المغتربون اليمنيون في كل بلدان العالم كانوا حاضرين بوجدانهم مع بلدهم في خضم الأزمة التي عصفت به على مدار عام كامل، تركوا أعمالهم ودراستهم وعلاجهم وانكبوا أمام الفضائيات لمتابعة ما يحدث في الوطن، لأنهم يرون أنفسهم جزءاً منه . فرح المغتربون أيما فرح بانفراج الأزمة وانقشاع الغمة، فهم مثلما شاركوا أخوتهم في الداخل مختلف الأحزان، فإن لهم نصيباً في الأفراح، فقد عاد لبيوتهم سرورها الذي انقطع، وبدأوا يحلمون بيمن جديد، يمن يتسع للجميع ويضم أهل الداخل بالخارج طالما وانما يجمعهم هو حب اليمن. وزادوا فرحاً حين سمعوا عن مشاركتهم في الانتخابات الرئاسية المبكرة المزمع إجراؤها في 21 من فبراير الجاري، والمرشح فيها المشير عبد ربه منصور هادي كشخصية توافقية من الجميع، ولأن المصدر الذي أعلن عن مشاركتهم هو رئيس اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء القاضي الحكيمي، فقد زاد يقينهم أن الوطن يدعوهم ليشاركوه أفراحه كما عاشوا أتراحه طيلة الأشهر الماضية. ولكن نفس المصدر الذي زرع الأمل في نفوس المغتربين هو ذاته من قتله فيهم، فلم تمر أيام على إشعار مشاركتهم بعد الترتيب مع السفارات والجاليات الموجودة في البلدان التي يعيشون فيها، حتى صرح نفس المصدر بعدم المشاركة، وهو خبر نزل كالصاعقة على أولئك الحالمين في المشاركة الانتخابية. التخبط الذي عاشته اللجنة من خلال هذه الواقعة - بين إثبات المشاركة ونفيها - بالذات لم يغضب فقط وزارة المغتربين ممثلة بوزيرها القهالي، ولكنها أحبطت وللأسف الشديد كل الراغبين بالتصويت من أبناء الجاليات اليمنية في الخارج، لاعتبارات عدة أولاً لأنه جاء بعد التصريح بمشاركتهم، وثانياً لأن الأسباب الواردة عن عدم إمكانية مشاركتهم لم تكن مقنعة إطلاقاً. جاء من ضمن أسباب الرفض أن هناك صعوبة في حصر الناخبين، وهنا نطرح تساؤلاً مهماً، كيف سمح لمن في الداخل قد سمح من الذين بلغوا السن القانونية بالإدلاء بصوتهم لأول مرة؟، فعلى هذا الأساس كان يمكن تطبيق هذا المبدأ على المتواجدين في الخارج، والذين يعتبر حصرهم أسهل بكثير من الذين في الداخل، فهم على الأقل مقيدون في السفارات عبر القنصليات، كما أن تواجد ما يقارب ثلاثة ملايين ونصف المليون مغترب ليس أمراً صعباً فالأكيد انه ليس كلهم بإمكانهم التصويت، إما بسبب الرغبة الشخصية أو لعامل السن أو للبعد الجغرافي عن مقر التصويت، ولكن رمزية التصويت مع الوطن هي التي كان يحتاجها المغتربون من لجنة الانتخابات. طريقة الانتخابات الرئاسية المبكرة في هذه المرة كانت مناسبة كبيرة لمشاركة المغتربين لعدة أسباب أولها أنهم عانوا من الأزمة كالموجودين بأرض الوطن ويريدون الإسهام في الخروج منها، وثانيها أنها محسومة في رئيس توافقي وهذا ما سيسهل المهمة أكثر مما لو كانت بين أكثر من مرشح، وثالثها أنها تعد فرصة كبيرة للجنة لحصر الذين يحق لهم التصويت وفي أجواء هادئة، حتى يتسنى إشراكهم الحتمي في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة بعد سنتين، خصوصاً بعد أن شاهدنا إخوتنا المصريين ورغم أعدادهم الكبيرة يدلون بأصواتهم في الخارج لمرشحي برلمانهم. في اعتقادي أن الأمر مازال مواتياً حتى تعود لجنة الانتخابات لقرارها الأول والقاضي بإفساح مشاركة المغتربين في التصويت، وسوف يساعدهم في ذلك بلا ريب شغف المغتربين بالمشاركة وحتى يحسوا بأن الانتخابات هذه المرة فيها تغيير عبر تصويتهم فيها، كما ستسهم وزارة المغتربين بالتنسيق عبر وزارة الخارجية مع السفارات والجاليات الموجودة في بلدان المهجر لتذليل الصعوبات التي قد تعترض سيرها الحسن. والمحصلة النهائية شارك المغتربون في هذه الانتخابات أو لم يشاركوا فإن وطنهم سيظل حاضراً فيهم، وسيكونون صوتاً واحداً مع المشير عبد ربه منصور هادي كمرشح للشعب كله في الداخل والخارج، لأنهم يرون فيه طوق نجاة، لأن الانتخابات هذه المرة ليست غاية في حد ذاتها ولكنها وسيلة لانفراج الأزمة ولفتح قنوات الحوار بين جميع اليمنيين من اجل يمن واحد متقدم ومزدهر. باحث دكتوراه بالجزائر