في اليمن هناك قانون تعس, بائس اسمه قانون التقاعد, أملاه باشوات الأتراك، وحرره بعض ورثتهم من أبناء اليمن, هذا القانون مسكين يرحم الله تعالى، مظلوم ظالم؛ أما مظلوم فلأنه يعبر عن عقلية بليدة، وأما ظالم فلأنه يساوي بين العالم والجاهل، وقد سخر القرآن من هؤلاء الذين لا يفرقون بين الفريقين:(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)،(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، وآيات كريمة أخرى وأحاديث شريفة غفيرة. وقد كان بإمكان الذين وضعوا القانون هذا الذي يرحم أن يلاحظوا ملاحظات كثيرة, من بينها: - أن هناك فرقاً واضحاً بين (الشاقي) - ومعاذ الله أن يحتقر مسلم عاملاً يدخل الجنة بعرق جبينه وكد يده - وبين المفكر الذي نذر حياته للمعرفة والاطلاع، “وكل لما يسر له”. - أنه انطلاقاً من هذا الفرق لا يمكن أن ينطبق سن التقاعد - وهو أحد الأجلين - على أستاذ الجامعة أو التربوي مادام قادراً على العطاء، فالسبعون موسم العطاء, تنظيراً وبحثاً, من منطلق أن الفكر لا يشيخ.. نعم إذاً بدأ العالم يهرف بما لا يعرف، فعليه أن يستريح, موفور الشكر والتقدير. - أن مرتب التقاعد لكل الفئات مرتب يدفع المجتمع للشكوى بهذا القانون، فيفترض أن مرتب التقاعد يكون أكثر من المرتب العادي, اعترافاً بفضل الذي أمضى عمره عاملاً موظفاً مع الدولة. - لابد أن يعدل قانون التقاعد, ليستثني العلماء والأدباء والمفكرين من السن إلا عندما يرغب الشخص المعني, وأستاذ الجامعة الذي يتجاوز السبعين عاماً فما فوق ليكون مشرفاً على بحوث طلاب الدراسات العليا, ومحاضراً في ندوات ومؤتمرات في الداخل والخارج. - من علامات البلادة والظلم معاً في قانون التقاعد أن الجندي في القوات المسلحة قد يستشهد، وبسرعة يقوم القانون بمعاقبة أولاده بخصم المرتب, وقل مثل ذلك في الموظف العادي, وكأن الموت والعجز والضعف ذنب يعاقب الموظف عليه. لابد من استدراك هذا العبث ونكران الجميل, (فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان). إن مجلس النواب هو المعني بمعالجة هذا القانون كيلا يخاف الموظف من عذاب قانون التقاعد، إضافة لعذاب الآخرة.