الشعوب بدأت الحوارات الفكرية والثقافية في المنطقة العربية في وقت مبكّر قبل السلطات الحاكمة .. ما يجري اليوم على صفحات الفيس بوك هو حوار الشعوب بعينه ولم يبق سوى المؤتمرات لتأطير هذه الحوارات والتوصل إلى نفس القناعات التي توصل لها الملايين من الشباب العربي والذين ينضمون إلى مجموعات، بل يشكلون جماعات وأحزاباً على الفيس بوك ، الغالبية من الشباب اليمني تطالب بالدولة المدنية، بل الأغلبية الساحقة تبحث عن الدولة الاتحادية (الفيدرالية) ودولة المؤسسات والقانون وهي المرادف للدولة المدنية. يا سادة: ما يجري اليوم هو المطلوب من الحوارات الفكرية التي فجرتها الثورات الشعبية السلمية في منطقتنا العربية وبواسطة الاستبيانات حول ماهية الدولة المطلوبة وشكل نظام الحكم، ستجدون ما تفتقدونه .. أيتها الأحزاب الحاكمة وغير الحاكمة .. تابعوا صفحات الفيس بوك ستجدون بأن رعاياكم وأعضاءكم قد سبقوكم في الارتفاع بمنسوب الوعي الذي وصلوا إليه. كما أن الجماهير الغفيرة من الحزبيين والمستقلين في الساحة السياسية اليمنية قد حصلت على نصيب لا بأس به من الثقافة والوعي الذي يعد زادها لمعارك الحرية القادمة التي لن تكون بعيدة .. سارعوا إلى السباق مع الزمن من أجل إصلاح الحال قبل أن تسبقكم الجماهير لذلك. ما حدث في مصر هو أن الثورة رفعت منسوب الوعي لدى الشعب المصري، في حين مازالت بعض الأحزاب ولاسيما الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى تدور في نفس الدائرة المفرغة التي لم يخرجوا منها قبل عقود من الزمن إلى آفاق جديدة تمكنهم من استيعاب متغيرا ت العصر ومعرفة ماذا يريد الشعب المصري؟. نحن نعيش عصر الشعوب وعصر الثورات .. والثورة التكنلوجية وثورة الاتصالات والإنترنت وثورة المعلومات تمثل الأرضية لثورات الربيع العربي .. تلك الأرضية هي التي تفجر أعاصير الثورات العربية في العصر الحاضر ولن يسلم منها كل متطفل وانتهازي ووصولي وفاسد، سواء كان فردا أو حزبا .. مهلاً أيها الأصدقاء .. رياح التغيير قادمة وما منكم إلا شاهدها ، والثورة الشعبية السلمية في اليمن ستنتقل إلى ثورة نوعية تهدف إلى مكافحة الفساد. هل تتذكرون بأن ثورات الربيع العربي فاجأت الأمريكيين والأوروبيين والإسرائيليين قبل التفكير بمقاومتها .. وبدلاً من مقاومتها من جانبهم وخسارة مصالحهم لجؤوا إلى احتوائها من الداخل ، فما حدث بالنسبة للثورة المصرية حدث بالنسبة للثورة اليمنية وتعاون الغرب مع دول الإقليم من أجل احتواء الثورة اليمنية، ولكن مرسي غير عبد ربه، فالأول مرتبط بحركة الإخوان التي قبلت أن تكون ديكوراً لنظام السادات ومبارك وأخيراً استخدمها المجلس العسكري في مصر كغطاء لاحتواء الثورة المصرية وخصيها .. لذلك كانت الهبة الجديدة التي نزل فيها الشعب المصري إلى الشوارع من جديد. يرى كثير من قيادات الأحزاب القائمة في اليمن اليوم أن وجود دولة اتحادية (فيدرالية) مدنية يتعارض مع مصالحها ، لذلك سارعت إلى اغتيال مشروع الدولة المدنية وهو لا يزال حلما في عقول شباب الثورة بتقاسم الوظائف القيادية وكأن الجهاز الإداري للدولة مجموعة من الغنائم التي خلفتها حروب الثورة وهذا الأمر يتعارض مع شعار الدولة المدنية .. أين المعايير الإدارية والعلمية والأخلاقية يا سادة؟. وما دام الوضع كذلك فإننا نبشركم بأن الثورة الثانية قادمة .. لماذا؟ .. لأن ما عمله الإخوان المسلمون في مصر تعمله الأحزاب القائمة في اليمن اليوم لا فرق بين مؤتمر ومشترك، فلقد استطاع المؤتمر بحكم تجربته الغنية في مجال الفساد والإفساد أن يجر أحزاب المشترك إلى مستنقع التقاسم والمحاصصة والفساد .. كما استطاع أن يلغي ما كانت تتميز به أحزاب المشترك وأصبح (ما فيش حد أحسن من حد) كما يقول إخواننا المصريون. الإصلاح أرادها نصف ثورة تطرد علي صالح وأفراد عائلته وتبقي كل النهابين من الإصلاح ورموز النظام القديم، بل عمل الإصلاح على إفراغ الثورة من أهم شعار رفعته الثورة وهو شعار “الدولة المدنية” من خلال التسابق على الوظائف في الجهازين المدني والعسكري وكأنها غنائم حرب وهو ما يتناقض مع شعار الدولة المدنية التي رفع شعاراتها الثوار الشباب وفي مقدمتهم شباب الإصلاح .. العار للصوص الثورات .. مرسي اليوم في مصر يدفع ثمن التواطؤ وأنتم ستدفعونه غدًا في اليمن. رابط المقال على الفيس بوك