محطة أخرى تحط فيها المرأة اليمنية رحالها لتكون شاهداً آخر على تحضّرها، فقد شاركت في ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية لترسم صورة تاريخية أمام العالم متميزة بحضورها الفاعل في مختلف الأصعدة الثورية, وهي اليوم ترسم لوحة ثقافية عندما تقف أمام معرض السعيد الدولي للكتاب منتظرة موعد افتتاح المعرض.. كن من مختلف الأعمار. تقول: أنا منذ الساعة الثانية بعد الظهر أنتظر مع البقية افتتاح المعرض, فوجهت لها بعض الأسئلة: أنت موظفة؟ لا, أنا ربة بيت, وخريجة إدارة أعمال.. ما نوع الكتب التي تشتريها؟ دينية وفي الإدارة بحكم تخصصي.. ما رأيك في اقتناء المرأة للكتاب؟ صورة جميلة هذا الذي نراه, ولكن أغلب من جاءت لشراء الكتب فهي تشتري إما في التخصص أو في الطبخ فقط, أو وسائل تعليمية, ومن النادر جداً أن ترين امرأة تشتري كتاباً نعتبره من أمهات الكتب.. ما السبب في نظرك؟ أنا أهوى القراءة, ولكن الكتاب الجيد سعره غالٍ جداً, وهكذا البعض مثلي, البعض الآخر انشغلن بالتلفاز كوسيلة ثقافية, وغياب الطموح والرغبة لدى المرأة في أن تصير مثقفة. ونحن في أمس الحاجة لامرأة بهذا المستوى ولرجل بهذا المستوى، مع العلم أنها درست وهي متزوجة, ولها نشاطات اجتماعية وتوعوية, وقدم لها زوجها كل ما يمكن تقديمه للوصول بها إلى هذا المستوى.. هذه المرأة نموذج للمرأة التي نريد، أعتقد أن المرأة التي ليست في منصب القرار وليست موظفة لديها الفرصة في العمل المجتمعي الحر أكثر من غيرها, فعلى من لديها شهادة علمية وترغب في العمل المجتمعي المشاركة وكسر حواجز الخوف الوهمي, وخاصة من لديها أسرة فلتعلم أن خروجها يساعدها في كشف وسائل أخرى مساعدة لها في عملية التربية لم تكن تحصل عليها وهي قابعة في البيت حبيسة الجدران ...إلخ. إن الوعي هو السياج الحقيقي والواقي للإنسان من المخاطر التي تهدد كيان الإنسان اليمني، إن الرصيد المعرفي يساعد الفرد على تشكيل رؤية ناضجة في حياته ومما يدور حوله, وقيم إنسانية عامة تمكنه من النضال من أجلها، وتعد التربية الهادفة منبع الوعي لأهميتها ووسائلها.. وهنا يتبادر إلى ذهني سؤال لماذا تتدهور التربية كل يوم؟ لماذا يضعف التعليم إلى درجة أن المعلامة لربما كانت مخرجاتها أفضل, وبرغم هذا التدهور إلا أن هناك ظواهر إبداعية ذات مجهود ذاتي يتشرف به العلم. فالمشاريع السياسية الوطنية يكتب لها الفشل برغم التضحيات الجسام, أليس الوعي الجمعي الغائب هو الذي يصنع الهفوات للأحداث السياسية وتتعثر بسببه التنمية.. ألا ترى أن كل فرد تابع لمن هو أعلى منه حتى صارت اليمن تابعة في كل شيء؟ أليس الوعي هو أول خطوة للاستقلال, والاستقلال خطوة كبيرة نحو الإبداع..؟ قيل إن الثورة أحدثت وعياً, نعم, ولكن هل هو بالمستوى المطلوب ليحدث التغيير الشامل والمتكامل في حياة اليمنيين, أم أن مراحله طويلة وشاقة أمام من يتطلع إليه؟ إذاً الوعي هو أول خطوة ثورية للتغيير, وهو فرض عين على كل فرد ليتشكل وعي جمعي قادر على صناعة التغيير, وعلى التحكم في زمام الأحداث, أما أن يكون تغييراً بدون وعي أو قدرة فأنت تخدم غيرك وتضع حجرة عثرة أمام تحقيق أهدافك، بل إنك تكون قد وضعتها في شباك لتظل أسيرة لعقود إذا لم تواصل السير في تحقيق أهدافك التي تراها إنسانية وضرورة حتمية لتقدم الشعوب. الوعي ليس محصوراً بزمان أو مكان أو في فئة من الناس, والقيام به فردي وجماعي, وتقوم به مؤسسات دولة وفق خطط وفي مقدمتها وزارة الثقافة والإعلام الحر, وكذلك النخب المثقفة.. وهذا ما نرغب في حدوثه في السنوات القادمة، ولابد للقطاع الخاص من دور في عالم الوعي المعرفي وخاصة أن دولتنا في أمس الحاجة إليه.