تعز علامة فارقة في أزمنة الظلمة والجهل, وهي عنوان لا يماثله عنوان في المدنية, والفعل الثقافي, وهي حاضرة لا يسكنها التطرف ولم يعش فيها التمذهب, ولم تعرف في تاريخها سوى الاعتدال والتعايش والسلم الاجتماعي, وهي منصة الثورات ورحم ولاد على الدوام للتغيير والنزوع نحو الأفضل. تعز أيها الإخوة لم تلبس عمّة ولم تحمل سيفاً, ولم تركن إلى بندقية, ولم تعتمد على عصبية, ولم تراهن على الفئوية, ولم تعمل في مراحلها التاريخية على سيادة الطائفية والعنصرية والتمايز, قدر ما كانت ووفق ما يحكيه تاريخها المكتوب والمحكي مقاتلة, مناضلة لسيادة القانون وتحقيق المساواة. تعز لم يذكر عنها أو يوثق فيها معارك تحت راية الشخص والقرية, قدر ما كتب عنها إسهامها الحقيقي على الأرض بالدم والمال في كل بقعة من أرض الوطن من أقصاها إلى أقصاها, وحين يعد الشهداء وتفند هوياتهم الجغرافية والسكانية نجد لتعز النصيب الأوفر, لأن تعز اعتادت أن تكون لليمن, وتكون اليمن في سويداء القلب, وبؤبؤ العين, لكل ابن من أبنائها, ولذلك نراهم لا يترددون عن الإقدام للتضحية بأغلى من لديهم لأجل الوطن. هذه تعز, العلم والثقافة, والمواطنة والانتماء, فعلى الذين لم يبذلوا جهداً في قراءتها وقراءة تاريخها أن يبذلوا جهداً حتى لا يقعوا في أخطاء جسيمة وكارثية في حق أنفسهم وحق تعز التاريخ والحضارة, واللوحة المدنية التي لا ينبغي تشويهها تحت أي ذريعة أو حجة لا تمت بصلة في الحقيقة والتاريخ لهذه المحافظة التي تشكل شرايين الحياة لليمن الأرض والإنسان. إلى الذين يرتكبون حماقات لتمزيق صورة تعز, ويدخلون عليها من يضّرُ بها ويشوه جمال ورونق وبهاء هذه الصورة.. نقول: اتقوا الله في تعز, واتقوا الله فيها وبنقائها السياسي وبمصداقية عطاءاتها النضالية, ولا تسمحوا لأنفسكم أن تمسكوا بمشرط المجنون لتحدثوا فيها تشوهات تقلب المعاني وتسحق المضامين التي تحملها الصورة, لأن جهدكم هذا لن يكون فعالاً لأن الجوهر الذي يسكن تعز لا يمكن لمشرطكم أن يصل إليه, وإن أحدث فيها تشوهاً مؤقتاً. نقول للذين ينفخون في النار لإحراق تعز: اتقوا الله في أنفسكم أولاً وفي تعز وتاريخها, وثقوا أن كل ما تقومون به لا يشكل طعناً في تعز قدر ما يشكل طعناً بمن يمارس التشويه والحرق, فتعز فوق كل الممارسات الطفيلية غير العاقلة, ومع كل ذلك نقول لهم: كفوا أيديكم عن تعز, وأمكثوا حيث يجب أن تكونوا واتركوا تعز تعيش لحظات التحول باطمئنان واستقرار وسكينة. - إن المسلحين الذين يجوبون المدينة بسلاحهم, هم أعداء تعز. - إن الذين يدعون لإحراق تعز بأفكار التمذهب والطائفية والتمايز, هم أعداء تعز. - إن الذين يحولون مجرى الثورة وساحتها إلى غنيمة ووسيلة للمزايدة السياسية أو الكسب الرخيص هم أعداء تعز. - إن الذين لا ينظرون إلى تعز إلا من خلال أنفسهم ووجودهم وكينونتهم ويتناسون ويقفزون فوق تعز الأرض والإنسان والتاريخ, هم أعداء تعز. - إن الذين يقعون أسرى للإشاعة ويحولونها إلى حقيقة يسيئون بها إلى الآخر ويدعون امتلاك الحقيقة هم أعداء تعز. - إن الذين يعتقدون أنهم وحدهم من رفع راية التغيير وأعلن الدعوة لأجلها هم أعداء التغيير, لأن هذه الدعوة هي رسالة تعز وكل قواها الحية, ومن يصر على غير ذلك هم أعداء تعز. إن تعز قالب قيمي يشكل الوافد إليه, ولا يتشكل به ومن يفعل في اتجاه معاكس هم أعداء تعز. والله من وراء القصد.