وإن كنا حتى اللحظة لانشعر ولانلمس أن حكومة باسندوة هي حكومة وفاق وطني كما يقال عنها إلا أننا نحاول جاهدين أن نصدق ونتشبث بهذه الأكذوبة الرسمية علها تصدق ذات يوم ويتحقق الوفاق الوطني فعلاً بين أبناء الوطن الواحد. ولهذا وحتى تستمر كذبة الوفاق ماكان لباسندوة أن يقول ماقاله في خطابه الأخير وهو يقف على رأس حكومة وفاق وطني تشكلت بعد طول مخاض، لتنقل البلاد خارج دائرة الأزمة التي عصفت بها ولاتزال، لا أن تبقيها في قلب الأزمة وتزيد من لهيبها كما هو الحال اليوم.؟ وكان الأولى على رئيس وزراء الحكومة التي تسمى مجازاً حكومة الوفاق الوطني أن يؤكد حرصه ولو بالقول على وفاق حكومته ويعمل على إغلاق ملفات الماضي ويفتح صفحة جديدة ويدعو الجميع للعمل بروح الفريق الواحد من أجل وطن آمن مستقر لتعود عجلات التنمية للدوران من جديد.. ويتركوا خلافاتهم ويتفرغوا لبناء الوطن اليمني العزيز على قلوبنا، كما قال باسندوة تحت قبة البرلمان ودموعه شاهدة على ذلك. ولا أعني بهذا القول إهدار حقوق الضحايا ونسيان دماء الشباب المغدور بهم وإضاعة الحقيقة والتستر على الفاعلين الذين كانوا وراء ارتكاب تلك الجريمة البشعة التي ستبقى وصمة عار في جبين كل المتواطئين والمتخاذلين والغافلين عن قول الحقيقة وكشفها. وأنا كنت أتمنى على رئيس الوزراء أن يطالب بكشف الملابسات عن هذه الجريمة وفك طلاسمها ويوجه بالتعجيل بمحاكمة الجناة الحقيقيين الذين تم القبض عليهم وإيداعهم سجون الفرقة.. أو أينما كانوا، فهذا هو واجبه ومن أولويات مسؤولياته ولن يجد من يلومه إن كان يسعى وراء الحقيقة ولايسعى إلى دفنها مع جثث الشهداء المغدورين!! لكن الحقيقة أن باسندوة يفتقد تماماً لحكمة الشيوخ ودهاء السياسيين، رغم طول سنه وطول عمله في مجال السياسة ودهاليزها، ورغم مخالطته ومجالسته لكبار دهاة السياسة اليمنيين وغير اليمنيين منذ عقود.. وهذا دليل وقوعه في مثل هذه المطبات التي ماكان يمكن الوقوع بها لو امتلك قليلاً من الحكمة وشيئاً من الكياسة السياسية التي نحن بأمس الحاجة لها في هذه المرحلة، حتى تستمر سفينة الوفاق وتصل إلى شاطئها بأمان.. ولانريد أن يكون باسندوة سبباً وراء إسقاط حكومة الوفاق التي يقف على رأسها وسبباً في إشعال أزمة جديدة وتفجير صراع بين أجنحة حكومته يأتي على مابقي من مقومات الدولة اليمنية المترنحة. وأقول إن خطاب باسندوة الناري وهجومه على نصف حكومته.. أكد قناعتي والكثيرين معي أن مانسميها حكومة وفاق وطني لاتعرف مامعنى الوفاق، وأنها حكومة شقاق أقرب منها حكومة وفاق، ولاأعتقد أن هذه الحكومة قادرة على إكمال مهمتها وتجاوز المرحلة الانتقالية كما خطط لها.. وقد أثبتت فشلها في تحقيق آمال وطموحات البسطاء الذين راهنوا عليها يوم تشكلت.. فلا كهرباء ولا أمن ولا مشتقات نفطية ولا معالجة للأوضاع الاقتصادية التي هي هاجس المواطن ومعاناته اليومية.. كما أن هذه الحكومة المنقسمة على نفسها لن تكون عوناً للرئيس عبد ربه منصور هادي الذي سيجد نفسه مشغولاً بحل الخلافات والإشكالات المستمرة بين أعضاء الحكومة الذين يحاولون تغطية فشلهم وعجزهم باختلاق الخلافات وتأجيج الصراعات فيما بينهم، والذي كان لإعلام العمراني الدور الأكبر في إبقاء الصراع على أشده بين قطبي السلطة، فهل يجوز لنا أن نصدق أكذوبة حكومة الوفاق الوطني؟..