بعد ثورة ال25 من يناير عام 2011 خلت أن الأمور أصبحت بيد الشعب المصري وان المصريين امتلكوا زمام المبادرة بالاتجاه نحو حكم مدني ديمقراطي هم أساسه وبهم يقوم، وعلى ذلك بدأت الأحداث تترجم وبدأ المصريون يقطفون بعضاً من ثمار ثورة يناير حيث نظم استفتاءان دستوريان وانتخابان برلمانيان وأخرى رئاسية عبر الشعب في كل مخاض خاضه عن إرادته واختياراته بكل شفافية وبكل نزاهة شهد لها العالم. كُلف على إثر ذلك الإسلاميون لحكم البلاد كخيار شعبي على نهج الاختيار المتبع ديمقراطياً، وسرعان ما تحولت الديمقراطية عند بعض فلاسفتها حراماً على غيرهم حلالاً لهم لا لشيء فقط لأن بالديمقراطية تسلم الإسلاميون إدارة البلاد، وزاد رواد الليبرالية التي في كنهها أن الديمقراطية هي اصل كل خيار للشعب ومن الشعب زادوا على كفرهم بالديمقراطية أن نكروا على مصر كل شيء حتى إسلامها وهو مؤشر يعبر عن مدى الحقد الدفين المتغلغل في نفوسهم تجاه مصر ومجابهة خيارات شعبها. “مصر ليست إسلامية مصر في اصلها علمانية” قالها احد المفكرين ممن أنيط بهم تعديل بعض مواد دستور 2012 الذي وافق عليه ثلثا الشعب المصري واصطادت الكاميرات قوله هذا من حيث لا يدري. انكر السياسي المخضرم على مصر إسلامها وأن أبناءها كانوا لب الفتوحات الإسلامية بل جحد الرجل فضائل الإسلام على مصر وما امتازت بفضله عن غيرها، ففي كتب التاريخ الإسلامي تجد أن مصر تطغى على مساحة واسعة منها بدءاً من عمرو بن العاص ومدينة الفسطاط وصلاح الدين الأيوبي وقلعته المسماة باسمه في القاهرة وصولاً إلى دولة المماليك والقائد قطز والظاهر بيبرس ومعركة عين جالوت التي أعادت المجد للامة وتوجت مصر كدولة لها وجودها وقوتها بعد دحرها للتتار. كل ما سقته يؤكد إسلامية مصر إضافة إلى أن أكثر من 90 % من سكانها يدينون بدين الإسلام وهو ما يدحض تصورات وأقاويل المفكر الليبرالي الذي شغله الإسلام لمجرد سنة فقط من حكمه البلاد. إن لغة التقزيم والتهميش والإقصاء التي تتعامل بها سلطة الانقلاب مع التيار الإسلامي لا تنبئ سوى عن عقلية مهترئة ليس في جعبتها غير الحقد والبغض وهو ما يعبر عن تقوقعها خلف ظلمات الجهل وإن تظاهرت بخلاف ذلك وتحاول بعسكرتها للحياة إظهار الأمور لصالحها وهو ما تدحضه الأزمات المتعددة التي أصابت البلاد وما تشهده الساحة الوطنية من حراك شعبي يرفض الانقلاب والحكم العسكري الذي حاول ويحاول طمس هوية مصر الإسلامية من خلال سلسلة ممارسات لن تعود عليها إلا بالوبال وما مجزرة رابعة العدوية عنكم ببعيد. لست متشائماً بخصوص أم الدنيا فمهما فارقتها الابتسامة فستظل هي منبعها واصلها وستبقى مصر في خاطري لحن الأمل الذي لا يكاد يفارقني واجزم أنها ستفشل كل مخطط يستهدف هويتها وريادتها بل وستعود إلى مكانتها في قيادة العالمين العربي والإسلامي وإن غداً لناظره قريب. رابط المقال على الفيس بوك