منذ أن وعينا على هذه الدنيا وقضية فلسطينوالقدس المغتصبتين حاضرةٌ في عقولنا وقلوبنا، ولاتكاد تغيب عن اعيننا مأساة الشعب الفلسطيني وما يلاقيه من قمع وحشي على يد العصابات الصهيونية، وكنا نتقاسم معهم أوجاعهم وأحزانهم ونشاركهم آلامهم وأحلامهم في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم وتطهير الأقصى الشريف من دنس اليهود وشرورهم ليعم الأمن والسلام سكان هذه البقعة المباركة من الأرض العربية. نعم هكذا كنا حين كانت فلسطين قضية العرب الأولى ومحور اهتمامهم وشغلهم الشاغل أنظمة وعلماء دين وشعوباً أيضاً.. أما اليوم فقط سقطت القدس أو تكاد من ذاكرة الأنظمة وعلماء الدين وخرجت عن دائرة اهتماماتهم ولم نعد نملك كشعوب عربية فرقتها الصراعات السياسية والمذهبية والطائفية لتلك الأرض المباركة غير القليل من المشاعر، وهو ما يبقيها في ذاكرتنا المنهكة، وهو ما يساعدنا على تذكر القدس بين الحين والآخر والتباكي عليها كلما سنحت لنا الفرصة بذلك.. ولهذا فإن اليوم العالمي لنصرة القدس هو بمثابة تنشيط للذاكرة العربية حتى لاننسى القدس وتذكير أيضاً لعلماء الدين المسلمين الذين يدعون للجهاد في اكثر من بلد عربي أن القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسولنا الكريم مازالت مغتصبة وترزح تحت نير الاحتلال اليهودي بعد كل هذه السنوات وستبقى كذلك حتى يأتي الله بقوم مؤمنين يجاهدون في الله حق جهاده لايلبسون إيمانهم بالباطل، اشداء على الكفار، رحماء فيما بينهم، زهد علماؤهم بالدنيا وسعوا إلى الآخرة وعملوا من أجلها. نعم أيهاد السادة.. إن اليوم العالمي لنصرة القدس والذي يصادف آخر جمعة من شهر رمضان المبارك من كل عام لايختلف عن يوم الارض ويوم القدس ويوم النكبة.. الخ من الأيام المخصصة لنصرة فلسطين وشعبها فكلها مسميات لمأساة واحدة تحكي ما آل اليه العرب من المحيط إلى الخليج من ذل وهوان وعجز وخضوع وانكسار.. وكل ما نقوم به في مثل هذه الايام لنصرة القدس كما نزعم مسيرات ومهرجانات نُردد فيها الشعارات المعادية لإسرائيل وأمريكا وخطباً وقصائد شعر وبيانات ونختم نصرة القدس بحرق العلم الإسرائيلي قبل أن نعود إلى بيوتنا بانتظار العام القادم ويوم جديد ننصر فيه القدس. لكن الحقيقة المرة التي نعرفها أن هذه المهرجانات تندرج أيضاً ضمن المشاريع الاستثمارية لمأساة الشعب الفلسطيني كما هو الحال مع الجمعيات والمنظمات التي تتاجر بدماء الفلسطينيين ولايستفيد منها الا القائمون عليها ومن يدورون في فلكهم. وهنا أختم بالقول: إن العرب هم من يشرع لبقاء فلسطيني تحت الاحتلال وهناك أنظمة عربية وعلماء دين وأحزاب سياسية مستفيدة من بقاء الوضع في فلسطين كما هو عليه وهم وراء التآمر على كل مشروع للمقاومة الحقيقية التي تعمل على تحرير الارض الفلسطينية.. وهو ما يفسر ايضاً تغاضي علماء المسلمين وعدم دعوتهم إلى الجهاد في فلسطين.. المهم أن تبقى القدس في ذاكرة الشعوب العربية ليبقى الأمل في صحوة عربية وإسلامية خالية من شوائب السياسة والمذهبية والطائفية التي تعصف بنا هذه الأيام. رابط المقال على الفيس بوك