كنا ونحن صغاراً حين نطلب من أمي رحمة الله تغشاها أي طلب لا يمكنها تلبيته لنا تقول : « لما ينوق حمار البحر» ، أي أنه من المستحيل أن يتحقق ما نريد ، وما يحدث حاليا من أحداث تسيء لثورتنا الشعبية الشبابية السلمية من قبل بعض المتمصلحين والذين خلطوا الأمور ببعضها لدرجة جعلتنا نردد هذه المقولة. فحين نتساءل ترى متى ستحقق مبادئ الثورة وأهدافها ومتى سيرحل الفاسدون ، ومتى ومتى فبدون أن تكون لدينا رؤية واضحة لإمكانية التغيير الجذري للواقع المعاش فسنظل محصورين في دائرة هذا المثل. ولست أدري هل حمار البحر فعلا ينوق ، ولو ناق فهل ستتحقق أحلامنا في دولة مدنية حديثة ، وأي تغيير نريد ؟!! وأخلاق كثير من الشباب مازالت تتمثل نفس القيم السلبية التي يمارسها الفاسدون من قوى النظام السابق . وما يحدث في الواقع المعاش من تبادل اتهامات وشائعات تطال بعض الهامات المثقفة ، وشتائم وسباب لا تليق بنا كثوريين ننشد التغيير يؤكد لنا بأن التغيير لن يحدث إلا بعد أن نغير أنفسنا. فأي تغيير نريد هل شخصنة الثورة وذلك بتغيير الأشخاص ، فماذا يهمنا من تغيير علي بأحمد أو بمحمد أو بحميد ما يهمنا هو تغيير النظام من نظام فردي عسكري إلى نظام مدني يحقق المواطنة المتساوية ، ويسود فيه القانون الذي نحتكم إليه جميعاً. فمتى سينوق حمار البحر ، ونحن ما زلنا نراوح في مكاننا ، ولا نتقدم قيد أنملة ، فكلما تقدمنا خطوة إلى الأمام رجعنا خطوات عديدة للخلف. فحمار البحر لا ينوق إلا حين يشعر بالبهجة ، ويسمع أصوات الزغاريد والفرحة تعم المكان. لا ينوق حمار البحر حين يسمع أصوات الرصاص والسباب والشتائم وتبادل الاتهامات تملأ السماء والأرض ، وتعكر الجو بسمومها. والمؤلم حقا أنني لم أتمكن من سؤال أمي عن حمار البحر قبل أن ترحل عن دنيانا الفانية. ومع ذلك لست متشائمة من حالنا ، وسأبحث في زيارة خاصة للقرية حكاية حمار البحر مع بعض العجائز اللواتي مازلن صامدات في مواجهة هذا الزمن الأغبر. ربما يرشدنني إلى حمار البحر ، وأجد عنده حلا لهمومنا التي تتراكم فوق بعضها. فلو تمكنت من فك شفرة هذا المثل أو الحكمة ربما يمكنني أن أصل إلى بداية عقدتنا ، فأحيانا يكون الحل قريبا منا ، ولكن عمى البصيرة يمنعنا من الرؤية الحقه. واتمنى أعزائي أن تبحثوا معي في أصل المثل ،ولعلكم تصلون إلى حقيقة هذا المثل ، ونتمكن فعلا بتعاوننا من الوصول إلى رؤية مشتركة لواقعنا المثخن بالجراح ، فنوقف على الأقل النزيف ، وننظف الجراح من التلوث الذي ألم بها.. أتدرون بأن كل يوم يمر يفاقم من مأساتنا ، ولذلك لأبد من معرفة أين حمار البحر ، ومتى سينوق، ربما يكون لإيقاع نوق حمار البحرتأثير أعمق من الحوارالذي لم يخرج بنا إلى طريق آمن حتى اليوم. فمن يدري قد يكون لنوق حمار البحر صدى أفضل ، وربما يكون صوته مسموعا للقاصي والداني في بلادنا الحبيبة ،وتكون لغته أكثر وضوحا من لغة الحوار السائدة حاليا بين الفرقاء. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك