تعز العاصمة الثقافية تعيش في ظل مخالفات بيئية لاعلاقة لها بالطابع الثقافي الذي تتزين به وتجعله مفخرتها أمام الزائرين. ونحن نرى أن تلك المخالفات المخلّة بجمال هذه المدينة ليست إلا مفارقات تثير العجب؛ لأنها ليس لها أسباب منطقية, بل إنها تصبح اليوم من جملة أشياء معتادة لم تعد تثير فينا الرغبة في معالجتها, بقدر إظهار التصالح معها.. وهذه بعض ماتقف عليه الأعين من تلك المفارقات: - سيول ليست من مطر!! كثير من شوارع تعز وأحيائها يُغرق ممراتها فيضان بيارات الصرف الصحي, والمارّة- حيال ذلك- يحاولون ما استطاعوا اتقاء المرور في أماكن جريان تلك المياه, وأيضاً اتقاء تنسّم تلك الروائح الكريهة المنبعثة من هذه الآفة البيئية, وقد ينجحون, لكن تتضاعف المعاناة وتكثر فرص الفشل حين يزداد جريان تلك المياه واختلاطها بمياه السيول عند نزول المطر في هذه الأيام, إذ تتسبب السيول في تفجير البيارات وعندها يشتكل على المارّة التمييز بين مياه الأمطار فيكون السير آمناً وبين مياه البيارات فيكون التحاشي والوقاية.. وحسبنا أن نقول: أين هو دور الجهات المعنية لمعالجة هذه المشكلة البيئية المؤرقة؟!. - طين ليس من تراب!! وإلى جانب مشكلة الصرف الصحي تأتي مشكلة بيئية تستوطن وسط المدينة لاسيما في الأحياء التجارية .. وجوهر هذه المشكلة أن قصور الأداء في أعمال النظافة يجعل وسط الشارع مليئاً بكراتين وقصاصات عادةً ماتخلِّفها حركة البيع والشراء لاسيما في قُبيل حلول العيدين: الفطر والأضحى, وليس هذا هو نهاية المشكلة, فعودة أسواق القات إلى وسط المدينة أسهم في زيادة عدد الكراتين الفارغة في الشارع, ومع بقاء هذه الكراتين يكون الحال في هذا الموسم الممطر أن تتحلل هذه الكراتين وتصبح طيناً يغطي طبقة الإسفلت أو أحجار الرصف.. وهو مشهد يومي مقزز يحيل الشوارع إلى أماكن مليئة بالخرائب والقمامات والطين الذي يعيق سير المارّة ولابد أن يصيب ثيابهم شيء منه .. ونحن في هذه المشكلة لانلقي باللوم وحده على صندوق النظافة لأن المواطنين أنفسهم “التجار وباعة القات وغيرهم من الباعة الذين يفترشون الأرصفة” لابد أن يعوا دورهم البيئي والحضاري في الحفاظ على نظافة مدينتهم والحيلولة دون تحولها إلى وحل من الطين والخرائب وسيول الصرف الصحي.. إذ لابد أن تكون شوارعنا نظيفة حتى نعمق معنى أن تكون “تعز” مدينة الثقافة. - براميل قمامة مستحيل تفريغها!! بسبب جغرافيتها الجبلية أصبحت تعز اليوم مدينة العبّارات والجسور المخفية .. لكننا لانعلم سر ترك بعض “السوائل” دون غطاء أسمنتي من شأنه أن يحيل أسقف هذه السوائل إلى شوارع مفتوحة تجر عليها حركة المركبات في مدينة مزدحمة هي أحوج إلى كثرة الممرات والشوارع لتصريف الحركة وتبديد مظاهر الازدحام .. فهذه الصهاريج “السوائل المفتوحة” تتوسط اليوم شوارع حية وكثيرة السكان, وهو ماجعلها- أي هذه السوائل- تتحول إلى براميل عملاقة لتجميع القمامة وتكديسها .. وحتى تأتي سيول الأمطار الجارية من هذه السوائل فتسحب معها هذه الأكوام من القمامة؛ فإن المار من هناك يظل يستاء من تلك الروائح الكريهة المنبعثة من هذه الصهاريج جراء تعفن أكوام القمامة فيها .. علاوة على ذلك؛ المنظر غير الحضاري الذي شوّه وظيفة تلك الصهاريج وأبعدها عن دائرة المعالجة البيئية بتصريف السيول, مُدخلاً إياها في وظيفة معاكسة وهي “تجميع القمامة”.. إنها مفارقة بيئية تحتاج معالجتها أن يعي المواطن سلبية اللجوء إلى هذه الصهاريج لرمي القمامة وأن يعي عمال النظافة مسؤوليتهم في تغطية العمل النظافي وتعميمه على كل الأحياء والشوارع الفرعية. ختاماً نقول: إن ظروف الوطن اليوم لاتعني أن نترك مدننا حظائر, وشوارعنا أوحالاً, وأجواءنا روائح تزكم الأنوف .. نقاء البيئة ونظافة المدينة وجمال مظهرها مسؤوليتنا جميعاً, والحفاظ عليها حفاظ على الحياة.. فهل أدركنا ذلك؟! وإذا كنا قد أدركنا فلماذا لانرتدع عن فعل كل مايخّل بسلامة البيئة التي نحيا بها؟!. من الآن أقول لكم: خواتم مرضية.. وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير.