المؤتمر الأول للتيار السلفي الذي انعقد في صنعاء مثل خطوة إيجابية سجلتها العملية السياسية في اليمن والتيار السلفي تحديداً الذي ظل إلى وقت قريب وكأنه معادٍ أو معترض على العملية السياسية بآلياتها الحزبية التي من شأنها فتح فضاءات لجميع الآراء من أجل التنفس الطبيعي وإيجاد مسارات للنشاط التعددي المتنوع بتنوع الإفهام وتتعدد الاختيارات بحكم سنة التدافع الضرورية لتفعيل الحياة وبناء الحضارة في جو من الحرية وقبول الآخر، بعيداً عن الاحتكار المسبق للحقيقة، وهو ما يجعل مجموع النشاط الجمعي على اختلافه يؤدي حتماً إلى النفع العام والانجازات التي تحقق مصلحة الأمة وتستجيب لمتطلبات العصر ودواعي الزمان والمكان، خاصة والشعب اليمني مسلم ولا خلاف جوهري هنا وهي ميزة تقينا كثيراً من المصائب وتسهل بناء طاولة حوار محترمة تتطور كل يوم. علينا أن نتجه جميعاً لخدمة هذا الشعب وإيجاد قواعد راسخة لانطلاق العقل وفتح مناخات الاجتهادات الشرعية والعلمية ليرتقي الناس بمستوياتهم الحياتية والفكرية والأخلاقية والفنية وفتح المجال أمام طاقات الشعب لتبدع في البناء الحضاري وإعمار الأرض على قاعدة الحرية المستمدة من العقيدة الإسلامية وتكريم الله للإنسان ؟!. المؤتمر علامة التطور الايجابي الذي يلازم الحركات الإسلامية والجماعات الوطنية السليمة التي تبتعد عن التعصب المدمر للحقيقة والإنسان. شيء واحد يقف ضد التطور والتعلم وهو الجهل والتعصب، ولهذا من قال أنا أعلم فهو أجهل الناس... لا شيء أمام تفاهم الناس على قواعد حماية الحياة وتأمين السفينة الواحدة إلا التعصب والجهل والأنانية. المؤتمر حركة مضيئة أمامها عقبات وتحديات عدة وعلى الآخرين أن يفتحوا لها صدورهم ويساهموا في إنجاحها بما يشجع الآخرين لاتخاذ خطوات مشابهة نحو الحفاظ على الوطن ونسيجه الاجتماعي، وباعتقادي أن الحوثيين والجهاديين القاعديين الذين يمثلون اليوم وجهي عملة العنف الأعمى يستطيعون أن ينخرطوا في العملية السياسية لصالحهم ولصالح الوطن، لأن الذي يعتبر نفسه الحقيقة الوحيدة لن يكسر إلا نفسه وسينقرض اليوم أو غداً بهذه الوسيلة أو تلك، فكل طرق الفرض والتطرف والإقصاء تؤدي إلى التآكل وكل وسائل العنف تؤدي إلى الإنهاك والانكسار المريع حد الانقراض، ولكم في سنن التاريخ عبرة.