لا أحد يستطيع أن يحتكر الحقيقة المطلقة.. «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب» وهكذا.. فمن اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد.. الأهم أن يراعي الله في الطرح وأن يرتقي إلى القضايا الإنسانية النبيلة وأن يبتغي المقاصد العظيمة لإعمار الأرض والصلاح. لقد أنزل الله آياته إلى ملوك الأرض والناس أجمعين ليريهم حكمته وعظمته مزلزلاً بذلك أباطرة السلطة الذين عاثوا في الأرض فساداً. رؤساء وملوك اتخذوا من كرسي القيادة مملكة عائلية مرصعة بالقصور والثروة والعسكر والسلاح وشراء الذمم وتعكير صفو الحياة وظلوا عقوداً طويلة من الزمن وهم يقصفون معيشة الناس وقضاياهم العادلة، الأمر الذي باعد بين السلطة والناس فارتجّت الأرض والسماء غضباً وانطلقت شرارات الربيع وثورات السلام. اليمن بلاد شائكة في التعقيد والمزاج العام، ولن تقوم للناس قائمة إذا لم يبلغوا من النضج والتفهم لحل مشاكلهم بالبصر والبصيرة. لا يحق لأحد أن يوزع صكوك الوطنية كيفما يشاء.. وأن يتهم الناس بالتخوين والعمالة.. ينبغي على الجميع أن يعي ويتفهم أن زمن العصا قد ولّى. اليمن تعيش حالة جديدة من التطلعات والأفكار الحرة الثائرة، بحيث يحق لكل حزب أو صاحب قضية أو صحيفة أن يدلو بأفكاره وآرائه وأن يساهم في بناء الحياة. كما ينبغي على الذين كانوا يطلقون على أنفسهم «مشائخ وقبائل الدولة الكبار»، ينبغي عليهم السير في طريق المدنية والسلم الاجتماعي بعقل وبصر وبصيرة، وألا يتمترسوا في حضن الإرث القبلي القديم، حيث الشيخ والقبيلة والعسكر والسلاح والقفز فوق مصالح الناس وقوانين العدل والانضباط. لا يستطيع أحد أن يمحو تقاليد الناس وعاداتهم من قراهم ومدنهم، ويمكنهم أن يمارسوا طقوسهم كيفما يشاءون، لكن ينبغي عليهم ألا يفرضوا تلك العادات على حياة الناس والمدنية وقوانين الدولة. اليوم أمامنا ملفات متعددة، ملف القضية الجنوبية، ملف الحوثيين، الملف الاقتصادي، وفرق الأحزاب والشباب والمعارضة وكلها بحاجة إلى جهود عظيمة.. وكل هذه الملفات معترف بها ولا أحد يستطيع أن يقصي أحداً أو يملي عليه إملاءات بالعصا. «حبتي وإلا الديك» أطروحة بالية عفى عليها الزمن.. ثم نفرض أن كل صاحب قضية كبرى تمترس فوق قضيته بالصميل..فما قيمة تلك الساحات الممتلئة بالنضالات السلمية والصدور العارية.. يعني كأنهم يعيدون نظاماً أزاحوه ويتباكون على أطلاله وأطلال الدماء المسكوبة على قارعة الأرصفة والطرقات. هكذا جاءت الظروف الممكنة لاحتواء الدمار والاقتتال والفوضى وتم التوافق على الرئيس عبدربه منصور. ففي الوقت الذي ينبغي لكافة الناس وأصحاب القضايا الكبرى والأحزاب وأصحاب الحقوق الاستمرار في النضال السلمي والفكر الحر والرأي السديد لنيل الحقوق والمطالب نرى أن كثيراً منهم يكيلون النقد والهجوم غير المبرر على فخامة الرئيس عبدربه وينتقدونه وكل طرف «يريد حبتي أو الديك». كيف للرجل أن يستطيع التفكير بهدوء لمعالجة هذا الكم الهائل من القضايا والملفات في ليلة وضحاها؟ كيف له أن يبدأ بتصحيح ذلك الإرث الثقيل المليء بالتعقيدات والمحن في لمح البصر؟! أفلا تتفكرون؟ أفلا تعقلون؟ أفلا تنصفون؟ الرئيس يتسلم اليوم وطناً منهكاً.. فكيف لنا أن نضع من أنفسنا ملائكة ونجعل من الرجل هو العبد الوحيد لربه متناسين أننا كلنا عباد لله الواحد القهار. فإما أن نكون جميعاً عباداً لله ونصلح أحوالنا بالعقل والبصر والبصيرة، وإلا فنحن بهذا نجانب الحق والعقل ونكون بهذا نسير في درب الفوضى والتخبط والهلاك. ساندوا وشجعوا الرئيس على أية خطوة إيجابية.. وأعينوه على إصلاح أية خطوة سلبية. سأشعر بالسعادة لكل من ساندني في الرأي وسأمنحه وردة.. وسأشعر بالسعادة وسأبتسم لكل من خالفني في الرأي بحب ورأي سديد وسأمنحه وردتين.. وسأعاتب كل من أطلق علي فوهة المدافع والرصاص. بقي أن أقول: الباقيات الصالحات.