تزايد محاولات الاغتيال في اليمن على مستوى الشارع ليس إلا صورة مصغرة لحادثة اغتيال كبرى لليمن السعيد. غول الفلتان يجول ، وشبح الإقصاء يصول ، والاغتيال فعل يأس وانتقام مبني على فشل الحوار. قد تكون فعل يأس لجهات تحاول فرض هيمنتها بالقوة على الوضع السياسي أو انعكاساً مباشرا لغياب شيء اسمه الحوار او أثرًا من آثار الاقصاء وإلغاء الآخر ، لكن الاغتيال قد يتحول الى ثقافة سوداء عندما يجتمع ضعف الاداء الامني مع غياب الوسائل الرادعة وانصراف التوعية. في كل يوم نسمع عما لايقل عن ثلاث اربع محاولات اغتيال لم تعد مقصورة على مسؤولين كبار وأمنيين بل صارت تطال مواطنين رجال اعمال او مدراء، نجاة فلان الفلاني من محاولة اغتيال ، تعرض علان لمحاولة اغتيال, وهلم جرا من الاغتيالات ومحاولاتها التي لاتتوقف. لم نسمع عن ردة فعل حكومية حازمة لإلجام هذا الغول، لم نسمع مثلاً الحكومة تكشف عن الجهة المتورطة في تدبير محاولة اغتيال فلان او علان ، او تحويل المتهم الفلاني أو العلاني ، أو أي إجراء رادع للساسة المتصارعين الذين ينبغي ان يقدموا نموذجا للتسامح والسلام بين الناس، حولوا بنموذجهم السوداوي ثقافات الكراهية والاغتيال الى واقع وصارت عملية تدافع اجتماعي عبثي في الاتجاه الخاطئ. توقعوا أن هذه الثقافة السوداء ستزداد توسعاً لتشمل باقي الهرم إذ لايجب ان تستبعد ان تسمع اخباراً على سبيل نجاة مقوت في سوق الحصبة من محاولة اغتيال قام بها مولعي بعد نزاع على علاقية قات، تعرض أستاذ في مدرسة “العلم نور” لمحاولة اغتيال قام بها احد طلابه، نجاة ثلاثة اطفال من محاولة اغتيال قام بها قرد في حديقة الحيوانات، ولو تلاحظوا عظيم لطف الله على هذه البلاد فتسعين بالمائة من الأخبار تبدأ بعبارة “نجاة فلان من محاولة اغتيال”، وكأنها رسالة من الله سبحانه وتعالى للحكومة المتسمرة المتجمدة: تحركوا قبل فوات الاوان قبل أن تصبح البلاد على عشر محاولات اغتيال وتمسي على عشرين ، قبل ان يصبح الاغتيال مثل شرب الحبة البارامول او كأي سلوك يومي. لايمكن أن تتوقف طاحونة الفلتان التي انتجت جميع ثقافات العنف من هروب من معالجة قضية الجنوب الى مصادرة آراء الى إقصاء أطراف إلى تجذير ثقافة كراهية، إلى فتح الباب للفتنة الطائفية، إلى غياب هيبة الدولة ، وتساهل الحكومة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لردع هذه الأعمال .. كل ذلك كان سبباً لانتشار ثقافة الاغتيال. اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.