كأنما لسان حال اللحظة المصرية الراهنة تقول لرئيس جماعة الإخوان : ماترسي لك على بر ياسي مرسي. الجيش المصري عاد أمس الأول إلى واجهة الأحداث من جديد وأعلن في بيان عن انحيازه للشعب، غير أنه سيبقى كما يقال شوكة ميزان من أجل مصر، لأنه إذا كان فعل مافعل من أجل التمهيد لإسقاط وتنحية مبارك، فمثل ذلك سيفعل أكثر في حال مرسي، لأن الأخير ماتزال تأثيراته في مؤسسة الجيش ضعيفة، وبالتالي من الصعب على مرسي، اختراق المؤسسة العسكرية وماء وجه الجيش العربي المصري الذي خاض حروب المد القومي باسم العروبية . وإذا ًمن الصعب على مرسي الالتفاف على الجيش إذا كان يعتقد بأنه سيفعل ذلك مع الشعب كما تؤشر مؤشرات على الواقع،غير أنها قد تنذر بسقوط محتم لمرسي إن هو لم يعتدل ويتراجع عن حماقاته السياسية غير العاقلة،لأن تجربة الإخوان السياسية لم تنضج بعد ولن تنضج كما يبدو لأنها تجربة نمطية وغير متغيرة. ولأن مزاج تجربة«الاخوان المسلمون» كأنما هم وحدهم المسلمون، أقول مايزال هو نفسه المزاج السياسي الذي يعمل بمقتضيات رأي المرشد ودولته الثيوقراطية التي يسير من خلالها الدين بالسياسة أو العكس، يعني شغل الجمعيات يستحيل أن تدار من خلاله دولة كمصر تحديداً.مصر لا تحتاج إلى مزاج السلطة الدينية التي تعادل سلطة الباتريرك في الكنيسة.من هنا فشغل الجمعية أو الجماعة لن يجدي نفعاً لجميع المصريين،فلا جمعية تكون بديلاً للدستور والدولة. الظاهر يقول إنه هناك ما يشي بتموضع لعناد رأس القرار في مصر بمزاج الواحد الفرد المستبد ب«أغلبية» نسبية، غير أن إدارته لشأن الدولة في مصر قد يوقع الديبلوماسية المصرية في مأزق دولي وليس وطنياً فحسب.وأياً كانت الحسابات والأوراق الأقليمية في النظر إلى مصر الآن ومهما أبدت جماعة الإخوان من براجماتية للتربع على كرسي قد تحترق به وتحرق من حولها ورقة الإسلامويات كلها في المنطقة بمزاج الاستفراد والتفرد. كما أن الاقصاءات والتسلط في مصر لن يجدي هو الآخر وبخاصة في ظل ثورة تفضي إلى متواليات أخر من الثورات داخل الثورة الواحدة المستمرة،لأن ثورة 25 يناير المصرية هي ثورة غير مقيدة، فلا مصدات ولا فرقة ولا حرس يعترضها أو أمن مركزي يطهش في قتل المواطنين كمل يحدث في اليمن.ولأن مصر اليوم وشعبها المكابد، أمامه قضايا أكبر من حسابات الجماعة،والأحرى بجماعة الإخوان درءاً لأي فوضى أو صدامات سيكونون هم السبب الرئيسي لها،أن يسلكوا طريق القانون والقيم المدنية للتعايش بالعقد الإجتماعي المصري المؤسس بتقاليد القضاء المصري ومتراكمات التشريع من نهضة محمد علي باشا حتى ما قبل قرارات مرسي،البعيدة عن أسس العمل المدني والمشاركة السياسية إلى جانب القوى المدنية والوطنية الأخرى,وبدلاً من الرطانات والرغاء، مصر الآن تحتاج إلى دولة دستورية تمليها إرادة الشعب وقضاتها الميامينبقدر ما تحتاج إلى خطاب سياسي رصين ومدني ومؤنسن، لا إلى موعظة،الموعظة والتنوير الديني يترك لمؤسسة الأزهر،وعلى المصريين أن يصنعوا من إرادة الشعب شخصية رئيس ودولة وبلد : اسمها مصر. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك