في سياق فعاليات حضور رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي إلى صنعاء الأسبوع الماضي وردت إشارات بالغة الدلالة بشأن دور وسائل الإعلام، كونها عامل دفع قوي لحشد الجهد الوطني في اتجاه التوافق على التسوية السياسية من خلال نافذة مؤتمر الحوار الوطني, أو أن هذه الوسائل تكون بمثابة عامل هدم وإحباط تطيح بكل الجهود المنصبة في هذا الاتجاه وتعمل – بالتالي- على تعطيل مفاعيل الحوار الوطني إن لم تساهم في تفجير الأوضاع برمتها. أما الإشارة الأولى بالغة الدلالة فقد وردت في سياق كلمة الأخ عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية وهو ينبّه إلى مخاطر ارتهان وسائل الأعلام إلى خطاب متشنج يحض على الفُرقة والشتات ويعمق هوة الاختلاف, عوضاً عن أن يوحد الصف الوطني ويقرب بين وجهات النظر المتباينة, بل واعتبر الأخ رئيس الجمهورية في هذا الصدد بأن الإعلام أحد أوجه تدعيم مناخات الألفة والمحبة والتوافق وأبرز أدوات التغيير لإنجاز مهام المرحلة، بما في ذلك الحوار الوطني وتنفيذ ما تبقى من مهام الفترة الانتقالية التي يعول عليها اليمنيون وكذلك الأسرة الأممية كامل الأمل بانتقال الوطن إلى مرحلة جديدة تتسم بالاستقرار والخير والنماء والخلاص من أسر تداعيات كادت أن تعصف بالأخضر واليابس.
أما الإشارة الثانية كثيفة الدلائل والعبر وتعاظم دور وسائل الإعلام في إنجاز مراحل التسوية السياسية فقد وردت في تأكيدات الدكتور عبداللطيف الزياني، أمين عام مجلس التعاون الخليجي وهو ينبه – كذلك - إلى مخاطر انزلاق الإعلام إلى مربعات تعكر صفو أجواء الوفاق التسوية السياسية ومناخات الحوار بتوسيع شقة التباين بين شركاء العمل الوطني وإذكاء نار التناقضات وبما لا يتيح أمام هذه الأطراف فرصة التقاط جوانب الخير والمصالح الوطنية على ما عداها من ولاءات وانتماءات ضيقة يكون المتضرر الأول والكبير من اشتعال فتيلها هذه التجربة المتفردة للتسوية والتي استحقت اهتمام ورعاية المجتمع الدولي بأسره بالإضافة إلى الخسارة الفادحة التي سيتكبدها الوطن إذا ما استمرأ البعض الإصرار على إشعال نار التباين والفرقة بين مكونات المجتمع.
إن هاتين الإشارتين بالغتي الدلالة لا يمكن لأحد التقليل من أهميتهما, خاصة أن كافة القوى على الساحة الوطنية تتداعى راهناً لاستكمال ترتيبات انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي يتطلب منا جميعاً وفي الطليعة وسائل الإعلام المختلفة بأن تكون عامل دعم أساس لتنقية الأجواء بين الأطراف المعنية وحشد الطاقات والجهود للتفاعل الإجابي مع مختلف مفاعيل الحوار الوطني واستحقاقات ما تبقى من الفترة الانتقالية.. وهو أمر يتطلب كذلك من القائمين على هذه الوسائل الإرتفاع فوق حساسية وجراحات الماضي وتضارب المصالح بين بعض النخب السياسية وذلك بالتطلع إلى آفاق المستقبل الذي لا يمكن أن يستقيم حال المجتمع ما لم يكن الإعلام أداة من أدوات التغيير الايجابي، باعتبار أن القائمين على هذه الوسائل – أو هكذا يفترض - قدوة يحتذى بهم.. وبالذات في جوانب تعميق قيم الولاء الوطني وتجذير خيارات التسوية ولم شمل الأسرة اليمنية وعلى النحو الذي يؤكد لنا وللآخرين بأننا كما كنا بناة حضارة, فإننا أيضاً أهل لارتياد المستقبل.. وما عدا ذلك سنبقى كالنافخين في الكير !! رابط المقال على الفيس بوك