عيون مكدسة على أرصفة الطرقات ليس أمامها سوى نظرات إلى الأمام .. أجساد منهكة مادة يدها للمارة لكي يمنحوها شيئا من فتات أموالهم لتستمر الحياه أن مهما بلغ الاهتمام بهذه الفئة المهمشة من قبل تلك المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني فإن ذلك ليس كفيلاً بإخراجهم من دائرة المساواة الغائبة والظلم التاريخي الذي لحق بهم واستحالة تبلورهم بالمجتمع إذا لم تنخرط هذه الفئه في التعليم التي ستساعد في فرض مكانة لهم بالمجتمع وستساعد أيضاً في ظهور نماذج وشخصيات محورية تربت من أوجاعهم وبؤسهم وبإمكانها انتزاعهم من الواقع الذي يعيشونه وستخلق رغبة للأجيال القادمة من أجل الوصول إلى ما وصلت إليه تلك النماذج..... لكن انخراط هذه الفئة بالتعليم ليس بتلك السهولة فهنالك إعاقات حقيقية تقف أمام هؤلاء المهمشين عند انخراطهم في التعليم فهناك مشكلة السكن فمعظم المهمشين يعيشون في مناطق عشوائية فغرفة واحدة مغطاة بالقماش والقش لا يوجد فيها ماء أو كهرباء أو حمام تعتبر غير صالحة للحياة فكيف ستكون بيئة خصبة من أجل المذاكرة والتحصيل الدراسي كذلك هذه المساكن انعكست على مظاهرهم وغياب المظهر النظيف الذي يكاد أن يشكل حاجزاً بينهم وبين تقبل المجتمع سواء في المدارس أو في أي مكان آخر فمعظم الطلاب الذين يدرسون معهم كانت إجابتهم متشابهة والسبب بعدم تكوين علاقات بينهم وبين المهمشين في المدارس يعود إلى عدم اهتمامهم بالنظافة سألنا (ع) الموظفة هي وزوجها في صندوق النظافة الساكنة في أحد بيوت الصفيح لماذا لا تقومون باستئجار شقة تتناسب مع دخلكم والخروج من غرفة الصفيح التي لا يوجد فيها مقومات الحياة للبشر كانت إجابتها أن هذا شيء مستحيل فقد بحثوا في عدة أماكن ووجدوا عدة شقق للإيجار لكن ما إن يكتشف مالك المنزل أنهم من المهمشين فيرفض التأجير لهم.. أما( ح) الذي يعمل في خياطة الأحذية تحدث قائلاً لا يوجد دخل كاف يستطيع من خلاله أن يستأجر شقه فمعدل دخله في أغلب الأيام لا يتجاوز الألف الريال. كذلك سألنا أصحاب منازل سبق وأن تم تأجيرهم لمهمشين« أخدام». يقول ( م. ) إن المهمشين لا يستطيعون دفع الإيجارات كذلك عدم التزامهم بنظافة المنزل إضافة إلى ذلك بأنهم يزعجون جيرانهم وهناك عادات وتقاليد تنفرد بها هذه الجماعة عن باقي المجتمع.. أما (ع) تحدث قائلا هم يتحملون مسؤولية ذلك لقد قمنا بتأجير شقة وكان عدد الأسرة خمسة لكن سرعان ما كان يصل في اليوم عدد الزوار إلى عشرين حياتنا تحولت إلى جحيم كانوا يقومون برفع المسجلة وممارسة الرقص ولا يغلقون الأبواب وعجزنا أن نخرجهم إلا عندما قمنا بقطع الماء عليهم مما اضطروا إلى ترك الشقة. ويمكن الاستنتاج مما سبق أن مشكلة السكن لا يمكن أن تحل إلا بقيام الدولة والمنظمات الدولية والمحلية بمساعدتهم في توفر مساكن لهم أو تقوم بمساعدتهم في شراء أراضي من أجل البناية عليها كذلك يمكن أن تسعى جمعيات خيرية ببناء مبان سكنية وبعد ذلك يقومون بالتأجير لهم بمبالغ تتناسب مع ظروفهم كذلك المشاكل الاقتصادية التي يعيشها المهمشون تكمن في عدم امتلاكهم أي مهن غير تلك المهن التقليدية كالنظافة والخرازة والتسول وغسل السيارات والحمالة وهذه المهن ليس بإمكانها أن تعيد لهم أي مردود مادي سوف يساعد في رفع حالتهم الاقتصادية المتدنية الذي سوف ينعكس مباشرة على تحسن ظروفهم الاقتصادية التي تقف عائقاً أمامهم وعدم قدرة الآباء على التكفل بتوفير متطلبات العيش لأبنائهم حتى تتوفر الظروف المناسبة التي تساعد أبناءهم الانخراط والاستمرار في التعليم وهذا ما يشغلهم عن ممارسة دورهم في التعليم الذي هو حق من حقوقهم حتى هذه الظروف القاسية أن الصغير منهم يجبر على ترك التعليم في المرحلة الأولى ويبحث على رزق يسد به حاجته بأي وسيلة كانت فالجانب الاقتصادي والاجتماعي له دور كبير بأن يقف حجر عثرة أمام انخراط المهمشين في التعليم الذي هو الشيء الوحيد الذي يمكن المراهنة عليه وبإمكانه إزالة الفوارق الاجتماعية والنظرة الدونية ودمجهم في المجتمع . اعتذر من استخدامي مصطلح( الأخدام) والهدف من ذلك هو تميزهم فقط فالغالب من المجتمع يمكن إسقاط عليهم مصطلح مهمشين. تغذية مرتدة من وجع بحث ميداني عن المهمشين (صفحة صوت المهمشين نت).