شرطة تعز تعلن مقتل المتهم باغتيال افتهان المشهري خلال مقاومته للحملة الأمنية    رئيس إعلامية الإصلاح يعزي الكاتب الصحفي حسين الصوفي في وفاة والده    ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بين الحقيقة والمزايدة    منظمة أمريكية: لدى القوات المسلحة اليمنية ترسانة عسكرية تهدد أسرائيل    هيئة شؤون القبائل تستنفر لاحباط مخططات اثارة الفتنة    المعرفة القانونية للمواطن تعزز العدالة وتحمي الحقوق    بعير اليمن الأجرب.. الإخوان المسلمون: من شريك مزعوم إلى عدو واقعي    بلباو وإسبانيول يكتفيان بالتعادل أمام جيرونا وفالنسيا    تشيلسي يتجنب المفاجآت.. وبرايتون يكتسح بسداسية    إيزاك يسجل.. وليفربول يتأهل    قوات أمينة تهاجم منزل أحد مشائخ شبوة في الغيظة    62 ألف حالة وفاة في أوروبا عام 2024 بسبب موجات الحر    محللون: ترامب يحاول توريط العرب عسكريا في غزة مقابل وقف الحرب    مباراة مصيرية لمنتخب الناشئين اليوم امام الامارات    8 وفيات في الحديدة بالصواعق الرعدية    حضرموت.. تفريق وقفة احتجاجية للتربويين بالقوة واعتقال قيادات نقابية    الليغا: ريال مدريد يواصل انطلاقته الصاروخية بفوز سادس على التوالي    مليشيا الحوثي تشن حملة اختطافات جديدة في إب    جمعية الصرافين بصنعاء تعمم بإيقاف التعامل مع شركة صرافة    صنعاء.. الداخلية تعلن الاحتفال بالمناسبات الوطنية رسميًا وتمنع أي نشاط خارج الإطار الرسمي    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ أحمد محمد الهتار    350 كشافا يشاركون الخميس ايقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر بصنعاء    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    علامات تحذير مبكرة.. 10 أعراض يومية لأمراض القلب    بن الوزير يتابع تأهيل مبنى الإدارة المحلية في شبوة    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    اجتماع للجنة تسيير المشاريع الممولة خارجياً في وزارة الكهرباء    انفجار قرب سفينة تجارية في خليج عدن    الأرصاد يتوقع أمطارًا متفاوتة الشدة على عدة محافظات    هكذا يتغير الشرق الأوسط.. الصراع السعودي الإسرائيلي    إتلاف 5.5 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في البيضاء    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين وممثلي القطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    البقوليات وسيلة فعّالة لتحسين صحة الرجال والتحكم في أوزانهم    الديوان الملكي السعودي : وفاة المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    الذهب عند ذروته: ارتفاع قياسي في الأسعار    احترام القانون اساس الأمن والاستقرار ..الاجراءات تجاه ماموري الضبط القضائي انموذجا    الرئيس الزُبيدي يلتقي رئيس اللجنة الدولية للإنقاذ ويشيد بجهودها الإغاثية والتنموية في بلادنا    تعرف على هوية الفائز بجائزة الكرة الذهبية 2025    الإمارات تدعو مجددًا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته لردع إسرائيل    غموض يكتنف اختفاء شاعر في صنعاء    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    عبقرية "سورج" مع برشلونة جعلته اقوي جهاز فني في أوروبا..!    حين يُتّهم الجائع بأنه عميل: خبز حافي وتهم بالعمالة..!    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    صحة بنجلادش : وفاة 12 شخصًا وإصابة 740 آخرين بحمى الضنك    نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة ومدير صيرة يتفقدان أعمال تأهيل سينما أروى بصيرة    لقاء تشاوري بين النيابة العامة وهيئة الأراضي لمناقشة قضايا أملاك الدولة بالوادي والصحراء    صحة البيئة بالمنصورة تشن حملة واسعة لسحب وإتلاف "شمة الحوت" من الأسواق    عدن.. البنك المركزي يكشف عن استخدامات المنحة السعودية ومستقبل أسعار الصرف خلال الفترة القادمة    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤسسات والتفريخ الحزبي
نشر في الجمهورية يوم 14 - 02 - 2012

على مسرح تلك السيناريوهات الهلامية الشكل، المتضاربة الاتجاهات المتجاهلة العواقب وهو الجحود برمته.. والتي أضفت إلى الزخم الثوري أبواقاً مبرمجة وقنوات بمشاهد مدبلجة.. لتوهج وتيرة الحمى الفوضوية، ولك أن تصفها بالحمى الشوكية التي تودي بصاحبها إلى مرحلة الهذيان وفي شتى المؤسسات الحكومية بسبب وبدون سبب، والتي تدير أسنتها أيادٍ شيطانية تتراشق بسهامها من خلف حقائبها الشبطاء.
