لم يكن مستغرباً – بالنسبة لي على الأقل – أن تعرقل كتلة حزب المؤتمر البرلمانية مناقشة الميزانية العمومية رغم التأجيلات المتكررة ولولا تهديدات بقية النواب بإحالتها إلى رئيس الدولة وفق ما تنص عليه المبادرة الخليجية لما نوقشت مع أننا في النصف الثاني من الشهر الرابع من العام . ويكفي لإزالة الغرابة أن رئيس الحزب والمتصرف فيه كما يحلو له هو المخذول علي صالح . ويكفي أن رئيس الكتلة البرلمانية للحزب هو سلطان البركاني ، ويكفي أن تعلم عزيزي القارئ أن المؤتمر نت – الموقع الرسمي للحزب - نشر ذات مرة بلاغا يشبه الأمر لأعضاء الكتلة البرلمانية في الحزب بالتصويت إيجاباً لصالح موضوع ما .. وكان البلاغ مذيلاً بالصيغة : «ومن يتلكأ فسيطاله الندم» َ!! كأن المخاطبين أعضاء عصابة وليسوا أعضاء كتلة برلمانية لكل منهم حرية وكرامة واستقلال . . فهل بعد هذا الاستخفاف استخفاف ؟! ومع كل ذلك فالمؤتمر الذي كان حزباً حاكماً – وربما ما زال حزباً حاكماً نظرياً على الأقل كونه يملك الأغلبية النيابية ونصف الحكومة ونائب رئيس الحزب هو رئيس الدولة – ما زال يحتوي على جناح للشرفاء والمحترمين وهذا الجناح يضيق يوماً فيوم حتى صار غرفة واحدة بينما بقية غرف وأجنحة الفندق المؤتمري مليئه بآخرين لا يحملون الصفتين المذكورتين سابقاً . فالمخذول بسبب تصرفاته الفاضحة خذل حزبه ؛ خاصة من يصنفون أنفسهم شرفاء المؤتمر ، فماذا بإمكانهم أن يقولوا بعد جمعة الكرامة أو بعد موقفه البطولي من التوقيع على المبادرة الخليجية .. وبماذا عساهم سيبررون مواقفه الحالية - وجره للحزب من ورائه – من قرارات رئيس الدولة المتعلقة بهيكلة الجيش وتغيير بعض أقاربه ؛ فتصريحاته واضحة ؛ فاللواء الثالث في الحرس « حقه» حسب وصفه ، وإيعازه لأخيه قائد القوات الجوية المقال بمحاصرة مطار صنعاء ؛ ثم طلبه مقايضة تسليمه للقيادة الجوية مقابل الإبقاء على ولده أحمد قائداً للحرس الجمهوري ... إلخ إلخ إلخ . والحزب وسط كل ذلك يبدي امتعاضه من قرارات هادي لأنه لم يشاور الحزب فيها ! وكأن المخذول كان يشاورهم من قبل في قراراته .. أم المقصود أنه كان على هادي مشاورة رئيس الحزب قبل اتخاذه إي قرار ؟! من حسن حظ الحزب الحاكم أن الشعب اليمني فرق جيداً بين الحزب وبين الحاكم ، ولذلك خرج في ثورته مطالباً بتغيير النظام لا الحزب ؛ فالحزب الحاكم لم يكن هو من يحكم وإنما المخذول وعائلته فقط والبقية مجرد ديكور وأراجوز بأيديهم . لكن أن يظل حال الحزب إلى اليوم كما كان عليه سابقاً ؛ مجرد أداة ساذجة بيد شخصٍ يحركه ويشعل عن طريقه النيران في أرجاء الوطن بطريقة لم تعد تنطلي على أحد فهذا غير مقبول من أحد وبالذات شرفاء ومحترمي المؤتمر ! . يضاف إلى ذلك أن النظام الداخلي للحزب ينص على أن رئيس الدولة إن كان عضواً في المؤتمر فهو يتولى رئاسة الحزب أيضاً ؛ وبالتالي فإن رئاسة الحزب هي حق قانوني للمشير عبد ربه منصور هادي .فما رأي جناح الشرفاء والمحترمين في المؤتمر ؟! نريد رداً واضحاً . فهم أمام ثلاثة خيارات لا رابع لها : إما تنصيب الرئيس عبد ربه رئيساً للمؤتمر وإما تغيير النظام الأساسي للمؤتمر لأجل عيني المخذول ؛ وإما إصرارهم على بقاء أوضاع الحزب كما هي رغم أنف المنطق والنظام الداخلي للحزب . لكن في حال اختيارهم ورضاهم بالحالة الثانية ليسمحوا لنا أن نقول: أنه لم يعد في الحزب شرفاء محترمون أو لنطلق عليهم الشرفاء غير المبالين ؛ غير مبالين بعقولهم وذواتهم . وفي حال اختيارهم للحالة الثالثة وتصميمهم على بقاء المخذول زعيماً للحزب رغم فضائحه الإنسانية ومخالفة النظام الداخلي للحزب فليحفظوا الطرفة العربية التالية : «يحكى أن شاباً خطب فتاة من أمها ؛ فسألت عنه الأم أحد الشيوخ وكان الشيخ يكن للشاب حباً مفرطاً ، فمدحه بما فيه وما ليس فيه ، وبينما هما كذلك إذ أقبل الشاب من بعيد فقال لها الشيخ : انظري ما أحسن والله ما أقبل ما حار ولا جار ؛ فجلس الشاب فقال الشيخ : انظري ما أحسن والله ما جلس ما انحط ولا امتط . فأراد الشاب أن يغير جلسته فضرط . فقال الشيخ: انظري ما أحسن والله ما ضرط ! ما أغنها ولا أطنها ولا بربرها ولا فرفرها ! فاستحيا الشاب وقام من المجلس فقال الشيخ : انظري ما أحسن والله ما نهض ما انفتل ولا انخذل . فقالت المرأة للشيخ : أيها الشيخ وجّه إليه من يرده فوالله لو سلح لزوجناه» ! ولا عزاء لعشاق الحرية والكرامة.