كما هي عادته مع الأيام التاريخية الحاسمة.. رسم شعبنا اليمني في (21) فبراير أجمل لوحة تاريخية تضاف إلى رصيد أيامه الخالدة.. لوحة مثّلت أروع ألوان الطيف اليمني.. شارك في رسمها كل أبناء اليمن من أقصى الوطن إلى أقصاه.. باستثناء من قاطعوا الانتخابات.. وأولئك عبّروا عن إرادتهم الشخصية وليس عن إرادة كل من توجهوا إلى صناديق الاقتراع.. والشاهد الذي سنقف عليه في سياقنا هي (الغمسة) التي كانت بمثابة علامة على اقتراع الناخب، بحيث أنه لا يستطيع أن يكرر العملية مرة أخرى.. وتلك (الغمسة) تعتبر من ضمن إجراءات (اللجنة العليا للانتخابات) ولها أسبابها في ذلك..!! وبسبب تلك (الغمسة) اكتشفت من خلال عملي باللجنة النسائية الفرعية يوم الاقتراع مدى سخط الكثير من (غمسة الإبهام) بالحبر الأزرق.. ففي حين كان دوري باللجنة مطابقة صورة الناخبة بصورتها برقم قيدها في السجل المصور.. ثم ينتقل الدور إلى زميلتي الأخرى بغمس إبهام الناخبة بالحبر الأزرق.. فما كان من إحدى الناخبات إلا أن هربت من قاعة الاقتراع دون أن تغمس إبهامها.. وذلك ليس بغرض تكرار العملية، وإنما لأسباب أسرية جعلتها تهرب.. فحاولت زميلتي أن تنادي الأمن المتواجد خارج قاعة الاقتراع بإعادة الناخبة (لغمس إبهامها).. فحاولنا أن نمتص بعض العراقيل التي كانت ستحول دون سلاسة عملية الاقتراع.. وكون ملاحقة (امرأة) في مجتمع قبلي من أجل (غمسة) يعدّ منافياً للتقاليد.. وخارجاً عن الذوق العام.. كما حاولنا أن نقنع الناخبات أننا ملزمات بتنفيذ توجيهات (اللجنة العليا للانتخابات) وأن القوانين تنفذ على الجميع.. فاقتنعن على مضض..! وقبل إعلان النتيجة النهائية عقدت اللجنة العليا للانتخابات مؤتمراً صحفياً ورد في سياقه ذكر (الغمسة).. فرد أحد أعضاء (اللجنة العليا للانتخابات) قائلاً: إن البارونة البريطانية (إيما) أعجبت بسير ونجاح العملية الانتخابية في اليمن.. كما أعجبت باندفاع المرأة اليمنية.. وأضاف أحد أعضاء اللجنة العليا: لاحظت البارونة أن اليمنيين مازالوا يتعاملون (بالغمسة) في الانتخابات.. وأخبرتهم أن تلك الطريقة تقليدية جداً.. وأصبحت من الماضي.. كما أنها نصحت بتلافي ذلك مستقبلاً وبررت ذلك أن (الغمسة) تعدّ بمثابة إهانة للناخب والناخبة بحجة عدم التزوير في الانتخابات.. وأضافت البارونة بلسان أحد الناطقين باسم اللجنة العليا للانتخابات: إن البلدان المتقدمة التي تمارس العملية الديمقراطية تخلّت عن (الغمسة) واستبدلتها بطريقة حديثة ومطوّرة وهي بمجرد أن يدلي الناخب بصوته يسجل ذلك آلياً بطرق حديثة تغني عن الغمسة والبصمة معاً..!! والحقيقة أن صديقتنا (البارونة) وضعت يدها على الوتر الحساس، وقدّمت خدمة لمجتمعنا في قاد الأيام إذا ما اُستثمرت بشكل جيد من قبل اللجنة العليا للانتخابات.. خاصة أن اللجنة وعدتها بتلافي ذلك مستقبلاً..!! أما حكاية الناخبة التي هربت من قاعة الاقتراع دون أن تغمس إبهامها ما هي إلا إحدى الصور التي فرضت وجودها ضمن ألبوم الاقتراع بتلقائية مطلقة وبدون إضافات أو رتوش..!!