الحراك الجنوبي الذي بدأ سلمياً وعبّر بصوت امتزج فيه النشيد بالنشيج الهادر عن فداحة الممارسات لمنظومة الحكم في التعامل مع أبناء الجنوب بعيداً عن قيم الوحدة- الحلم- الذي كان لأبناء الجنوب الفضل الأول في أن يصبح حقيقة بعد قرون من التشظي والاحتراب. هذا الحراك بدأ وتصاعد إيقاعاً حميماً في فضاء الوطن – ولامس شغاف الوعي لدى جموع اليمنيين، وحرك المياه الراكدة في ذاكرة الشعب وكان بمثابة التدشين الجديد لزمن وجيل لا يداهن ولا يقبل بانتقاص أحلامه وتطلعاته في وحدة تحلق به آفاقاً واسعة من الفعل في مدارات الجلال. هذا الحراك تريد له بعض القيادات السياسية الجنوبية الدوران في دائرة ضيقة متشظية غير مدركة أن جماهير الشعب في الجنوب قبل غيرها مدركة - تمام الإدراك- لحقائق التاريخ والجغرافيا، كيف لا وقد كان لطلائع الرياح الجنوبية الفعل الأول والقول الفصل في إنجاز هذا الهدف العظيم لحاضر ومستقبل جميع اليمنيين. ففي الوقت الذي خرجت فيه الجماهير اليمنية في طول الوطن وعرضه -وقد ألهمها أنين الجنوب- تصرخ في وجه الظلام والاستبداد، وألهب مشاعرها الانحراف الحاد عن المضامين الوحدوية التي بها يصل كل اليمنيين إلى مرافئ الأمان الدائم والتنمية المستدامة في كل ميدان. وفي الوقت الذي ينتظم فيه اليمنيون في حراك جلل صوب الجهات الأربع، تحاول بعض النخب السياسية الجنوبية تقزيم حراكها باتجاه واحد، مستخدمة نفس أساليب وأدوات المستبد- السلاح، النعرات الأكثر ضيقاً من التلاشي، بل إن الشطط بلغ حد الإرتهان لقوى لا تريد للجنوب وللوطن عموماً إلا أن يكون ساحة لمعاركها التدميرية (المقدسة)، بل وصل بها إلى حد إنكار يمنيتها في ظاهرة انتحار سياسية تاريخية لم يعرفها التاريخ إلا زمن الانحطاط العربي لدى ملوك الطوائف في الأندلس. اليمنيون مجمعون أفراداً أو أحزاباً أو نخباً على أن القضية الجنوبية يجب أن تكون على رأس القضايا التي ينبغي معالجتها بما يضمن استعادة كافة الحقوق والشراكة الحقيقية في مواقع صنع القرار الوطني، والحضور الفاعل بل والقائد في كافة محطات التحول في مسيرة المأسسة ونزع النتوءات التي أساءت للوحدة وأثخنت الجسد اليمني، وفي هذا السياق لابد أن يكون للحراك السلمي دور استراتيجي - وهو أمر بدا جلياً في أحلك لحظات النشاز- ويجب أن يستمر ويتوهج حتى لا تشوب الحراك الحميم الهادر شائبة ، وحتى يعود المنتحرون لرشدهم، وبهذا يترسخ ذلك النشيد الهادر الذي مازلت أحس به يسري في كل خلاياي يوم زرنا محافظات جنوبية قبل الوحدة ضمن وفود تحضر للوحدة حيث كنا نستقبل في كل مكان بنشيد رائع عظيم تموسقه أمواج صيرة وأشجار الحسيني وذرا شمسان ومآذن تريم، وتصدح به أفواه الجموع اليمنية في الجنوب العظيم الوطن اليمني الواحد نفديه بالدم والأرواح سوف نناضل سوف نناضل لأجل الوحدة والإصلاح وهي ذات الجموع التي ستقود ركب الأمل اليمني الأخضر وتخرج الشطط الأعمى من نفق اللاوعي كما أخرجت رياح الجنوب الوحدة في أيار العظيم من نفق جولدمور.