باستثناء إعادة صيغة الاتفاق على تقاسم مناطق النفوذ ، على ما يبدو أن الأمور تتجه في مؤتمر الحوار “الوطني” على مستوى الوطن والشعب نحو بقاء الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى “من يريد”. وهذا إن تقرر واُقر، فإنه سيكون مؤشراً واضحاً على نجاح المتنفذ فيما كان يُعرف بالشمال وقرينه فيما كان يُعرف بالجنوب في الحفاظ على بقاء مصالحه الشخصية واستمرارها. وفي المقابل استمرار فقر وجهل ومعاناة الشعب الواحد واستمرار نهب المقدرات وضياع الحقوق. لقد كان التمثل نخبوياً بامتياز ، لذا فمن الطبيعي ألاَّ تأتي الحلول إلا معالجةً لأوضاع هذه النخب .فلا أحد منهم فكر بمستقبل هذا البلد وبمستقبل أجياله. الجميع يفكر بلحظته الآنية وكيف يعيشها ، بل بكيف يجعلها تستمر على هذا الشكل المشوه والموتور لأكبر مدة من الزمن. تفكيرهم ينحصر في كيف يخفون الحقيقة وكيف يتقاسمون الثروة ، وكيف يفرضون مرشحهم القادم ، بصرف النظر عن برنامجه السياسي ومتى تمدد الفترة الرئاسية ومتى لا يجب أن تمدد.وكيف يضعون دستوراً يحافظ على مكانتهم ويعزز من نفوذهم ويضعف مؤسسات الدولة ويجعلها مسخرةً لهم.هم لا يرون في مؤتمر الحوار إلا ذلك ويجب أن تكون مخرجاته محققةً لذلك وليس حتى قريبة من ذلك. هم لا يرون في توفير المياه الصالحة للشرب وتعزيز الأمن الغذائي للمواطن أي معنى. وهم أيضاً لا يرون في توافر الخدمات الصحية وتحسين مستوى الطبابة ، وارتفاع المستوى التعليمي والثقافي للفرد اليمني وتحسين جودة التعليم أي فائدة. كذلك لا يعني لهم شيئاً جعل الوطن يكتسي حلة الأمن والاستقرار وفرض الدولة لهيبتها و تقوية الأمن وتفعيل تواجده. هم لا يعنيهم جعل القضاء يتربع على منصته بكل شموخٍ وعزةٍ وكبرياءٍ واستقلالية المدخل للنماء والرخاء والعيش الرغيد الكريم. هم في الأخير لا تعنيهم الدولة الديمقراطية المعتمدة على المؤسسات والنظام والقانون ، لا الأفراد والاجتهادات الشخصية والقرارات الفردية. أما الوحدة السياسية لليمن فهي عند بعض الشماليين أن تسيطر وتبسط يدك على كل موارد ومقدرات الشعب في الجنوب وقبله في الشمال وكيف تستطيع أن تتسلط وتحكم وتتحكم بالشعب بصرف النظر عن شكل الدولة وصيغتها القانونية. وبالمقابل عند بعض الجنوبيين فهي البسط والسيطرة فقط على مقدرات الشعب في الجنوب وحكمه والتحكم به والتسلط عليه. وبتقاسم النفوذ السياسي كلٌ على المنطقة الجغرافية التي يعتبر نفسه وصياً عليها وبأنها يجب أن تتبعه بكل ما تحتويه من شجر وحجر وإنسان ، يثبت المتنفذ اليمني الشمالي والجنوبي انفصاليته ، ويبقى الشعب الواحد محافظاً على وحدويته ووحدته الطبيعية ؛ بتقاسمه للمرض والفقر والجهل والاضطهاد. رابط المقال على الفيس بوك