لتلك الأيادي الخفية بصمات ليلية تشرئب لها أعناق ذوي الأحزاب.. وتتفرعن أذيالها العقربية ما بين آونة وأخرى هنا وهناك، تسري روائح نتنها في كثير من المرافق والمؤسسات الحكومية التي لعب التفريخ الحزبي فيها دوراً هداماً، يُجذر العنصرية والمحسوبية والطائفية ونحوها من تلك الأوباء السياسية والاجتماعية، والتي اجتاحت القطاع الحكومي بشكل عام.. ولا أظن أنْ يكون القطاع الخاص في منأى عن ذلك وإنْ لم يشعر بها البعض بما تحمله من اكتساح للأنظمة والقوانين وتثبيت للمصالح الحزبية والمجاملة والمحسوبية ونحوها من تلك العاهات التي امتدت أطرافها مسافات، والتي لا أظنها ستنتهي في ظل الصراع القائم على قاعدة التطرف والولاء الحزبي الأرعن.
وتلك الأيام نداولها بين الناس ما أشبه اليوم بالأمس، والغد سيكون أقرب، ودوام الحال من المحال وكما تدين تدان وفي ظلال تلك المشاهد التي تستوقفك بضعة من الزمن للتأمل بين زوايا أرقامها وهمسات حروفها.. كم نرثي لتلك العناصر الحزبية بؤسها حين تدير تلك المحافل الفوضوية بمعتقداتها الوهمية التي تتشدق بها على الآخرين في كل محافلها ولا تطبقها على ذاتها.. كم نرثي لها بكائياتها التماسيحية من وراء سطور مقروءة.. كم نرثي لها ثقل تلك الأقنعة التي ارتدتها وبصناعة غير وطنية.. كم نرثي لحالها وهي تبحلق بإحدى عينيها بين أرجاء المؤسسات الحكومية، طمعاً بتنصيب ذاتها وأتباعها لتلك المناصب التي يجتهدون في تفريغها من الفاسدين على حد زعمهم الذين سيرحلونهم، وإشغارها بذواتهم وأتباعهم فهم أهل الشرف والنزاهة وهم من يحترمون المبادئ الوطنية وهم من سيحققون العدالة الاجتماعية..؟!
وبطرق مكشوفة لا يثنيها الضمير أو الحياء، وهي أيضاً تقدم ذويها للآخرين وقد جهزت لهم لوحة الشرف والبطولة مخطوطة بماء الذهب والفضة في النزاهة والولاء مذيلة بالإشادة والثناء الجميل الذي تعجز أن تسطر في حقهم الأقلام وأنّ هؤلاء هم المصطفون الأخيار وأنهم من ستقوم على سواعدهم النهضة العمرانية والمدنية والتقدم والازدهار.
وفي العين الأخرى تحرض أولئك التائهين إلى الفوضى الخلاقة بأبسط الاحتجاجات والتي تناقض العقل والمنطق وتتجاوز الزمان والمكان وتركل بأقدامها كل القيم والمبادئ.. وإذا امتثلت أمامها سترسل اليك ابتسامة ثعلب من وراء الأسنان.
من يحسن قراءة الواقع بما يحمله من مفارقات ومعطيات ومشاكسات سياسية واجتماعية واقتصادية سيستلهم الكثير من المؤشرات التي هو بحاجة لأن يفك شفراتها ويدرك أبعادها، كم من الشخصيات الحزبية التي سقطت أقنعتها وتكشّفت أستارها وعبّرت عن أطماعها دخولاً في مضمار سباق التقاسم لتركة الرجل المريض، لذاتها ولذويها وبصورة مكشوفة غير مكترثة لعيوبها أو مكانتها أو...
وهذه من أجلّ الفوائد للمحن والرزايا التي تنزل بالأمة لتكشف وتبين لنا المنافقين وتسقط أقنعتهم المزيفة وتظهر حقائق ما كانت لتظهر في الأيام العادية حتى يتعرّوا أمامك بكامل صفاتهم القبيحة التي طالما تستّروا عليها بمعتقداتهم الوهمية وكلامهم المنمّق، وأمثال هؤلاء ستجدهم في مضمار المتحزبين وستجدهم أحرص الناس على الحزبية بشكل عام.
وحتى يتأتى تطبيق وتفعيل دولة النظام والقانون فلابد أنْ يؤخذ في الاعتبار تنظيف وتطهير كافة المرافق الحكومية من فيروسات التفريخ الحزبي التي تزرع خلاياها في العديد من المنشآت الحكومية وغير الحكومية، وللأسف مع وجود هذا الداء الذي ترتب عليه الكثير من التجاوزات والمخالفات القانونية والأخلاقية ونحو ذلك، هذا إذا صدقت حكومة الوفاق في بناء دولة مدنية يسودها النظام والقانون، ولابد أنْ يكون مقابل ذلك تفعيل جانب السيادة المطلقة للمستقلين الذين يتقدم ولاؤهم لله ثم الوطن بعيداً عن المصالح والولاءات الحزبية والمجاملات القبلية التي أفقدتهم دينهم ودنياهم .
الوطن أم الشباب..؟
وفي حين مضت الأحزاب بشياتهم السمينة بقي الشباب العزّل في مربع حقولهم الصغيرة وأفقهم الضبابي المحتوم، يتراهنون ويساومون ويتوعدّون ودون أدنى مؤشرات أو حتى وثائق ستضمن لهم ما يؤملون و يحلمون وسيظلون يحلمون ويحلمون..
لا يخفى على أحد منا الدور الذي لعبته وتلعبه الأحزاب السياسية حين أخذت الصدارة واستولت على المنصة الإعلامية وتقدمت باسم الشباب كوصية شرعية عليهم، بتلك العباءة الفضفاضة واستطاعت أن تلملم الشباب تحت سياج خيامها المقدسة في حين تكون الأحزاب قد حازت على نصيب الأسد من تلك التركة المتسابق إليها بلهفة، ونظل في تساؤل دائم عن نصيب الشباب كم سيكون حجمه وامتداده أمام الطوفان الحزبي الذي يرتكز بالأساس على الولاء المطلق للحزب ومصلحة الحزب فوق كل اعتبار، والذي يتجاوز في شريعته مصلحة الوطن ويتجاوز القيم والأعراف وقبل ذلك الدين إذا كانت الأحزاب تؤثر مصلحتها عن مصلحة الوطن فهل سيكون الشباب أهم من الوطن؟! لا أظن ذلك قط.
الغارقون في أحلام اليقظة كم هم مساكين ولا ندري متى سيصحون أو أية نازلة سيستيقظون على دخانها - وما أشبه حالهم بأولئك الأصدقاء الثلاثة الذين ساهموا في شراء دجاجة، واتفقوا على أن يرتاحوا قليلاً وبعد أن يستيقظوا من نومهم تكون الدجاجة من نصيب من يحلم حلماً لا يصدق.. وناموا وعندما استيقظوا بدأوا في حكاية ما حلموا به.. قال الأول: حلمت أني أطير في الجو فوق السهول والوديان.. وقال الثاني: حلمت أني في سابع أرض ورأيت عالماً وأشياء لم يرها أحد من قبل.. فرد الثالث وقال: أما أنا فلم أحلم.. لأني لم أنم أصلاً.. كنت جائعاً فأكلت الدجاجة!! رد عليه الاثنان بعصبية وضيق: ولماذا لم تنادِ علينا لنأكل معك؟ قال: كيف يصلكم صوتي فأحدكم طائر في الجو والآخر في سابع الأرض.
فاز ثالثهم لأنه لم ينتظر الأحلام وتعامل مع الحقائق رأي العين ووفّر على نفسه تضييع الوقت والمجهود.. وهكذا حال شبابنا اليوم بينما غيرهم قد وضعوا أقدامهم على موقع ملموس في حين تجد الشباب لا يزالون يتراهنون على الأحلام فمتى يستيقظ الشباب على واقعهم كما استيقظ ذلكما الاثنان على الدجاجة التي قد أكلها صاحبهما الثالث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.