يمثل يوم الواحد والعشرين من فبراير من العام 2012م نتيجة طبيعية للفعل الثوري الذي انطلق في 11فبراير 2011م كتعبير حقيقي لحاجتنا في تغيير النظام بشكل سلمي واستعادة الدولة واعادة بنائها . في 21 فبراير تحقق على ارض الواقع اول اهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية من خلال انتخاب رئيس جديد للبلاد كمقدمة لتغيير سلمي جذري في شكل ومضمون النظام السياسي القائم خلال تلك الفترة. اليوم وبعد عام من الانتخابات الرئاسية هاهي عجلة الثورة مستمرة في الدوران وعملية التغيير تتواصل في تحقيق اهداف الثورة وفي طريق بناء الدولة المدنية التي ينتظرها الشعب اليمني كواحد من أهم مخرجات الحوار الوطني الذي تسعى القوى السياسية لعقده في تأريخ 18 من الشهر القادم. بالطبع هناك من يرى ان الانتخابات الرئاسية والحوار الوطني وكذا القرارات التي اصدرها الرئيس هادي خلال العام الماضي , كل ذلك يعد من نتائج المبادرة الخليجية ولا علاقة له بثورة التغييرالسلمية , وهنا نقول: ان مثل هذا الطرح يجافي الحقيقة ويناقض الواقع الذي نعيش مجرياته منذ اندلاع شرارة الثورة السلمية في اليمن. لقد جاءت المبادرة الخليجية بناءً على الفعل الشبابي الثوري المتصاعد خلال العام 2011م لتؤكد على ضرورة تنفيذ مطالب الثورة الشبابية الشعبية في اجراء التغيير السلمي وانتقال السلطة من نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي احتكر الحكم لنفسه واشخاص مقربين منه على مدى اكثر من ثلاثة عقود , الى رئيس منتخب تجمع عليه كافة مكونات وشرائح المجتمع , اضافة الى ان المبادرة تمكنت من ايقاف حالة العنف التي كان النظام يمارسها ضد شباب الثورة وأوقفت المواجهات المسلحة المتصاعدة بين الجيش المؤيد للثورة والقوات التابعة لنظام صالح . وما يهمنا الآن هو ان عملية التغيير في جميع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية تجري على قدم وساق , فمن حكومة كانت يسيطرعليها ويحتكر أداءها حزب واحد , الى حكومة توافقية يتشارك فيها جميع الاحزاب والتنظيمات السياسية , ومن مؤسسات امنية وعسكرية كانت شبه مختطفة , الى مؤسسات جديدة تم اعادة بنائها وهيكلتها بقرارات رئاسية وفق الارادة الوطنية , وعلى اسس ومعايير مهنية وعلمية حديثة ومتطورة , لتكون في خدمة الشعب والوطن , ونحن ننتظر ونؤمل اكتمال هذه المهمة خلال الايام القادمة وقبل عقد مؤتمر الحوار الوطني. لهذا اعتقد ان 21فبراير ذكرى تستحق الاحتفاء بها , لا لكونها يوم انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي , بل لكونها محطة فاصلة في تأريخ اليمن بين مرحلتين .. ما قبل الثورة وما بعدها , ولكونها ايضا مثلت بداية الطريق لمرحلة تحقيق اهداف ثورة التغيير السلمية. ليس الاحتفاء بهذه المناسبة تكريس لصنمية الحاكم , اواعادة انتاج الاستبداد والديكتاتورية في النظام الجديد , الامر ليس كذلك مطلقا لأنه لم يعد بمقدور أي حاكم اوسلطة اونظام سياسي , من الان فصاعدا ممارسة الاستبداد او القمع او الاقصاء او التسلط والانفراد بمقاليد الحكم وغنائمه , وكذا ممارسة الفساد تحت أي مسمى كان , فالوعي السياسي والاجتماعي لدى الشعب اليمني بعد الثورة السلمية , اختلف كثيراً وتطور الى درجة كبيرة جدا , واصبح قادرا على كسر وتحطيم أي نظام اوأي سلطة تحاول اعادة تكريس ثقافة الاستبداد والدكتاتورية والتسلط والقهر والقمع , كما ان الرقابة الشعبية على اداء السلطات المختلفة لنظام الحكم , اصبحت تتزايد بشكل يومي وبصورة مستمرة وبطرق ووسائل جديدة ومتطورة , تفوق أي محاولة لإعادة انتاج الماضي او ممارسة ثقافة الماضي من أي شخص او من أي جهة كانت , وهذا بلاشك بفضل الثورة الشبابية الشعبية السلمية . لكن ومن وجهة نظري تكمن اهمية الاحتفال بهذه المناسبة , من خلال اهمية تعزيز ثقافة التغيير السلمي وتجديد وسائل النضال لدى كافة افراد المجتمع , واهمية التأكيد على ان التداول السلمي للسلطة حق ديمقراطي بين مختلف القوى السياسية , وان بناء الدولة المدنية الحديثة , والنضال من اجل الحرية والكرامة واستعادة الحقوق , كل ذلك مهام مستمرة ومتواصلة لا تتوقف الا بتوقف حياة الانسان. رابط المقال على الفيس بوك