لم يكن إطلاق توصيف معين على أي من النظم السياسية إلا وفق معايير محددة تمكن الباحثين من تسمية النظام السياسي نيابياً أو رئاسياً أو مجلسياً أو مختلطاً, بل إن التسمية لاتأتي بناءً على الرغبة الشخصية للباحث أو لأي من مصنفي النظم السياسية، ولكنها تأتي من دراسة المبادئ الدستورية المنصوص عليها في دستور الدولة المراد تصنيفها, ومادمنا ندرس دستور الجمهورية اليمنية الحالي فإن التركيز سيكون على مدى قربه أو بعده من أركان النظام النيابي التي اتفق علماء السياسة على إطلاقها على ذلك النظام. لقد أشرت في التناولات المعنية بدراسة النظم السياسية المعاصرة أركان النظام النيابي ووصلنا إلى نتيجة محددة أن أركان النظام النيابي ثلاثة أركان أساسية وهي: - ثنائية السلطة التنفيذية. - الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. - مركز الثقل للسلطتين والتنفيذية. وهنا سنطبق الدراسة النظرية على نصوص دستور الجمهورية لمعرفة شكل أو نوع النظام القائم حالياً إما إذا كان النظام رئاسياً أو نيابياً أو مجلسياً أو غير ذلك. أولاً: ثنائية السلطة التنفيذية: وهي تعني وجود رئيس جمهورية منتخب انتخاباً حراً ومباشراً من الشعب عبر صناديق الاقتراع, وإلى جانب ذلك وجود رئيس حكومة يقوم رئيس الجمهورية بتكليفه لتشكيل الحكومة وهو الركن الأول من أركان النظام النيابي, وبناءً على ذلك فإن المادة(105) من دستور الجمهورية اليمنية نصت على: “يمارس السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ضمن الحدود المنصوص عليها في الدستور, بمعنى أن دستور الجمهورية اليمنية لم يكتف بالنص على انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب كما جاء في المادة(105) التي نصت على: رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ويتم انتخابه وفقاً للدستور, ثم جاءت المادة(107) ونصت في الفقرة “ه”: (يتم انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب في انتخابات تنافسية), كما نصت المادة “119” من الدستور في الفقرة الرابعة على:(تكليف من يشكل الحكومة وإصدار قرار جمهوري بتسمية أعضائها) من اختصاصات لرئيس الجمهورية, وهذا هو الركن الأول في النظام النيابي الذي جعل رئيس الجمهورية اختصاصات كبرى وجوهرية باعتباره رمز السيادة الوطنية العليا التي لايعلوها سلطان, وفوق ذلك حمي النظام النيابي المعاصر رئيس الجمهورية من المساءلة أمام مجلس النواب, على اعتبار أن الحكومة هي التي تتحمل المسئولية بحكم مباشرتها لتنفيذ المهام الدستورية, وهذا ماسنتناوله في العدد المقبل بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك