كُثر هم اللاعبون، بدت سوءات الكثير منهم ، كلهم يطلبون الإخفاق الذي يبقيهم على منابع السلطة والثروة، والكل ينشد مشروعية حكم شعب حكموا عليه مراراً بالموت قهراً وفقراً وإذلالاً : من رفضه الناس يشتغل على مشروع خرائبي غايته إيصال الشارع إلى قناعة مفادها «أنّ ليس بالإمكان أفضل مما كان»، من يملك آباراً للنفط لن يُسّلم بمخرجات حوارية تسّور تمدده وتوقف تسربه كبقعة زيت على شاسع الماء والتراب الوطني، من يتطلع إلى التسلط انطلاقاً من عرقه المقدس ومذهبه المدعوم وطموحاته الشمشونية لن يكفيه اجتذاذ كل مختلف أو مُخالف له، لن ترضيه أي نتيجة لا تؤدي إليه ولا تأتي به. دماج مثلاً ليست أكثر من نقطة نار يُراد أن تتشكل حولها مئات الدوائر المشتعلة وموفمبيك « بيت القصيد »، هناك تخوض الخلفيات السياسية أشواطاً حاسمة تحت ظل طائفي أو مذهبي في بيئة ووطن موحد عرقياً ومتسامح مذهبياً! اشتداد الضرب في خاصرة الحوار على نحو ما شاهدناه من انسحابات، تجميد مشاركات، وقفات احتجاجية لا حصر لها تُعري ما وراء الأكمة، لقد غاب الوطن وحضر الابتزاز، وفي المهمات الكبيرة تتكشف نوايا الصغار! من الداخل وحدها عصا بن عمر كانت نصب عين المتأهبين للتناحر فيما الوطن خارج أسوار موفمبيك ظل ساحة مفتوحة لنشر الفوضى، مرتع خصب للحمقى ، مختبر ضخم لقياس حقارة التقطع ، نذالة الاختطاف، وحشية الاغتيال وتنفيذ الخبطات العابرة للخيال .. حالة رعب وإحباط مُعدية يريد لها البعض أن تراوح القلوب وتحل محل فتات الأمل الذي يقتات عليه إنسان هذه المنطقة النازفة من العالم، مئات المغدور بهم قضوا نحبهم: جنود، مواطنون، حتى الأجانب تقاسموا معنا كأس الموت، استهداف الدفاع الدامي ليس جريمة مسجلة ضد القاعدة وحسب، القاعدة في اليمن ليست طرفاً قائم بذاته بقدر ما هي أداة تُحرك في ظروفٍ استثنائية، والرسالة التي بعثتها لا تخص المستهدفين فقط بل تصل بدلالاتها إلى عمق المعنويات العامة، تنال من هيبة الدولة في معقلها الأول، من نظرة المواطن البسيط لفكرة التغيير، وقبله اغتيال جدبان – عضو الحوار- الذي يمكن اعتباره بمثابة رمية مباشرة صوب الهدف المباشر والمجهول الذي يأتينا من جميع الجهات هو الفاعل أيضاً ! من وراء ا لستار يتماها الآثمون لتمريغ الوطن – كل الوطن – في وحل اللا أمن و اللا استقرار، لم يوفروا طريقة لإقحام الجميع بلا استثناء وإن كانوا بضوئية نزاهة ونجاح بيت هائل سعيد – أهم البيوت التجارية في البلاد – في صراعات قذرة يديرونها بحرفية عالية. المشكلة التي تواجهنا ليست في معرفة ما لا نعرفه، مشكلتنا هي مع ما نعرفه ، المعرفة التي تشعرك بالعجز ، بضآلة مستطاعك أمام مجهول تعرفه تماماً وتعرف فداحة أن لا تملك حيال معرفتك به إلا تبريرات واهية من قبل من سلمتهم أمر حمايتك زائد تخاذل عام مخزٍ ومميت يأتي على ما تبقى و يضع الجميع تحت مقصلة الموت المجاني ! في تقريره الأخير أمام مجلس الأمن الدولي بدت دبلوماسية بن عمر القادم من وراء الحدود، والذي تعرض لحملات تشويه شوهاء أكثر قدرة على وكز بعض هذا الجنون ووخزه في نقاط حيويته، الأمر كله مرتبط بالضمير، الذي يحتم على صاحبه أن يكون شجاعاً بالتوازي مع حجم المسئولية التي يضطلع بها، المسألة هنا أخلاقية في المقام الأول خاضعة لاعتبارات تتعلق بالمبادئ، باحترام الذات، بالإيمان بالواجب من موقع المسئولية تجاه الإنسانية بوجه عام، وهي مُثل تكاد تكون شبه غائبة لدى من ألفوا الوقوف على أشلاء الضحايا وأوجاع الناس بلا أدنى ذرة خجل أو محاسبة للذات لأن الأسوأ من الفشل تبريره، والأفظع من الجريمة تمريرها وتسجيلها ضد المجهول ذاته الذي تحولت حياتنا معه إلى مجموعة من الأرقام والأخبار المتفحمة التي تتناقلها وكالات الأخبار ومحطات التلفزة..! رابط المقال على الفيس بوك