ثمة أساسيات تميز المدن عن القرى منها توافر البنية الأساسية لتشكل المدينة والتي من ضمنها الماء والكهرباء وشبكة الطرق والإتصالات والخدمات اللازمة حتى تصنف وتوصف ضمن المدن المعروفة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. إن الحديث بهذه الكيفية يجعلنا نضع المدن اليمنية ومنها المدينة الحالمة تعز ضمن هذا التوصيف الأولي للعوامل التي ينبغي توافرها لتكون ضمن المدن المتعارف عليها ، الأمر الذي يجعلنا نعيد تقييم مدننا الرئيسية على هذه الكيفية، بمعنى آخر يجب علينا الاعتراف بتوافر أو عدم توافر شروط المدينة الحديثة لمدننا التي نصنفها ضمن المدن الحضرية. إذا كانت مدينة تعز مازالت حتى اللحظة تفتقر إلى النظافة فهي ومنذ عقدين ونصف من الزمن الجمهوري المتعثر تموت عطشاً بكل وقاحة وصلف سلطوي الذي لم يعترف بإنسانية الإنسان فكيف يعترف بحياة المدن ومتطلبات نموها ونهوضها واستقطابها للمستثمرين ورؤوس الأموال وتأمينها لمتطلبات الحياة والاستقرار. تمنيت - والأماني في وطني سحابة صيف- أن ينجز مشروع تحلية مياه البحر لإنقاذ الحالمة تعز من العطش قبل مسجد الصالح الذي يُعد صورة مجسدة لفساد الحاكم وتخلف وعيه وقصور حكمته وحقد بطانته ضد هذه المدينة أو تلك ،فرضا الحاكم عندهم عبادة. إن إنقاذ البشر من العطش مقدم على بناء دور العبادة، سواء في نظر الدين أو العرف أو الشرائع والقوانين، فكيف يكون عطش الحالمة تعز أمام بناء مسجد ويؤرخ لفساد مرحلة من مراحل التاريخ اليمني المعاصر.. إن طرق هذا الموضوع ليس من باب التعصب - مع أن ذلك حق مكتسب - لكن الزائر لهذه المدينة المتيبسة من العطش يشعر بالحزن على المدينة الجميلة التي تموت فيها الذكريات عطشاً، تغسل وجهها الأمطار شهوراً ثم ترحل هي الأخرى غير مكترثة، رحم الله الإمام ، بنى سداً لتجميع مياه الأمطار لأيام الجفاف، لكن جمهوريتنا حولت سد العامرية إلى مقلب للقمامة وحاضن للبعوض والأمراض. إن مدينة تعز كانت بحاجة إلى عدة سدود كبيرة للاحتفاظ بمياه الأمطار ثم معالجة تلك المياه للإستفادة منها كمياه للشرب وتغذية للمياه الجوفية التي تستنزف بعشوائية من قبل عتاولة السلطة والمتنفذين فيها لأنهم أصبحوا هم الملاك للمزارع، أما المواطن البسيط فقد أصبح في حكم المعدم ويعمل أجيراً بقوته لدى الإقطاعيين الجدد في بلادنا.. إن تعز الأرض والإنسان لاتقل معاناة عن تهامة وأبين وعدن وحضرموت ، سُرقت أراضيها واستولى عليها المرتزقة حتى كادت اليوم تموت كمداً وعطشاً، إن الإنجاز الحقيقي للمحافظ الجديد شوقي أحمد هائل لن يذكر مالم يكن مشروع تحلية المياه وبناء شبكة من السدود حول مدينة تعز في مقدمة إنجازاته وسيكتب بذلك الإنجاز تاريخ الحالمة تعز في القرن الواحد والعشرين فهل إلى ذلك النجاح من أمل ؟. [email protected]