من حسنات بعض القضايا التي أصابت مدينة تعز في الخمس السنوات الماضية رغم ما شكلته من كابوس ورعب على جميع الأسر في المدينة إلا أنها تحولت بفضل الله وكرمه من نقمة إلى نعمة ومن محنة أسرية إلى منحة إلهية للجميع وقاسم مشترك أخلاقي وديني ونقطة التقاء وطنية ومدنية وحضارية وحدت كل الشرفاء من أبناء تعز وتحولت القضية من حادثة مجهولة إلى قضية رأي عام تشغل بال الجميع ضد المجرم، توحدت فيها القلوب والنفوس شكلا ومبنى وتعاطفت مع مصاب المحافظة بقية المحافظات، وعلى سبيل الذكر لا الحصر فإن قضية طفلة حارة القصر (حنان) كانت واحدة من هذه القضايا التي شغلت الرأي العام في تعز أكثر من شهر وشكلت كابوساً ورعباً لكافة الأسر على أطفالها في العام 2007م والحمد لله أنها انتهت بعودة الطفلة إلى أحضان والديها سليمة دون ضرر بفضل ذلك التعاطف والإعلان الشعبي والتنديد الواسع بالجريمة من كل أبناء المحافظة وقبل كل ذلك كان لطف الله بهذه الطفلة وبقلب والديها. ثم جاءت قضية اختطاف الشاب (محمد منير أحمد هائل سعيد) في التاسع عشر من شهر نوفمبر الماضي التي وحدت القلوب والضمائر رفضا للجريمة التي شكلت طعنة غادرة لمدنية وتحضر هذه المدينة بكل ساكنيها وتاريخها الآمن من صراع القبيلة وثاراتها ، والآن وبعد عودة الولد (محمد منير) إلى أهله وذويه ومدينته بدأت خيوط الجريمة وأبعادها تتكشف وتتضح تباعا لتتحول تلك المحنة التي مرت على (آل السعيد) ومحبيهم في المدينة إلى منحة إلهية للأمن والسكينة في كل المدينة من خلال القبض على بعض أعضاء هذه العصابة الذين سهلوا في تعز عملية الاختطاف للمجرمين الوافدين مقابل حفنة من المال جعلهم يبيعون آدميتهم وشرفهم وأخلاقهم وأمن وسكينة مدينتهم وناسهم لمن دفع لهم . محنة تعز في اختطاف الشاب الوديع (محمد منير) تحولت إلى منحة إلهية لا تقدر لكل أبناء تعز بأن يعودوا إلى رشدهم ونخوتهم ورجولتهم بعد أن أفقدتهم الحزبية وصراعاتها وجردتهم من هذه القيم النبيلة التي عرفوا بها منذ قديم الزمن، فذلك التوحد الذي كانوا عليه في رفض هذه الظاهرة الدخيلة على قيمنا وأخلاقنا وتقاليدنا يجب أن يستمر في بقية القضايا وفي مقدمتها الأمن والاستقرار والتنمية والنظافة والنظام والتعليم والصحة وغيرها في المدينة وأن يرتقوا بأنفسهم فوق صراعاتهم الحزبية التي ما جنينا منها سوى الحقد والتباغض والدسائس والنذالة وقلة الرجولة التي وصلت في بعضها إلى حد الاختطاف والقتل ، ماذا جنينا من وراء هذه الحزبية في تعز غير الدمار والخراب في الأخلاق والقيم والضمائر والتنمية ، ماذا كسبت تعز غير التبعية المخزية والمخجلة لطرفي الصراع الذين دمروا اليمن بصراعاتهم من أجل السلطة والنفوذ والثروة دون أن تجني تعز كانسان ومدينة غير هذا الخراب الذي لا حدود له . إن استدراج تعز إلى صراعات القبيلة (المتحزبة) التي لا تعرف من الحزبية غير نهب الثروة والثورة والمتاجرة بالدماء والأشلاء وعذابات الآخرين وتحويلها إلى أرصدة مالية في بنوك الخارج وعقارات ومزارع وقطاعات نفطية في الداخل واستعراض وجاهة للتسول والشحاتة أمام دول الإقليم باسم الشعب والوطن ، هو استدراج خبيث يهدف إلى القضاء على أخلاقيات هذه المحافظة ونقطة قوتها في التعايش السلمي بين ساكنيها والانشغال بالتعليم والصحة والتنمية عوضاً عن الانشغال بالثأرات والارتهان في أحضان الأثوار المتناطحة لتكون المدينة إحدى أهم أدوات الصراع ووقوده بين المتناطحين للاستيلاء على الوطن رغم كل ما اقترفوه من جرائم وطنية طيلة أكثر من ثلاثة عقود عجاف من التنمية وبناء الإنسان . إن إلقاء القبض على بعض المتورطين في هذه الجريمة كشف بجلاء من خلال التحقيق نية تلك الأطراف في الاستمرار في غيها وضلالها وعنجهيتها لتركيع أرضاً وإنساناً وجعلها مجرد إقطاعية بكل من فيها يمارسون بها وفيها غواياتهم وحماقاتهم في حق تعز خاصة والوطن اليمني عامة تحت يافطة التنافس الحزبي المشروع بينما في حقيقة الأمر هو الصراع للسيطرة المطلقة على البحر والبر المحاذي للمحافظة لتسهيل عمليات التهريب وسهولة استلام وتخزين وإعادة توزيع ونقل تجارتهم المحرمة والمسمومة الضارة بالوطن أرضاً وإنساناً من خلال تركيز أدواتهم التي باعت نفسها وارتهنت شرفها للشيطان في مواقع المسئولية والوظائف القيادية في المحافظة مستغلين هذا الانقسام الحزبي المدمر الذي صنعوه كوسيلة آمنة للوصول إلى غاياتهم وأهدافهم . إن عملية اختطاف الولد (محمد منير) بقدر ما هي استهداف واضح للرأسمال الوطني الشريف العامل لدفعه على الهجرة والبحث عن الأمن للنفس قبل المال خارج الوطن ليعم الخراب والدمار كل أبناء الوطن العاملين في القطاع الخاص بشكل مباشر وكل الوظائف المساعدة غير المباشرة التي تعتاش على حيوية هذا القطاع النشيط والمتطور والسريع في دينامكيته الحية ، بقدر ما هو استهداف خبيث ومكشوف لمدنية أبناء تعز وسلميتهم وجرهم إلى مربع الاحتكام للأعراف البدائية وإلى شريعة الصحراء وعاداتها بعيداً عن القانون الناظم للجميع على اختلاف مشاربهم الفكرية وانتماءاتهم الجغرافية دون تمييز أو تحيز أو استقوا بقوة القبيلة وسلاحها. وفي الوقت الذي نهنئ فيه ونبارك لكافة (آل السعيد) بعودة الولد (محمد منير) سالما معافى نشكر فيه أيضاً كل الشرفاء من أبناء تعز الذين وقفوا مع أنفسهم وأخلاقهم وعقيدتهم ومدنيتهم قبل أن يقفوا مع هذه الأسرة الكريمة من (آل السعيد) نشكر أيضا كل الشرفاء من أبناء قبيلة (مراد) الذين كان لهم الدور المشرف في رفض هذا العمل الجبان الذي جرح كبرياءهم ونخوتهم وكرامتهم التي يعتزون بها على الدوام ويتميزون بها بين القبائل الأخرى وهم بذلك الموقف المشرف إنما يعززون في ذاكرتنا الجمعية سمعة هذه القبيلة بالذات على مر التاريخ المشهود لها بالنخوة والشهامة والرجولة والحفاظ على الموروث الناصع والمضي في أخلاق القبائل العربية في رفض المحدث وغوث الملهوف ونصرة المظلوم. شكرا لشرفاء تعز وشكرا لشرفاء مراد. رابط المقال على الفيس بوك