وعد الله عباده المؤمنين الذين آمنوا به حق الإيمان ولم يشركوا به شيئاً أن يمكن لهم في الأرض وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمناً بشرط أن يعبدوه سبحانه ولا يشركوا به شيئاً ووعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم – بارتفاع الملك الجبري عنهم لأن الحكم الجبري حكم ظالم وغاشم ومتسلط وجبار لا يرحم أبداً وكان الناس في نعيم يوم أن كانوا يحتكمون لشريعة الله تعالى – انتهت النبوة وجاءت الخلافة على منهاج النبوة وسارت على نفس المسار ولما بدأت الأمور بالسير عكسياً وبالانحدار بدأ الخلل يدب في هذه الأمة فبعد أن كان الحاكم يتولى الحكم بالاستشارة وبالانتخاب صار الملك يورث وكل يورثه إلى ابنه أو إلى أخيه وهكذا ثم زال لأن هذا طريق فيه انحراف عن منهاج النبوة ثم جاء حكم أشد منه قسوة وهو الملك الجبري المتسلط المغتصب الذي يقوم على جماجم ودماء وأشلاء الأبرياء والسبب في هذا انحدار هذه الأمة وبعدها عن كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك بسبب فشو الظلم وارتفاع العدل ونقصانه وفشو المحسوبية وهكذا ولكننا اليوم نرى ارتفاع هذه الأنظمة الجبرية المتسلطة الدكتاتورية وهذه بشارة وعلم من أعلام نبوته صلى الله عليه وآله وسلم – لكن هذا لا يعني أنه لن تكون هناك أنظمة تسير على نفس هذا السير إطلاقاً فهذا أمر في الغيب لا يستطيع أحد أن يجزم به إطلاقاً لكنها مبشرات بعودة الأمور إلى طبيعتها بإذن الله تعالى . إن بلادنا كانت تسير سيراً حثيثاً إلى الهاوية نتيجة لتردي الأوضاع سياسياً واقتصادياً وصحة وتعليماً وكانت ستقدم على خطوات كبيرة تزيد من تفاقم الأمور وتفاقم الأزمات على إثر ذلك قامت الثورة الشعبية السلمية في بداية العام الماضي فزاد الحال تدهوراً وكادت البلاد تدخل في حرب تأكل الأخضر واليابس وحدث في الطريق قتل وجرح وتدمير للبنى التحتية وجاءت المبادرة الخليجية كمخرج للبلاد بغض النظر عما فيها من الملاحظات واليوم تنتظر البلاد الاستفتاء على تنصيب المرشح التوافقي لرئاسة الجمهورية ليقودها مع حكومة الوفاق بإذن الله تعالى إلى بر الأمان وإن كانت ثمة منغصات ومخاوف لكنني أتوقع أن يتجاوزها اليمنيون بحنكتهم وذكائهم وحكمتهم وإيمانهم بإذن الله تعالى فلقد تجاوز اليمنيون ما هو أخطر وأشد من قبل وهم قادرون على أن يتجاوزا مثل هذه العقبات التي تعتريهم في الطريق إن هنالك ثلة من أبناء جلدتنا حاقدين على اليمن واليمنيين أصحاب مصالح شخصية ضيقة وبعض هؤلاء ينفذ أجندات خارجية لغرض زعزعة أمن واستقرار البلاد والغرض منه أن تكون لتلك البلدان وأخص بالذكر إيران نفوذ وسيطرة على اليمن وتحكم بممراته المائية الهامة وموقعه الجغرافي الاستراتيجي إن إيران وإن كانت ترفع شعاراً هذا الشعار يتعاطف معه كثير من عامة المسلمين الموت لأمريكا الموت لإسرائيل إلا أنها لم تنكأ عيناً لليهود ولا للأمريكان وإنما هذا شعار أجوف يستعطف به قلوب وعواطف عامة الناس الذين يحملون في أنفسهم غيظاً وغضباً وحنقاً على أمريكا وإسرائيل نتيجة جرائمهم في العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها من البلدان وينسى هؤلاء العامة ما تقوم به إيران من تقتيل لإخواننا السنة في إيران ومن هدم لمساجدهم في إيران ونسي هؤلاء العامة وأنصاف المثقفين ما تفعله إيران بإخواننا السنة في العراق ونسي هؤلاء ما قامت به ولا تزال تقوم به من قتل وتشريد وتدمير في العراق ونسي هؤلاء دعم إيران منقطع النظير لحزب الله في لبنان وما يقوم به حزب الله في لبنان من تقتيل للسنة في طرابلس ويتناسى اليوم أبناء اليمن ما تقوم به إيران من الدعم الواضح الفاضح للحوثيين ولبعض الحراكيين في اليمن لزعزعة أمن واستقرار البلاد إن هذا الوقت هو وقت الاصطفاف الوطني لخدمة اليمن وهو الوقت الذي سيفضح كل أعداء اليمن واليمنيين إن الحوثيين إن كانوا قد كسبوا استعطاف كثير من الناس لأنهم كانوا يسعون لتحقيق مكاسب ويطالبون بحقوق لكن في إطار العمل السلمي وفي إطار وحدة اليمن لكنهم لما سلكوا العنف والتخريب وأرادوا إقامة دولة داخل دولة أبغضهم الناس فكم من أرواح أزهقوها ؟ وكم من معوق في المستشفى أو في البيت ؟ كم من منزل هدموا ؟ ها هم اليوم يحاولون أن يتوسعوا في ظل أوضاع أمنية متردية في البلد لقد أحكموا سيطرتهم أو كادوا على صعدة وحاولوا التوسع في الجوف فلم يستطيعوا واليوم يحاولون التوسع في حجة لكنهم بهذا العمل يحرقون أنفسهم وهم مندحرون إن شاء الله تعالى لأن لهم أجندة خارجية يريدون تنفيذها ويريدون تحقيقها لا من أجل اليمن وإنما من أجل قوى إقليمية تريد فرض هيمنتها وسيطرتها على اليمن . لذلك فالحوثيون وبعض الحراكيين يرفضون اليوم المشاركة في الانتخابات لكنني مع هذا أدعوهم لأن يتراجعوا عن هذا القرار فهو ليس في صالحهم . أعود فأقول إن الانتخابات الرئاسية تتعرض لحملات شعواء من قبل بعض أصحاب المصالح الضيقة لغرض إفشالها أو إضعافها فهم يقولون على سبيل المثال : 1 إن الانتخابات ليست عملا ثوريا وهذا ليس بصحيح فلولا الله ثم الثورة ما سقط النظام ولا سقط التوريث ولقد ظلت الأحزاب سنين تفاوض فما فعلت شيئا ثم إن هذا هو الحسم الثوري المتاح. 2 طالما وهادي مرشح توافقي فلماذا التصويت ؟ ولماذا بعثرة المال وضياع الوقت؟ والناظر للموضوع نظرة سطحية سيقول: هذا كلام صحيح لكن الحقيقة غير ذلك فالاستفتاء على هادي إنما هو في الحقيقة لإعطائه الشرعية والرضى الشعبي وهو استفتاء على التغيير. هل أنت تريد التغيير أم أنت تريد أن تبقى الأوضاع على ما هي عليه من الفساد المالي والإداري والسياسي والإعلامي ؟ هل تريد الجيش أن يبقى منقسماً أم وطنياً متحداً ؟ هل تريد الحروب والثارات والنعرات المناطقية والطائفية تبقى أم تطالب بزوالها ؟ هل تريد الثروات تنهب وسيادة البلد تنتهك والفاسدين والمتنفذين يبقون أم تريد التغيير ؟ إن مقاطعة الاستفتاء في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلد أمر مشين ومعيب وغير سائغ فالمقاطعة تسوغ في الأوضاع الطبيعية أما ظروفنا اليوم فهي استثنائية وتؤدي إلى نتائج عكسية ويستفيد منها من يريد بقاء النظام الفاسد ليظهروا للعالم في حال ضعف الانتخابات أن الأغلبية تريد بقاء النظام ولنا عبرة بما حدث في ساحل العاج إنهم يريدون أن يقولوا للعالم أين هذه الثورة المزعومة ؟ لقد قلنا لكم من قبل إنهم شرذمة قليلون ها هي نسبتهم الحقيقية . فينبغي علينا إن نتفاعل مع هذه القضية وإنني أدعو جميع أبناء هذا البلد للمشاركة الفاعلة في الانتخابات وحث من حولهم للمشاركة وألا يصغوا إلى الأصوات النشاز من أجل أن نبدأ صفحة جديدة كما أدعو من هذا المنبر إلى طي صفحة الماضي والبدء بصفحة جديدة نتشارك فيها جميعاً لبناء اليمن بناءً صحيحاً أدعو إلى التصافح والتسامح والأمر كما قال الله تعالى ((...عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ)) سورة المائدة آية (95) ويقول سبحانه (( ... فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)) سورة الفتح آية (10) إن يوم الحادي والعشرين من فبراير يعني بإذن الله الانقال من الفرقة والانقسام إلى الوحدة والالتحام ويعني الانتقال من الحقد والكراهية والاقتحام إلى المحبة والوئام والسلام ويعني الانتقال من الفوضى والتوتر والانفجار إلى استتباب الأمن والاستقرار ويعني الانتقال من الكآبة والاعتلال والارتجاج إلى الفرحة والسرور والابتهاج ويعني الانتقال من الاستبداد والتمديد إلى التغيير والتجديد فلنزحف نحو صناديق الاقتراع والله الموفق . [email protected]