العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    تضحياتٌ الشهداء أثمرت عزًّا ونصرًا    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    مانشستر سيتي يسحق ليفربول بثلاثية نظيفة في قمة الدوري الإنجليزي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اهتمام غير إسلامي بالقرآن وإهمال إسلامي على المواقع الالكترونية
نشر في نبأ نيوز يوم 19 - 08 - 2006

يظل القرآن الكريم دستور الأمة الإسلامية وسيبقي كذلك الي ان يرث الله الارض ومن عليها فهو الدستور الذي لاينضب معينه وهو الذي لاتنتهي عجائبه وهو الفصل ليس بالهزل0 وقد نال القرآن الكريم الكثير من الجهد في العهود الاولي من حيث الاهتمام بالتدوين والمراجعة والحفظ والزخرفة حتي ان الصينيين وغيرهم من الامم التي لا تعرف عن الاسلام الا القليل قاموا بتدوين المصحف وزخرفته علي ورق ليس هناك مقارنة في الوقت الحالي لجودته بالرغم من مرورالعديد من القرون علي هذه الطبعات.
والمراقب للمواقع الالكترونية يلاحظ ان الاهتمام هذا ليس منصبا علي القرآن الكريم فقط بل شمل علومه من تفسير واسباب النزول وغريب القرآن وهكذا في موقع واحد.
غير ان الاسئلة المراد طرحها بعد هذه المقدمة البسيطة هل القرآن يحظى باهتمام في تدقيقه علي المواقع الالكترونية ام ان الامر مجرد وجود فقط علي الموقع كما تعرض بعض وسائل الاعلام العربية لبعض آيه عند الافتتاح والانتهاء من البث.
السؤال الآخر من الجهة التي تقف علي تدقيق هذا المصحف خاصة اذا كان الأمر يتعلق بالأخطاء المطبعية او بترتيب الايات وهل علي هذه الجهة ان تعرف المتصفح بنفسها والجهود التي تبذلها من اجل العناية بالقرآن الكريم اما السؤال الثالث فيبحث عن المردود الذي يمكن ان يعود علي الموقع او المسلمين بصفة عامة حينما نعلم ان الموقع الذي يورد النص القرآني به اهمال من حيث ترتيب الايات و قد يكون غير مقصود لكن في النهاية لابد من الاعتراف بالخطا في التدقيق.
أرقام غير مرتبة
ما دعاني الي تناول هذا الموضوع واثارته هو ما رايته علي مواقع نسيج الاسلامي من وجود بعض ارقام الايات غير مرتبة الامر الذي يمكن ان يربك القارئ او المتصفح اضافة الي ان رقم الايات مكتوب بالعربية ورقم الاية المذكورة مكتوب بالانجليزية
وتحديدا فان الامر يتعلق بالايتين رقمي 178و179كما وردتا في الصفحة في سورة البقرة ''يايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلي الحر بالحر والعبد بالعبد والانثي بالانثي فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدي بعد ذلك فله عذاب اليم ''دون اشارة الي وجود وقف ورقم اية ثم البدء بقوله تعالي ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون. كتب عليكم اذا حضر احدكم ''تم وضع رقم الاية 178مع انه ليس هناك موضع لهذا الرقم الامر الذي يجعلنا نتساءل عن مدي الاهتمام بامر القرآن الكريم علي هذه المواقع.
اهتمام اسلامي
وقد نال القرآن الكريم اهتمام المسلمين حِفظاً، ودراسةً وتدارسا، وتلاوةً وكتابة وجمعاً، وتذهيباً وتجليداً، حتي صارت للقرآن الكريم وعلومِه مكتبةٌ عامّة تضمُّ العلومَ والفنون والفهرسة والخطوط والطباعة والترجمة.
