«3-3» استكمالاً لما استعرضته في الحلقتين السابقتين من مذكرات الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني أواصل مع القارئ الكريم عرضاً لشذرات عن هذه المذكرات، مؤكداً أنني لست في معرض تلخيصها أو الإلمام الشامل بمضامينها القيمة التي تستحق التوقف والقراءة لما دونته من سيرة عطرة لرجل، كان له ولكوكبة معه من الوطنيين الأحرار اجتراح المعانات في تلك الفترة العصيبة من تاريخ اليمن إبان حكم الإمامة، إلا أنني أشير هنا إلى أنه كان لتشردهم في المنافي وتحملهم ظلم وقهر الزج بهم خلف جدران السجون لسنين طويلة. ومجمل تلك المعانات قد حققوا معجزة التغيير بإنجاز ثورة 26سبتمبر 1962م التي كانت إيذانا بانفتاح اليمن على العصر بكل ما تحمله الكلمة من دلالة.. أقول إنني لست في معرض استعراض هذه المذكرات المهمة، لكنني أكرر هنا التنويه إلى أهمية قراءتها في هذا الظرف الاستثنائي من تاريخ اليمن الذي هو أحوج ما تكون فيه الأجيال والنخب على حد سواء إلى قراءة معاناة المناضلين والأحرار المخلصين وتفانيهم الدؤوب والأمين والمثابر من أجل قضايا الوطن وتحملهم للمشاق والمعاناة في سبيل انتصار الحق والعدل والمساواة. وليسمح لي القارئ الكريم هنا بأن أتطرق كذلك إلى مضمون هذه المذكرات التي رصدت عن كثب وبأسلوب شائق لردح من التاريخ اليمني بكل مراراته وإخفاقاته وتناقضاته وصولاً إلى الحلم ..الثورة وترسيخ النظام الجمهوري والاجتهاد في بناء الدولة المؤسساتية التي اعترضتها عديد تحديات ما تزال تجرّ تداعياتها حتى اليوم. ولا بأس هنا من إيراد ما ذكره الأستاذ مطهر بن علي الإرياني في تقديمه لمذكرات الرئيس الإرياني بقوله: «عاش عبد الرحمن الإرياني، في قلب الحركة الوطنية، وفي صميم مسيرة الأحرار اليمنيين ، وشارك بفاعلية في صنع أحداثها وتطوراتها، وكابد ما كابده رفاق المسيرة من المشاق والصعوبات وأهوال السجون والمعتقلات. وذلك في مرحلة ما قبل ثورة ال 26 من سبتمبر الخالدة 1962م، كما كابد مع رفاقه الأحرار، الصعوبات الكبيرة والمريرة في مرحلة ما بعد الثورة حتى تثبيتها بتثبيت نظامها الجمهوري عام 1970م بعد تحمله للمسئولية في 5 نوفمبر 1967م، ثم حتى تاريخ اعتزاله للعمل السياسي المباشر عام 1974م ..). ولا يتسع الحيز هنا إلى ذكر المزيد من عناوين وتفاصيل هذا الكتاب القيم سرداً وموضوعاً في سيرة وذكريات المناضل الرئيس عبدالرحمن الإرياني الذي أنصف الكثير من رفاقه خلال هذه السيرة من تدوين الذكريات التي هي جزء من تاريخ اليمن في مرحله من أدق فترات تاريخ اليمن المعاصر.
إنها سيرة حافلة بالعطاء ، تستحق أن تكون درساً تتعلمه الأجيال وقدوة يأخذ بها الحكام ودليلاً نسترشد به جميعاً في الخطو باتجاه بناء المستقبل دون أن نقع في الأخطاء، خاصة في هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به الوطن.. في انتظار الجزء الثاني من هذه المذكرات التي – ولا شك – سوف تلخص تجربة الرئيس الإرياني منذُ أن تسلم المسئولية مطلع سبعينيات القرن المنصرم و الظروف والملابسات التي أحاطت بتلك الفترة ولم يشتمل عليها الجزء الأول من هذه المذكرات، لعلنا نستفيد منها.. وإجمالاً فالكتاب حري بالقراءة رابط المقال على الفيس بوك