العنوان أعلاه ليس من بنات أفكاري؛ بل هو عنوان أغنية رائعة للسيدة أم كلثوم وكلمات الشاعر أحمد رامي، وغنّتها عقب ثورة 23 يوليو 1952م، وهي أغنية تفوح حباً ووفاءً لمصر؛ أرض الكنانة وقلب العروبة. مصر ليست في خاطرك وحدك يا كوكب الشرق، ولا في خاطر المصريين وحدهم؛ بل هي في خاطري أيضاً، وفي خاطرك أنت أيها القارئ؛ بل وفي خواطر وعقول وقلوب العرب جميعاً. فحالها اليوم لا يسر أحداً.. مكسورة الخاطر، مجروحة الكرامة والكبرياء، فما حدث في 30 يونيو من الشهر الفائت هو وأد لصندوق الاقتراع والانتخاب واستبداله بالانقلاب، هو اغتيال للديمقراطية المصرية أولاً في مهدها، وإجهاض أية ديمقراطية عربية وليدة تأتي بالإسلاميين إلى سُدّة الحكم ثانياً، وهذا ما حصل مع الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي؛ حيث تم الانقلاب عليه بطريقة كوميدية وممثلين مصريين فقط؛ أما رعاة الفيلم الانقلابي فمتنوعون وكثيرون، وتم إخراج الفيلم في ستديوهات بمشاركة “CNN” و«جوجل إيرث» لتصوير الحشود المليونية على أنها ثورة ضد الإخوان وحكم مرسي, وكل هذا تحت إمضاء الكهنوت الديني ودعاة الديمقراطية ومناصريها!!. بعد ثورة 25 يناير كادت مصر أن تتنفس عبير الحرية ونسائم الديمقراطية الحقيقية وتحقيق آمال وأحلام المصريين في بناء دولة العدالة والكرامة بعد أن خلّصوا بلدهم من داء الاستبداد والطغيان، فذهبوا إلى صندوق الانتخاب لينتخبوا رئيساً لهم بإراداتهم الحرة، وكم كان إعجاب العالم كبيراً بمصر وهي ترسي أسساً للديمقراطية العربية، وكيف عبرت المرحلة الانتقالية بنجاح؛ ولكن ما الذي تغيّر لهذه التجربة الديمقراطية الوليدة حتى يتم الانقلاب على رئيس منتخب وتُصادر إرادة شعب بأكمله؟! وخلال سنة حكموا عليه بالفشل والاستبداد مع أن معارضي مرسي سابقاً، الخاطفين للسلطة لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا وألصقوها بالإخوان كيداً وتهماً باطلة ومزاعم، صنعوا المطبات والعراقيل أمام الرئيس المنتخب ويده ممدودة إليهم للحوار والنهوض بالوطن جميعاً؛ إلا أنهم رفضوا لأن هدفهم هو الوصول إلى 30 يونيو، حيث الثورة المزعومة، ورأينا ثوتهم كيف أغلقت القنوات وكُمّمت الأفواه وقُيّدت الحريات وبدأت محاكم التفتيش تُنصب لقيادات الإخوان وكل المعارضين، وعاد «زوّار الفجر» وأمن الدولة لممارسة هوايتهم المفضلة في إرهاب وخطف المعارضين، ويريدون أن يلغوا أي شيء متعلّق بثورة 25 يناير ويستبدلونه بثورة 30 الانقلابية. أية انتكاسة هذه التي حلّت بمصر، وأي تراجع هذا الذي يجعل “ثوار اليوم 30 يونيو” يتحالفون مع فلول الأمس الذين ثاروا عليهم في ثورة 25 يناير، ماذا فعلت الديمقراطية في مصر حتى يتكالب عليها أعداء الحرية وأدعياؤها، أية ثورة هذه “30 يونيو” التي تعيد رموز النظام الذي ثاروا عليه وهتفوا برحيلهم إلى واجهة الدولة بثياب ثورية..؟!. أهذه هي مصر التي يحبها الثوار الانقلابيون وهي تعيش مرحلة غاية في الخطورة وهم يجرّونها نحو الهاوية والفوضى، أين مصر التي غنّت لها أم كلثوم: “ مصر التي في خاطري وفي فمي.. أحبها أحبها من كل روحي ودمي يا ليت كل مؤمن بعزّها يحبها .. حبي لها” لأنها مصر نحبها ونريد لها كل الخير والأمان والاستقرار حتى تعود قائدة ورائدة للدول العربية.. نحبها لأنها بوصلة العالم العربي.. وقبلة العرب. رابط المقال على الفيس بوك