وقد اتصل سَنَدُ القُرَّاء المعاصرين خلفاً عن سلف إلي رسول الله محمدٍ صلي الله عليه وسلم، ومثلما اتصل سند القُرَّاء تِلاوةً، فقد اتصل سند الخطاطين إلي المصحف الإمام الذي وَزَّعَ نُسَخَهُ علي أمصار المسلمين الخليفةُ الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وهناك اهتمام خاص من حيث التدقيق فبعد التصوير تم تدقيق المصحف الْمُصَوَّرِ قِبَلِ هيئة تدقيق المصاحف التابعة لرئاسة الشؤون الدينية ، وبعد ذلك تَتمَّ الطباعة.
الوقف
يتم وَقَفَ نسخ من المصحفِ حيث يوصي الواقف قبل ذلك في وقفيته بقراءة القرآن ومطابقته وتصحيحه أربعين مرة، وهذا كفيل بإخراج نُسخة جيدة
يتم كتَابَة المصحف المبارك علي رسم مُصحف وضبطِهِ، ووُقوفاتِهِ وقراءاتهِ، ومعرفة أجزائه وآياته، ومكِّياته ومدنياته، وسائرِ العلوم الواردة فيه
وقال بعضُ أهل العلم: لا ينبغي لمسلمٍ مُتورِّعٍ؛ أو قال: عاقلٍ أن يقرأ آيةً من كتاب الله تعالي، أو يكْتُبَهَا حتي يعلمَ حقيقةَ كتابتِها في المصحفِ الإمامِ الْمُجْمَعِ عليه لأنَّ في خطِّهِ أسراراً، وإشاراتٍ تُذْهِلُ كُلُّ إشارةٍ منها عقولَ أهلِ الأرض أجمعين؛ إلاَّ مَنْ أتقن ذلك علماً، ووسعه فَهْماً، وأخذَه من مشائخ الدين، ونَقلَه عن قُراءِ المسلمين، لَفْظاً عن لَفْظٍ، وسنداً عن سندٍ إلي سيدنا رسولِ الله صلي الله عليه وسلم، فذاك هو المشارُ إليه في روايتِهِ وقراءته، والمعتمَدُ عليه في كتابتهِ ودرايتهِ، وقَليلٌ مّا هُمْ.''
حسن الخط
وكلُّ هذا موجودٌ في هذا المصحف بتوفيق الله تعالي، سوي الألفات في مثلِ: الصالحين والعالمين وغيرها، فإنك مُخيَّرٌ في حذفها وإثباتها في الكتابة من بعض الكلمات؛ لأنها في مصاحِفِ الكوفة أكثر حَذْفاً، وفي غيرِها أكثر إثباتاً، فاخترنا الإثباتَ لكثرة تضعيفِ الثواب، إلاَّ في كلماتٍ اتفقوا علي حذفها منها في الكتاب، وإنْ كان أكثرُ أهلِ زمانِنا غافلين عن هذا كُلِّهِ، مُنحرفين عن دقيقِ هذا العلمِ وجُلِّهِ، ما يعرفون من المصحف إلا حُسْنَ خَطِّهِ، وملاحةَ تذهيبه وينسب اهل كلَّ خطٍّ إلي كاتبه كابنِ مُقلةَ وابن البوابِ، وأمثالِهِما من المتأخرين ممن عُرِفَ بِحُسْنِ الخطِّ، وقِلَّةِ العِلم، فهو نَقَّاشٌ في الحقيقة، جاهِلٌ بما يجب عليه من معرفتِه من إقامةِ كتابِ الله العزيز.
فيقولون مُصْحَفٌ مَلِيْحٌ بِخطِّ فلان، كَتَبَهُ بقلمِ كذا وكذا، ولم يَشْغَلُوْا خاطِرَهم بما في ذلك المصحفِ المنسوبِ خَطهُ من الخلاف للإمامِ مُصحفِ عثمانَ الذي جعله اللهُ تعالي إماماً لسائرِ خَلْقِهِ من الخاصِّ والعامِّ بإجماعِ صحابةِ نبيهِ عليه الصلاةُ والسلامُ الذي كَتَبَهُ زيدُ بن ثابتٍ باتِّفاقٍ منهم، وما في ذلك من عظيم الوِزْرِ لِكاتبهِ، ومُسْتَحْسِنِهِ لِيُبطِلوْا بجهلِهم علومَ العلماءِ، ويَرْجِعُوا عن ما اتَّفق عليه الصحابةُ النجباء، فَغَيَّروا الحروفَ، وبدَّلوها جهلاً منهم، وقِلَّةَ دِرايةٍ.
ثم شاركهم في الوِزْرِ مَنْ أعجبَهم شأنُهم كأنَّهم لم يعرِفوا إلاَّ جَوْدَةَ الخطِّ، وصِحَّةِ الحروف، ولم يُفرِّقوا بين الخطأِ والصوابِ في كتابةِ كلام الرَّؤُوْفِ،
وقال السيوطي في النوع السادس والسبعين من كتاب الإتقان: قال الأشهبُ: سألتُ مالكاً هل يُكْتَبُ المصحفُ علي ما أحدَثه الناسُ من الهجاء فقال لا، إلاَّ علي الكَتْبَةِ الأولي. رواه الداني في المقنع، ثم قال: ولا مُخالف له من علماء الأمة.
الهجاء
وقال الإمامُ أحمدُ: يُحرَّمُ مُخالفةُ خطِّ مصحفِ عُثمانَ في الواو والياء والألف، أو غير ذلك.
وقال البيهقيُّ في شُعَبِ الإيمان: مَنْ كَتَبَ مُصحفاً، فينبغي أن يُحافِظَ علي حروف الهجاء التي كتبوا بها تلك المصاحف، ولا يخالفهم فيها، و لا يغير مما كتبوه شيئا، فإنهم أكثرُ عِلماً، وأصدقُ قلباً ولساناً، وأعظمُ أمانةً مِنَّا، فلا ينبغي أنْ نظنَّ بأنفسنا استدراكاً عليهِم''.
امافي المدينة المنورة فان اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية بمجمع الملك فهد تسلك مسيرة مراجعاتها أقوال السلف، وما رجحه الإثبات من أهل العلم، وما جري عليه العمل في رسم المصاحف وضبطها عند المشارقة والمغاربة.
تدقيق
جاء ذلك في صفحات الكتيب الذي أصدرته الأمانة العامة للمجمع تضمن إيضاحاً لعمل اللجنة العلمية، وبيان مراحل مراجعة المصحف الشريف، والطريقة المنهجية التي سلكتها، ورأيها في بعض المسائل العلمية في رسم المصحف وضبطه، وما يلحق به علامات الوقوف، والأجزاء، والأحزاب، والأرباع، ونحوها، وما استندت إليه في اختياراتها، بعد تدقيق وروية، كما تضمن الكتيب منهج اللجنة في جميع المصاحف التي تمت مراجعتها وكتبها خطاط المجمع، سواء أكانت بالخط والضبط المشرقيين أم بالخط الشرقي والضبط المغربي.
تقدم الأمانة العامة للمجمع عمل اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة النبوية للمعنيين بالدراسات القرآنية، وتبين الجهد المبذول في كتابة المصحف، ومراجعته وطباعته، ليخرج في أعلي رتبة يمكن أن يبلغها جهدنا البشري، وهي آية من آيات حفظ الله. عزوجل. لكتابه العزيز، مصداقاً لقوله جل من قائل: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
مكانة القرآن
وأورد الكتيب شرحاً مبسطاً عن (مكانة القرآن الكريم)، الذي هو مصدر التشريع الإسلامي، والسنة المطهرة التي تفسره وتبينه، قال تعالي: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون)، وهو الكتاب الذي تكفل الله بحفظه في قوله تعالي: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فحفظه الله في اللوح المحفوظ، وحفظه في الصدور، وحفظه في السطور، وحفظ العمل به في الأمة المحمدية، فكانت كتابة المصاحف سنة نبوية في عهده. صلي الله عليه وسلم وقام به الخلفاء الراشدون، ومن بعدهم الملوك والأمراء الصالحون.
كذلك الكيفية التي كان يتم بها كتابة القرآن الكريم، حيث كان القرآن ينزل علي النبي. صلي الله عليه وسلم فيحفظه، ويبلغه للناس، ويأمر كتاب الوحي بكتابته، ويدلهم علي موضع المكتوب من سورته، أما (رسم المصحف)، فبين الكتيب بعض نماذج من بعض المسائل المختلف فيها بين علماء الرسم، والضبط.
تجريد القرآن
وفيما يتعلق بتجريد المصحف فبين أن النبي صلي الله عليه وسلم كان حريصاً علي القرآن الكريم أشد الحرص حتي لا يختلط بغيره، فيظن بعض الناس ما ليس بقرآن قرآنا ويكون ذلك سببا في تحريف القرآن أو الزيادة فيه، ويؤكد هذا قول النبي صلي الله عليه وسلم: (لاتكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه) من أجل ذلك جرد الصحابة رضي الله عنهم فلم يكتبوا فيها سوي النص القرآني الذي تثبت قرآنيته، واستقر في العرضة الأخيرة، وأجمع الصحابة عليه، مشيراً إلي أن العمل في عهد الصحابة واستمر علي التجريد من النقط والشكل في المصاحف التي كانوا يكتبونها نقلا عن (المصاحف العثمانية)، ثم أوضح الكتيب موضوع الوقوف الذي ثبت أن الوقف والابتداء كانا محل اهتمام السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
تَعَرَّضَ المسلمون لما أُشْكِلَ وما تشابه من آيات القرآن، فتناوله الصحابة والراسخون في العلم من بعدهم بالتأويل والتفسير، فنشأت عن هذا كله مجموعة من العلوم تعرف ب ''علوم القرآن''، وقد لخصها الزركشي في كتاب البرهان، وجلال الدين السيوطي في كتاب الإتقان في علوم القرآن.
المكي والمدني
لقد اصطلح العلماء علي أن بعض القرآن مكي وبعضه مدني، ولكنهم اختلفوا في معني هذا الاصطلاح، فمنهم من يقول إن كل ما نزل قبل الهجرة إلي المدينة فهو مكي، وما نزل بعدها فهو المدني. والبعض يقول إن كل آية نزلت في موضع يجب أن تنسب إلي ذلك الموضع، لأن القرآن لم ينزل في مكة وحدها ولا في المدينة وحدها، وبعض الآيات نزلت في ''مني'' مثل قوله تعالي : (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ثم تُوَفَّي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) (سورة البقرة، الآية 280). والبعض في عرفات، مثل قوله :( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) (سورة المائدة، الآية 4). والبعض في الجحفة... إلخ.
وفريق ثالث من العلماء يقول إن ما يتعلق بأهل مكة فهو مكي، وما يتعلق بأهل المدينة فهو مدني، وبمقتضي هذا الاصطلاح يكون كثير من القرآن ليس بمكي ولا بمدني، مثل سورتي القصص والأحكام.
دعوة للتوحيد
وقد ارتضي الجمهور الاصطلاح الأول، والمهم في هذا الصدد أن للمكي خصائصه من حيث المعاني والأغراض، فهو في غالب الأمر دعوة إلي التوحيد وخطاب للناس كافة ووعد ووعيد ينطقان بالإيمان وينددان بالكفر، وقصص للعبرة والذكري. وأما المدني ففيه خطاب للمؤمنين، وتشريع للعبادات وأحكام للمعاملات، وحث علي الجهاد، وتنديد بالمنافقين، وفيه جدال أهل الكتاب، مع استمرار الوعد والوعيد.
نشأة علم القراءات
إن من آيات إعجاز القرآن حفظه الذي تكفل به الحق سبحانه وتعالي : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (سورة الحجر، الآية 9). ولقد تمثل هذا الحفظ في نقله متواتراً عبر الأجيال، منذ عهد الرسول صلي الله عليه وسلم إلي يومنا هذا. ففي عهد النبوءة كان جبريل ينزل بآيات القرآن وسوره كُلَّمَا أمره الله بذلك، وكان يتعهد ما نزل من القرآن بالمراجعة مع النبي صلي الله عليه وسلم في رمضان من كل سنة. وفي آخر سنة من حياته عرضه عليه مرتين إيذاناً بأنها العرضة الأخيرة وحفظها عنه مجموعة من علماء الصحابة، منهم : الخلفاء الأربعة : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ومشاهير القراء المعروفين، ومنهم : عبد الله بن مسعود، وأبَيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسي الأشعري، وأبو الدرداء، وأبو هريرة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن أبي السائب المخزومي.
القواعد الأساسية
وبعد هؤلاء اشتهرت مجموعة ممن وقفوا حياتهم علي قراءة القرآن وإقرائه، منهم : عبد الله بن عياش المخزومي، والمغيرة بن أبي شهاب، وعبد الله بن حبيب السلمي، وأبو العالية الرياحي، ويزيد بن القعقاع المدني، وشيبة بن نصاح، وشيوخ أئمة القراءة في الأمصار، والذين تواترت قراءاتهم وحروفهم، بعدما دونها ابن مجاهد البغدادي في كتاب السبعة.
وكان من شدة اعتناء القراء بحفظ القرآن وضبط نقله وروايته، أن وضعوا في القراءات علماً مستقلاً، ألفت فيه مئات المصنفات التي تتضمن قواعده الأساسية التي بني عليها تدقيق النص القرآني عن طريق اللغة، وصحة النقل الشفهي في الإسناد، وتوثيق الرسم في المصاحف. وهذه الأصول الثلاثة حررها المحقق ابن الجزري في قوله :
وكل ما وافق وجه النحو وصار للرسم احتمالاً يحوي
وصح إسناداً هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان
الركن الأول : سلامة اللغة :
نظراً لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، وكان معجزاً لكفار العرب أهل الفصاحة والبلاغة، فقد تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، مصداقاً لقوله تعالي : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن علي أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) (سورة الإسراء، الآية 88).
قراءات شاذة
ومن أجل ذلك استبعد القُرَّاء كل ما يخالف قواعد العربية، فاعتبروا من القراءات الشاذة قراءة ( الحمد للَّه رب العالمين) (سورة الفاتحة، الآية 1) بكسر الدال، أو بضم لام الجر. غير أنهم قبلوا كل ما له وجه نحوي إذا صح إسناده، مثل قراءة حمزة بن حبيب الزيات، (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) (سورة النساء، الآية 1) بخفض الأرحام، لجواز العطف علي ضمير الجر.
ويدخل في هذا الركن قبول القراءات المتنوعة بحسب صيغ أداء القبائل العربية للحروف، استناداً إلي الحديث الصحيح القائل بأن القرآن أُنْزِلَ علي سبعة أحرف. ومن روايات هذا الحديث ما رواه الإمام مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان علي غير ما أقرؤها، وكان رسول الله (صلي الله عليه وسلم) أقرأنيها، فكدت أعجل عليه، ثم أمهلته حتي انصرف، ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله صلي الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان علي غير ما أقرأتنيها. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : هكذا أُنْزِلَتْ، ثم قال لي : اقرأ، فقرأت، فقال : هكذا أُنْزِلَتْ. إن هذا القرآن أُنْزِلَ علي سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه.
وحديث الأحرف السبعة متفق علي صحته، مختلف في لفظه وتفسيره. وقد روي الشيخان من حديث ابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : أقرأني جبريل علي حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتي انتهي إلي سبعة أحرف. وله روايات وطرق أخري متقاربة في المتن والمعني.
واتفق العلماء علي أن القصد هو التخفيف علي الأمة، ولكنهم اختلفوا كثيراً في معني الأحرف، فكان كل فريق من العلماء يفسر حديث الأحرف السبعة حسب تخصصه :
الأصوليون يقولون : المطلق والمقيد، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ، والنص والمؤول، والمجمل والمفسر، والخبر، والاستثناء وأقسامه.
والفقهاء يقولون : الحلال والحرام، والمحكم والمتشابه، والأمر والنهي، والدعاء والخبر، والاستخبار، والزجر والوعد والوعيد.
ويقول أهل البيان : إنها : الحذف والصلة والتقديم والتأخير والاستعارة والتكرار والحقيقة والمجاز والمجمل والمقيد والظاهر والمضمر.
أما اللغويون، فيقولون : لغات القبائل، ويذكرون سبعة منها : وهي لغة قريش وهذيل وثقيف وهوازن وكنانة وتميم واليمن. ونسب هذا القول إلي ابن عباس. وأورد اللغويون الكلمات الخاصة بلغات هذه القبائل مثل ''اللهو'' ويعني المرأة عند أهل اليمن، ''ييأس'' أي يعلم، في لغة هوازن.
اختلاف الحركات
ولعلماء القراءات آراء متقاربة تتناول اختلاف أوجه الأداء في القراءات الثابتة، وقد بسطها أبو عبيد الله بن سلام وأبو حاتم السجستاني وابن قتيبة وأبو الفضل الرازي، وابن الجزري الذي يقول : ولا زلت أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة، حتي فتح الله عليَّ بما يمكن أن يكون صواباً، إن شاء الله، وذلك أنني تتبعت القراءات : صحيحها وشاذها، وضعيفها ومنكرها... فإذا هو يرجع اختلافها إلي سبعة أوجه لا يخرج عنها:
الأول : اختلاف في الحركات بلا تغير في المعني أو في الصورة، نحو : البُخل والبَخل، ويَحْسِبُ ويَحْسَبُ.
الثاني : اختلاف في الحركات يؤدي إلي تغير في المعني دون الصورة، مثل : (فتلقي آدَمُ من ربِّه كلمات) (سورة البقرة، الآية 36) (فتلقي آدَمَ من ربه كلمات).
الثالث : اختلاف في الحروف بتغير المعني لا الصورة، نحو : تبلو وتتلو، ونُنَجِّيكَ ونُنْجِيكَ.
الرابع : اختلاف في الحروف بتغير الصورة لا المعني، نحو : بسطة وبصطة، والصراط والسراط.
الخامس : تغير المعني والصورة، مثل : (أشد منكم) و( أشم منهم ) و(يأتل و)يتأل، و(فامضوا إلي ذكر الله) و( ... واسعوا ).
السادس : التقديم والتأخير، نحو : (فيَقتُلُون ويُقْتَلون ) (سورة التوبة، الآية 112) و(فَيُقْتَلُون ويَقْتُلُون). (وجاءت سكرة الموت بالحق) (سورة ق، الآية 19) و(وجاءت سكرة الحق بالموت).
تعدد القراءات
السابع : الزيادة والنقصان، نحو : ووصي وأوصي، ( والليل إذا يغشي والنهار إذا تجلي وما خلق الذكر والأنثي) (سورة الليل، الآيات 1-3) بحذف -ما-.
وقد يكون من أسرار حديث الأحرف السبعة أنه نفسه روي علي (سبعة أحرف) فاتسعت معانيه لتتحمل كثيراً من الأقوال والآراء التي لم تستنفد إلي الآن مضامينه ومراميه.
وهكذا بَيَّنَ الرسول صلي الله عليه وسلم جواز تعدد أوجه القراءة، فرفع بذلك عن الأمة حرجاً لا طاقة لها بتحمله. فهذا الحديث من معجزات حفظ القرآن، ومن مظاهر رحمة الله تعالي التي أنزلها علي لسان خاتم الأنبياء والمرسلين. فتنوع أحرف هذا الحديث، واختلاف العلماء في فهمه، يدل علي سعة تحمله.
* الركن الثاني : موافقة المقروء الثابت في ذاكرة حفظة القرآن لنطق حروف المصحف العثماني :
لقد اختلف في عدد المصاحف التي نسخت نقلاً عن ''المصحف العثماني'' عند تمام كتابته في عهد عثمان بن عفان، رضي الله عنه، والمشهور أنها كانت خمسة، وقيل كانت سبعة، أرسلت إلي : مكة والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة، واسْتُبْقِيَ واحد في المدينة. وقد عرف منها المصحف المدني والكوفي والشامي والمكي والبصري، فصار كل مصحف منها هو ما يعرف ب ''المصحف الإمام'' الذي يرجع إليه في تصحيح القراءة.
القواعد الاملائية
ولوحظ علي هذه المصاحف بعض التباين في الكتابة، وهو تنوع محدود ليس فيه اختلاف تضاد أو تناقض، وإنما هو توسعة علي أهل الأداء، لأن الرسم العثماني كان خالياً من الشكل والنقط، فاحتمل تعدد أوجه القراءة، وفقاً لحديث الأحرف السبعة المذكور آنفاً.
وكانت عناية العلماء بالحفاظ علي صورة الرسم العثماني بالغة، فمنعوا إجراء أي تغيير عليه بزيادة أو حذف، أو تطبيق ما جدّ من قواعد الإملاء عليه، واحتفظوا بكتابة الكلمة، ولو كانت مغايرة للنطق. فظهر ذلك في كتابتهم :(والسماء بنيناها بأييد ) (سورة الذاريات، الآية 47) بيائين. وكتبت (نشاء) مرة بالألف بعد الهمزة، ومرة (نشؤا). ورسمت (أيها) تارة بالألف، وأخري دون ألف.
واحتفظ كذلك بكل ما جاء موصولاً أو مقطوعاً، لمنع أي تبديل في الرسم العثماني، المصطلح عليه بالسواد.
وفي أول الأمر تحرج العلماء من زيادة النقط والشكل، إلا أنهم في أواخر القرن الأول اضطروا لهذه الزيادة دفعاً لضرر آخر وهو الخطأ في القراءة، وهذا ما حدا ب ''أبي الأسود الدؤلي'' أن يضيف شكلاً في صورة نقاط لضبط حركات الكلمة في البناء والإعراب، فجعل النقطة بين يدي الحرف للضم، وفوقه للنصب، وإذا كانت تحته فهي علي الكسر. وجاء بعده ''نصر بن عاصم'' الذي أتي بنقط الإعجام للفصل بين الحروف المتشابهة، مثل الباء والتاء والثاء، وبين الجيم والحاء والخاء، ونحو ذلك.
تطور الضبط
وقد اصطلح علي هذه الزيادات بمصطلح ''الإعجام''، واجتهد العلماء الأوائل أن يستعملوا للشكل والنقط حبراً يخالف لون الرسم الأسود للكلمات، ولكيلا يُظَنُّ أنه منها. ثم تطور هذا الضبط في القرن الثاني الهجري، فأدخلت علي الحروف علامات الهَمْزِ والمَدِّ والإمالة علي يد ''الخليل بن أحمد الفراهيدي'' (ت 170ه/789م) فبقي الرسم محفوظاً مُمَيَّزاً، دون حاجة لمخالفة لونه للون الشكل والنقط.
وقد أَلَّفَ القُرَّاء في خط المصحف عدة مصنفات، منها كتب : أبي عمرو الداني في الرسم والنقط، وأنظام الخراز المغربي، ورسم الطالب لعبد الله الشنقيطي.
لقد حافظ المسلمون علي رسم المصحف وضبطه وتفننوا في كتابته وزخرفتها، فأبدعوا روائع من خطوط المصاحف، واشتهر منهم نساخ مرموقون، أمثال : ابن البواب وابن مقلة والرفاعي المغربي.
الراية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.