منذ مايزيد عن عقد ونيف، ونحن نسمع بتوجهات النظام -طبعاً السابق- عن عزمه حل مشكلة مياه تعز. ظللنا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً - بحسب المثل الشائع- ليبقى الظمأ حال الناس المرير؛ خاصة من يقيمون في مركز المدينة. وقبل حوالي سنتين استبشر سكان تعز خيراً. مع تداول اخبار عن نية مجموعة هائل سعيد أنعم المشاركة في إنشاء المشروع عبر محطات كبرى متخصصة (بلزملحة)؛ إزالة الملح من الماء أو ما يعرف بمحطات تحلية مياه البحر لتصبح سائغة، وبالشراكة مع شركة سعودية. كما يتراوح قيمته ب”220 مليون دولار” كتمويل لمشروع الخط الناقل لمياه التحلية من ميناء المخا على البحر الأحمر غرباً. وذهبت تلك الاخبار بأن الاتفاق تم وستمتد أنابيب الشبكة الى كل بيت في المدينة (40)كم غرب تعز لتنتج حوالي(100) ألف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب يومياً لإمداد تعز بالإضافة الي مدينة إب. تحديداً كان ذلك التوجه “التضجيجي” مصاحب لإقامة احتفالات النظام السابق بالعيد الوطني العشرين في تعز. أثناء هبوط مسئولي الدولة ضيوفاً ثقالاً على مدينة يمزقها العطش. كان ذلك 22 أيار منتصف العام 2010. حيث سبقه استعداد واسع للتلميع والبهرجة الخادعة, وضمن ذلك عقد اجتماع بين وزير المياه والبيئة عبد الرحمن فضل الإرياني والمحافظ الصوفي - كلاهما أصبح (سابق) - وشوقي هائل الذي كان حينها يشغل رئيس لجنة التخطيط والتنمية في المحافظة من جهة وبين موظفي مؤسسة المياه والصرف الصحي بالمحافظة من جهة ثانية, لخرج الاجتماع حينها بمعلومة مفادها بأن “المشروع سينجز خلال عامين ونصف”. لم يتحقق شيء حتى اللحظة من كل تلك الوعود. فبدأت تتغير الاوضاع في البلد -بفعل ثورة التغيير- عموماً, ويظل ظمأ تعز خاصيتها المزمنة. في غياب كل ذلك الضجيج الذي ظل يعبث بمسامعنا طيلة سنين، كاد يصيبنا بالتلوث السمعي. ومنتصف الاسبوع قبل الماضي عاد سكان المدينة يصرخون عطشاً، فبادر المحافظ إلى اجتماع مع منظمة (مرسي كوريس) الامريكية التي تعمل في المجال الإنساني الخدمي، وقبله منذ حوالي شهر أيضًا دار اجتماع مماثل مع وكيل المحافظة محمد الهياجم مع هذه المنظمة، حيث أعلنت المنظمة يومها وعبر ممثلها لدى بلدنا أنه سيتم خلال الاشهر الستة القادمة، كما قال: تنفيذ مشروعين الأول مشروع تنظيف النفايات والمخلفات والمشروع الثاني تأهيل شبكة المياه والصرف الصحي وبتكلفة إجمالية للمشروعين ب (556.290 دولاراً أمريكياً). ووسط كل تلك الوعود ما يزال ابناء تعز ينتظرون القيام بشيء يذكر، من تنفيذ الوعود المجمدة، وبما يمكن أن يمثل لهم مشروع إنقاذ حقيقي من معاناتهم مع حالة الظمأ الحاضرة. [email protected]