مرة عن مرة يثبت لنا الحوثيون أن التهديد والوعيد وسفك دماء اليمنيين سبيلهم الوحيد للتغيير, ما من سبيل غيره يمكن أن يسلكوه لتحقيق أهدافهم التي لها يسعون. هذا الأسبوع كانت الأخبار تملأ المواقع الالكترونية والصحف حول اعتداءات جماعة الحوثي. في صعدة يضربون إمام جامع مصعب بالبنادق ويعتقلون مراسل سهيل, ويصيبون مواطنين اثنين بالرصاص ويمنعون المواطنين من الوصول لبني عايش المحاصرة, ويعتدون على مسئول التنمية بجمعية الإصلاح, وفي الجوف يقتلون مواطناً داخل متجره بدم بارد ويصيبون آخر بمنطقة برط. وفي صعدة أيضاً يقتحمون منزلاً لاختطاف فتاة ويصيبونها ووالديها بالرصاص، في حوادث يبدو أنها مستمرة، ولن تتوقف. الاعتداء إذن وقتل الناس هي اللغة التي يتحدث بها الحوثيون في الوقت الذي هم فيه مشاركون بمؤتمر الحوار الوطني نظرياً وتلك مفارقة عجيبة عليهم وحدهم تفسيرها وإقناعنا أنهم ينشدون الدولة المدنية ويعتمدون الحوار سبيلا لهم في التعامل وتوصيل أفكارهم. ليس من شك أن وراء الحوثيين قوى تدعمهم وتساندهم في الداخل والخارج, فأولئك الذين فقدوا مصالحهم ورأوا الوطن بدأ يتعافى ويخرج من أزماته الطاحنة يقفون معهم مساندين وداعمين، وأولئك الذين في الخارج أيضاً لهم مصالحهم وأطماعهم في التوسع المذهبي وإيذاء الجيران؛ ولأن هؤلاء الواقفين مع الجماعة الحوثية يعرفون حجمها وعدم ملاءمة فكرها لليمنيين يرون أنه لايوجد سبيل آخر للتمكين لحلفائهم في الداخل غير هذا الخراب والدمار والخوف والرعب الذي يوزعونه في كل مكان. المتابع لسير خط عنف الحوثيين يلاحظ بوضوح شديد استهداف أعضاء حزب التجمع اليمني للإصلاح, وهو ما تنبه له الحزب بالفعل؛ إذ أكد عدم قبوله استمرار عنف الحوثيين، وأنه يحتفظ بحقه بمقاضاة الجناة.. في إشارة واضحة لخيار الإصلاح السلمي غير الجانح للعنف والفوضى.. وعطفاً على تصريحات سابقة لليدومي في هذا السياق، فإن الرجل كان قد أشار إلى أن الفكرة تواجه بالفكرة لا بالرصاصة وأن علاقة الحزب بالحوثيين يحدده الحوثيون بأنفسهم وهو كلام ينم عن نضج ورشد وخبرة بالحياة السياسية ومتطلباتها, كما يعكس الثقة الكبيرة بفكر الحزب الوسطي الرافض للعنف بكل أشكاله وصوره, وهو ماجعله مقبولاً عند جماهير عريضة في الساحة السياسية وعموم المواطنين. من يتخذ العنف والفوضى منهجاً للحياة وسبيلاً لتحقيق الأهداف لايمكن لليمنيين الانخداع به, كما أن هذه الطريقة وإن أجدت أحياناً فإنها لاتجدي في أحايين كثيرة وتجعل أصحابها عند الناس نماذج لوحوش بشرية لايمكن للناس أن يطمئنوا على حياتهم ومستقبلهم في ظل وضع كهذا وقادمين كهؤلاء. وبعد.. على الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال جماعات العنف وتياراتها أياً كان شكلها ومذهبها, وأياً كانت مبرراتها, كما على جماعة الحوثي أن تدرك أكثر من أي وقت مضى ألا سبيل لحل مشكلاتنا كافة إلا بالحوار وحده بعيداً عن لغة الاحتراب والاقتتال التي لن نجني من ورائها إلا الخراب والدمار لبلادنا. رابط المقال على الفيس بوك