إنسان يريد التغيير اعلم أن التغيير ليس بترويع الآمنين وسفك الدماء وإنما بتغيير النفوس يقول الله تعالى : «ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ»، إذن فرمضان فرصة ذهبية لمن أراد إصلاح الأحوال وتغيير النفوس فليغتنم الجميع الفرصة ولنبدأ من هذه اللحظة لنجعل من رمضان نقطة تحول في حياتنا, وهناك خطوات عملية لتغيير النفوس أوردها لكم كي تعم الفائدة: أولاً : وضوح الهدف ودقة تحديده مع إمكانية الوصول إليه كشاب طموح يريد أن يحقق هدفاً أو آخر يريد أن يقلع عن عادة سيئة خلال هذا الشهر، فحدد الهدف ووضحه بدقة. ثانياً : حدد الوسائل المعينة للوصول للهدف كطبيب أو صديق أو قراءة أو تدريب واحذر الطموحات البراقة ولكن على قدر إمكاناتك فتنبه فقد تكون قدراتك أكبر مما تقوم به الآن فلا ترض بالدون ولكن أيضاً ضع نفسك في مكانها الحقيقي دون تكبر أو خسران. ثالثاً : ضع لنفسك برنامجاً عملياً مكتوباً محدد الأوقات لتحقيق تلك الوسائل الآنفة الذكر كأن تحاول أن تتخلص كل أسبوع من عادة سيئة واحدة أو أكثر وتذكر القاعدة التي تقول : «إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل»، وكرر النظر والقراءة لخطة العمل وتذكر دائماً أن شهر رمضان شهر عمل لا شهر كسل. رابعاً : ابدأ التنفيذ وتذكر أن الفشل طريقك إلى النجاح فإذا فشلت مرة فتأكد أنك على الطريق الصحيح، واعلم أن الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل وتعلم من أخطائك واجعلها وقودك إلى النجاح، المهم لا تقول فشلت ولو كررت مرات. خامساً : اكسر حاجز الخوف ولا تتخوف من التغيير كما يفعل الكثيرون، فكثيراً ما نخاف من أي جديد، تذكر أن مبادرة واحدة أفضل من مئة كلمة، وأن الأفعال هي الطريق إلى النجاح، وأن إشعال شمعة واحدة خير من أن تتذمر من الظلام ألف مرة، ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر. سادساً : استشر الآخرين حول خطواتك القادمة، واستشر خاصة الناجحين والذين يريدون الخير لك، ومن تثق برأيهم، ولا تستشر ضعفاء الهمم، أو الحساد أو المجاملين لك. سابعاً : افرح بنجاحك، وكافئ نفسك على النجاح مهما كان النجاح جزئياً، ففرحك بالتغيير للأفضل ولو كان يسيراً سيقفز بك إلى الأمام. وأخيراً :احرص على التقييم والمراجعة والمصارحة واحذر من الاستسلام للفشل أو العجز او التسويف ثم اعلم أن للتغيير الناجح شروطا لا بد من توفرها: أولاً : الإرادة والرغبة الأكيدة والجادة في التغيير.. ثانياً : المعرفة للطرق الصحيحة للتغيير المطلوب.. ثالثاً : التطبيق الصحيح.. رابعاً : البدء من الداخل.. خامساً : الاستمرار والعزيمة حتى تحقق ما تريد، فأنت تقوم بمشروع بناء نفسك، وبناء شخصيتك، فلا بد من حفر الأساس في أعماق نفسك، ثم البدء خطوة خطوة حتى يتم بناء شخصية عظيمة وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم. إذن فلنستشعر ما في رمضان من جمال وتغيير وخصائص وفضائل، ونحاول أن نستثمر هذا الشهر المبارك لنخرج بأكبر قدر ممكن من الفوائد فرمضان مدرسة لتهذيب الخلق وتقوية الروح، ورمضان هو الفترة الروحية التي تجد فيها النفس فرصة لإصلاح ذاتها ومراجعة حساباتها. ورمضان محطة لتعبئة القوة النفسية والروحية والتي تحتاجها كل امة في الحياة ويحتاجها كل فرد في المجتمع، ومدرسة الصوم تخرّج رجالا أقوياء في الروح والجسد، ورمضان فرصة لا تعوض للتعليم والتغيير والتخلق بأخلاق جميلة، والتخلي عن كل الأفعال القبيحة، ولن ينجح في الحياة ولن يثمر ولن يحقق أهدافه إلا الرجل الجاد فيها، وهي دعوة إلى كل شاب وشابة لتحكيم العقل والمنطق في كل الأعمال ومعرفة طريق التغيير الصحيحة وفتح صفحة جديدة مع بداية رمضان ليعود الأمن والاستقرار وتعود كل معاني الحب والإيثار في كافة أرجاء وطننا الحبيب.