يحتفل الشعب اليمني هذه الأيام بالذكرى الخامسة والأربعين لجلاء المستعمر من جنوب وطننا الحبيب, وتمر علينا هذه الذكرى واليمن تعيش مخاضاً عسيراً للخروج بالوطن إلى بر الأمان، وعبر التاريخ يعيش اليمنيون وحدة جسدية وروحية ولم تكن فيهم هذه الأمراض التي تفشت بعد حرب عام 1994م فلم تكن ثقافة عدن لتفرق بين منطقه واخرى ولا بين شمال وجنوب، وخير دليل على ذلك أن فيلسوف الثورة وقائدها في الجنوب كان المناضل الشهيد عبدالفتاح اسماعيل، وكان في كل تشكيلات الحكومة في عدن قبل الوحدة يربو عدد الوزراء الذين ينتمون للمحافظات الشمالية عن عشرة وزراء، بل كان رئيس الحزب والرجل الأول في الوطن في فترة من الفترات (فتاح) ذا جذور شمالية، ولذلك تحققت الوحدة بإرادة شعبية قوية، فأساء لها السياسيون الذين أرادوا من هذه الوحدة مكسباً شخصياً وتمليكاً أسرياً فأكثروا فيها فساداً وعبثاً وظلماً ،فقتل من الأحرار من قتل وشرد الكثير وسرح عشرات الآلاف من أعمالهم وأحيل الكثير للتقاعد من أبناء المحافظات الجنوبية وهم في ريعان شبابهم وأوج عطائهم، فشعروا بالضيم والقهر، والكثير منهم كانت ردة فعلهم ضد الوحدة وضد إخوانهم في المحافظات الشمالية ورغم أن مطالبهم كانت في البداية حقوقية، وعندما لم يلتفت لها أحد تطورت إلى مطالب الانفصال ولطفها البعض بمصطلح فك الارتباط، وهم معذورون في مطالبهم رغم قولهم المؤلم ضد الوحدة ولأنهم ظلموا فتستشعر قوله تعالى :(( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلاّ من ظلم )) وما علم إخواننا في المحافظات الجنوبية أن الذي ظلمهم ظلمنا أيضاً ولذلك قامت ثورة الشعب المباركة في مختلف محافظات اليمن ومناطقه بالملايين، فأعادت الاعتبار للوطن وللوحدة وأيقظت الضمائر، فعدل الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية عن مطلب الانفصال عندما شعروا أن هناك جدية لإقامة دولة مدنية يسودها العدل والمواطنة المتساوية وإعادة الحقوق إلى أهلها، وكلنا شاهد مسيرة عدن يوم الجمعة 30 نوفمبر في ذكرى جلاء المستعمر. تلك الحشود الغفيرة التي لم تشهدها عدن وهم يرفعون أعلام الوحدة وشعاراتهم (( شعب يمني واحد ، علم يمني واحد )) ويرددون بكل عزة وفخر شعار: (( قلناها مليون مرة الوحدة مستمرة )). هذه هي عدن قلعة الثوار ومركز الإشعاع الثقافي والعلمي لكل أبناء اليمن رغم جراحاتها وما أصابها من ضيم إلا أنها تنتصر للوحدة وترفع صوتها مدوياً ليسمعه العالم.. إنها قلب اليمن النابض ولايمكن للقلب ان يغادر الجسد، فتحية لعدن الثورة عدن النضال والتضحية والفداء. ونظراً للترابط الروحي بين عدنوتعز، فقد تناغمت تعز مع مسيرة عدن الوحدوية وخرجت عن بكرة أبيها يوم أمس السبت 1 ديسمبر في مسيرة مليونية تحتفي بعيد الجلاء وتحيي عدن وكل ربوع اليمن مستقبلة وفوداً ثورية من مختلف المحافظات الجنوبية يتقدمهم المناضل الكبير رجل التضحيات الأستاذ محمد غالب أحمد عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني وجميعهم يرددون: شعب يمني واحد ويطالبون بسرعة هيكلة الجيش وعزل القتلة والمجرمين ومحاكمتهم انتصاراً لدماء الشهداء. ولأن العدل أساس الحكم, والمواطنة المتساوية تقتضي الانصاف ورد المظالم وتفعيل القانون فإننا نخاطب القيادة السياسية ممثلة بالأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق ممثلة بالأخ الأستاذ محمد سالم باسندوة بسرعة التوجيه بإعادة المسرحين إلى أعمالهم ورد المظالم وتعويض المتضررين، فهذه الحقوق ليست بحاجة لإقرارها من قبل الحوار الوطني وليس هناك أي مبرر لتأجيلها حتى تطمئن النفوس ويشعر المواطن بجدية الدولة وبأننا قد تجاوزنا زمن الظلم وأصبحنا نعيش عهداً جديداً يبشر بالخير . رابط المقال على الفيس بوك