مواجهات مدينة ضوران في ذمار التي اندلعت في الشوارع واستهدفت المنازل بين أشياع الحوثي وأنصار السلف تعتبر شرارة ورجع صدى لحروب سماحة عاقل إيران في صعدة المتعددة الجبهات التي اتخذت من دماج محطة انطلاق إلى حوث وخيوان ودنان ويتمة الجوف وكتاف ومنها إلى منطقة ذهبان بأرحب والتي توّجت بطرد أهالي دماج القسري بمباركة وثيقة صلح شكلية أجبرت الطرف الأضعف عسكرياً على الجلاء وترك الديار والممتلكات غنيمة لطغيان الحوثي وميليشياته، وكأن الوساطات التي تداعت إلى دماج لم تكن في جوهرها سوى قفازات ناعمة ونقطة عبور لفرض اشتراطات الجماعة المتغطرسة والمستفزة.. إلى وقت قريب كنت - وغيرى كثير - نحرص على الحفاظ على مسافة واحدة بين الغريمين التقليديين باعتبارهما إخوة لنا في الدين والعرض والنسب والإصلاح بينهما خير وواجب حض عليه الإسلام والنصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة لكن حرص زعيم أنصار الله على ابتلاع صعدة وطبعها بطابعه الفكري والمذهبي وتصفية المعتقدات المناوئة سابقة خطيرة الغرض منه يؤسس لانتزاع اعتراف بحوثية صعدة الخالصة الخالية من أي فكر يعكر مزاج المشروع السلالي الواعد، فلا صوت يعلو فوق صوت السيد وسماحته التي تسبق غضبه واعتقد جازماً أن أوراق اليمن المبعثرة تحت حوافر الفوضى والعنف بيئة صالحة لتمرير العجائب والغرائب وتبعاً لذلك لا نستبعد أن نسمع في القريب العاجل عن مساعٍ حميدة لتشكيل تحالف مساند للقضية تجيز للحوثي طرد كل من يخالفه الرأي أو يضم في صلاته ولايسربل «يرسل» وإنزال أقصى العقوبة بمن تسوّل له نفسه الجهر ب «آمين» عقب قراءة الفاتحة نعم.. إذا كان اللوبي الإسرائيلي على جلالة قدره السياسي والدبلوماسي قد عجز حتى الآن عن استصدار قرار دولي «بيهودية فلسطينالمحتلة» بعكس الحوثة فإن الاعتراف بحوثية صعدة وماجاورها بات مسألة وقت وهم الآن بصدد فرضه على الأرض بعصاة موسى أو بثوب ماركس لا فرق ليتسنى لأنصار الله بعد هذا النصر ضرب عصفورين بحجر واحدة الاحتفال بعيد الجلوس من ناحيه وتدشين أول انتصار مدوٍّ على إسرائيل وأمريكا..!! كما يحكي ذلك شعارهم الأسطوري إن قذف الوئام والتعايش السلمى في ضوران وقبلها في معبر براجمات لهب المذهبية المتطاير من دماج محاولات مكشوفة لغرز مخلب فرس رهان ملالي «قم» في منطقة بالغة الحساسية وتعتبر خاصرة حيوية للمحافظات الشمالية تحديداً الذى يراها فقيه صعدة إرثاً شرعياً لعائلته اغتصبه عليهم أسرة آل حميد الدين قبل الجمهورية وهذا شيء معروف فهم لا ينظرون إلى الإمام يحيى وابنه أحمد بعين الرضا.. إنني لا أريد أن يُفهم من كلامي هذا على أنه تحريض وحشد كراهية ضد الحوثي أبدا،ً لكن ما اقترفته ترسانته من أعمال تتناقض جذرياً مع أقواله ولا تخدم حلم اليمنيين في الأمن والاستقرار حيث يمكن أن نستخلص من هذه الأفعال أن يكون الغرض من ورائها في ظل الصراع المتماوج توليد حركات طرد ارتدادية تدفع القبائل والعشائر في أرجاء مختلفة من اليمن استغلالاً لشحنة التعاطف مع أبناء دماج مسبوقة بقليل من إثارة الفوضى والنعرات الطائفية الموجهة والممنهجة إلى طرد الأقليات الحوثية هنا وهناك وإلى أين؟ إلى صعدة، أرض الميعاد بهدف تغيير التركيبة السكانية للمحافظة لكي تكون الأغلبية الساحقة في المستقبل القريب لمن يسبّحون بحمد الحوثي ويقدسونه، وخطوة كهذه تعني الاستعداد الفعلي والمبرمج للمطالبة بحق وحرية اختيار شكل الدولة المنتظرة، إمامية أم ملكية أم سلطانية....الخ، لا شيء مستحيل أو مستغرب فكل الطرق تؤدي إلى جهنم...! إن الاستمرار في تعاطى هذا النهج الحكومي مع القضية لا يعد خطيئة بل جريمة وخيانة عظمى، لذلك أدعو إلى استدراك ما يمكن استدراكه بجديه وصدق. فمن يدلنا على طريق نوقف معها الخسائر عند هذا الحد؟.