أشعر بالأسى أن تقود العاطفة البلهاء جماعة الحوثيين إلى العنف، وأن يستثمر طرف سياسي خاسر هذا التواجد الميداني للجماعة في الدفع بها إلى تصفية حساباته، فهذه الجماعة قدمت الكثير من رجالها، ومن أبناء القبائل العاطلين عن العمل وقوداً لمعارك لا تعرف هي ما الهدف منها، فقط قتال الدولة العميلة لأمريكا!. ما نوع العمالة؟! لا يعلمون، ولا يريدون أن يعلموا، حتى لا تكون حجتهم واهية، فارغة من المنطق، لأن التمثيل الدبلوماسي، والتعاون الثنائي بين البلدين لا يعني في أعراف القوانين عمالة أو خيانة، وأمريكا تغض الطرف عن شعاراتهم، بطريقة في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، والعذاب سيكون لنا نحن شعب اليمن، الذي لم نعرف سبباً مقنعاً لسكوت أمريكا، ورضاها التام عن هذه الجماعة. ومن لم يقتنع عليه مقارنة بسيطة: الحوثيون يرفعون شعار الموت لأمريكا واللعنة على اليهود منذ قرابة 10 سنوات، وخاضوا ست حروب تحت ظلال هذا الشعار، ولم تنطق أمريكا بكلمة واحدة تجاههم، في المقابل لم يطلقوا – ولو ألعاباً نارية – تجاه مصالح أمريكا في اليمن، في حين أن جماعة “أنصار الشريعة” برداع رفعت راية ما يسمونه “جهاداً” وتسميه أمريكا “إرهاباً” لم تلبث غير أيام معدودة حتى ادرجت ضمن قائمة الإرهاب الدولية التي يصدرها مجلس الأمن، بطلب أمريكي. وأمريكا التي أدرجت “أنصار الشريعة” ضمن لائحة الإرهاب العالمية؛ هي نفسها أمريكا التي ترفض بشدة إدراج جماعة الحوثي - المنادين بعداوتها - ضمن اللائحة الدولية للإرهاب، هل من تفسير لذلك، تقدمه الجماعة أو أمريكا؟!!. بالأمس شيعت جماعة الحوثي 13 من أبنائها الذين قتلوا أمام مقر الأمن القومي، في عملية مؤلمة لا أحد يرتضيها، أو يهادنها، ولا يمكنني إطلاق حكم تجاهها قبل إعلان نتائج التحقيق الرسمي، الذي يشارك فيه ممثلون عن جماعة الحوثي. وما لفت وجعي لتلك الحادثة المؤلمة هو دعوة الدكتور المرتضى المحطوري للجهاد ضد الأمن، فالرجل الذي يُعد مرجعاً دينياً للجماعة الحوثية، قال أثناء التشييع: “إن الجهاد بعد مقتل هؤلاء الثوار السلميين بات فرض عين على كل قادر لمواجهة هؤلاء القتلة” وأضاف: “لا بد من الاقتصاص لدماء وأرواح هؤلاء الشهداء”. المحطوري أستاذ في كلية الشريعة بجامعة صنعاء ويعرف أن “الفتوى بالجهاد واعتباره فرض عين” تختلف عن “الاقتصاص” لأن القصاص لا يكون إلا عبر قنوات رسمية تمثل الدولة بكل محاكمها وأجهزتها الضبطية والقضائية، فهل أراد قتال الدولة والجهاد ضدها؟!. إذا كانت الجماعة الحوثية تفكر بشيء من ذلك، فعليّ أن أقول: هنيئاً لصالح، لأنه وحده المستفيد، من إرباك الوضع الأمني، كلما تقدم مؤتمر الحوار بخطوات إيجابية، وعلى الجماعة أن تدرك بأنها مهما بدت ذكية ولاعبة باقتدار، فلن تكون أذكى وأدهى من رجل حكم البلاد بالمتناقضات 34 سنة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك