لا أبالغ إن قلت أننا منذ ثلاث وثلاثين سنة نعيش عهد اللا دولة، في بلد عبثت به وبمقدراته وبقيمه وقوانينه ونظمه ودساتيره عصابات يطلق عليها اسم مراكز القوى، تمثلت هذه المراكز طيلة الفترة الماضية بالقبيلة والقرابة، اللذين تقوى نفوذهما على حساب إضعاف نفوذ الدولة، وأعني هنا بالقرابة علاقة النسب الرابطة بكبار مسئولي الدولة، والتي على إثرها صار التعيين في المناصب القيادية حكراً على الأبناء والإخوة والأنساب والأصهار، دون إعمال للقانون الذي ينظم تولي مثل هذه المناصب وفقاً لمعايير المؤهل والكفاءة والقدرة والخبرة والفاعلية، أما عن قبيلة النفوذ فهي كل قبيلة سابقت في التخلف والقتل والنهب والسلب وقطع الطريق، لتحوز قصب السبق في تقاسم سلطات الدولة، فيكون لها نفوذها ووجودها الواضح والمؤثر في صناعة القرار، مراكز القوى هذه هي داء اليمن العضال الذي قامت ثورة الشعب الشبابية السلمية لإجتثاثها، لأنها كانت وماتزال وراء الضعف الذي استشري في كل مرافق الدولة، فصار تبعاً لهذا الضعف الجيش والأمن قوى بقدراته وعتاده عاجز عن فرض سيادة القانون إلا على الضعيف الذي لا ظهير له، ولا متنفذ يسنده من والد وما ولد، وصار القاضي والمسؤول إن أراد تحويل ما يخالجه من إيمان بضرورة فرض القانون على الكبير والصغير مهدداً لا بزوال مركزه وسلطانه بل بزواله هو من على الدنيا، وإلا فأين الإقتصادي فرج بن غانم لماذا لم يستمر قبل وفاته رحمه الله في منصبه؟! وأين القاضي الإدريسي بعدما أريدت تصفيته في بيته بسبب حكم قضى به بتجرد؟ هكذا صارت الدولة عصابات تحكم وتدير ومواطن يُسلب ويقتل ولا مجير، لقد صارت الدولة مصادرها منهوبة والمواطن بلا كرامة خارج الحدود، حال الدولة أصبح مصادراً إلا في وسائل الإعلام، فهل الحوار الوطني المزمع إنعقاده في فبراير 2013 سيستعيد الدولة المصادرة؟ أم أن الحوار سيكون بمثابة تجديد عقد الإرتهان لمتنفذين جدد؟ إننا بحاجة ماسة لأن تستشعر كل مكونات المجتمع اليمني أن الحوار الوطني يجب أن يكون نقطة تحول يتم عندها التخلص من كل مراكز القوى التي عبثت بالوطن طيلة الفترة الماضية، وتحاول اليوم أن تعيد إنتاج نفسها من جديد، وهنا يجب أن لا يكون الحوار مهرجانا نكافئ فيه مراكز القوى التي إلتحقت بالثورة، بإعادة إنتاجها في مفاصل الدولة من جديد، فكونها إلتحقت بالثورة فذاك واجبها الذي نشكرها عليه، أما أن يصبح إلتحاقها منة يجب أن نكافئها عليه فهذا مالم يقدم الشهداء لأجله دماءهم، بل قدموها لتستعاد الدولة وتبنى مؤسساتها ويقوم سلطان العدل على الجميع ويعيش الناس على إثره بحقوق متساوية. أخيراً: إن مما يجب علينا أن نعيه أن إنجاح الحوار مسؤولية كل يمني يريد أن ينعم بوطن قوي آمن مزدهر ومستقر إذ ليس وراء فشل الحوار إلا إستمرار التنازع واستشراء الفساد. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك