قرارات الأربعاء الرئاسية التي فكت عقدة المنشار تستحق أن توصف بالتاريخية وتسجل في الذاكرة الشعبية كأبرز حدث في المرحلة الانتقالية صفقت له الجماهير بحرارة وهتفت مردده: شكراً للرذيس هادي.. سلمت يمناك يا رئيس لأنها أزاحت رؤوساً كان في بقائها عرقلة لمسيرة إنجاز استحقاقات ما بعد ثورة الشباب التي تعطلت بفعل الثارات السياسية المتبادلة التي حكمت علاقة الجنرالات وهو الصراع الذي أحبط الحكومة واستخدم المصالح العامة والخدمات الأساسية للمواطنين كوقود لذلك الاحتراب “كاتم الصوت”. وإذا ما أريد لهذا الحدث العظيم أن يشب ويسير على قدمين فعلى القيادة أن لا تأخذها نشوة التصفيق والهتاف الشعبي عن المضي قدماً في سبيل تحقيق الغايات الوطنية من هذه القرارات. ولن يتأت ذلك إلا باتخاذ اصلاحات جوهرية وجذرية موازية في هذه المؤسسة التي ستنسحب تلقائياً على بقية مؤسسات الدولة باعتبار أن من يهيمن على الجيش يتمتع بمزية رسم السياسات العامة للدولة كيف لا وهم يتربعون عرش القوة القادرة على أن تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء. ومن بين هذه الإجراءات والخطوات الإصلاحية كي يأخذ هذا النصر مداه: حظر ممارسة أي نشاط تجاري أو استثماري على قادة الجيش. تحريم أي تدخل عسكري مهما كان نوعه أو حجمه أو أسلوبه في اختصاصات الحكومة. إبعاد الجيش عن الولاءات الشخصية والحزبية والمناطقية والعنصرية وحصر مهمته في حماية البلاد ومكتسبات الثورة والجمهورية والوحدة. وضع ضوابط ومعايير نافذة تحول دون تكرار مظاهر الإثراء الفاحش وغير المشروع في السلك العسكري. وضع آلية صارمة تضمن حصول الأفراد والضباط على حقوقهم كاملة. تطهير الكشوفات المالية للوحدات العسكرية من الدخلاء وإعادة الاعتبار للبزة العسكرية. تفعيل قانون التدوير الوظيفي حتى يترسخ في الأذهان أن الوظيفة حق عام وليس خاصا. وفي هذا السياق يجب أن يفهم قادة الجيش قبل غيرهم أن القيادة ليست ملكاً ولا حق أزلي يستدعي الموت دون انتزاعه فهذا التفكير الخرافي في حقيقته “خرف” إما لكبر السن أو لجنون العظمة الذي يجعل صاحبه أسير مفاهيم تفكيره الباطن التي تحرمه من رؤية العالم من حوله وتجبره على تقبل فكرة أنه نبي مرسل من الله لهذا المنصب حتى يوافيه الأجل أو يهلك دونه!! رابط المقال على الفيس بوك