الحشود التي خرجت أمس بتعز محتفلة بذكرى ثورة 11 فبراير أذهلتني.. خرج الناس بانسيابية وتلقائية مثل شلالات الأنهار المتدفقة.. امتلأت الطرق وازدحمت المداخل واكتظت شوارع المدينة.. جموع خرافية وتاريخية، تمنيت لو أن طائرة صورت هذه الجموع غير المسبوقة والتي تنضح بالحرية وتضج ثورة وتهدر بالإرادة الشعبية القادمة من كل قرى ووديان وجبال المحافظة.. تؤكد بأن الشعب لن يترك ثورته ولن يستغفل ولن يستطيع أحد أن يعبث به بعد ثورة فبراير.. الجموع امتدت كموج واحد متلاطم من وادي القاضي وشارع جمال مروراً بشارع محمد علي عثمان وشارع 26سبتمبر إلى جولة الإخوة وحوض الأشراف حتى شارع الكوثر، وصولاً إلى ساحة الحرية، كان الأول في ساحة الحرية والآخر عند نقطة الانطلاق لمن يعرفون المدينة. لقد كانت لوحة الدهشة الثورية وعبقرية تعز بحق .. رقصت تعز كلها ثورة وغنت إرادة لاستكمال الأهداف وتغنت بالشهداء كبوابة نور وصفحات مجد .. أمس قالت الملايين الثائرة في العاصمة وإب التي سكبت ذاتها في ميدان الثورة وتعز والحديدة والبيضاء وكل المدن اليمنية أن لا أحد باستطاعته الالتفاف على الثورة أو إعاقة مسيرة الكرامة اليمنية أو إخماد الثورة التي تتعمق كل يوم وتتوهج لا بالمال المدنس ولا بالإعلام الكاذب ولا بالعنف والمليشيات والحروب، كما أعطت رسالة بأن الصغار دائماً يظلوا صغاراً .. لقد أظهرت ذكرى فبراير كلاً بحجمه وصورته الحقيقية وبدت القوى الثورية والأحزاب اليمنية عند مستوى المسؤولية متحدة على الهدف العام، مصرة على السير بقطار الثورة دون الالتفات أو التوقف عند السخافات الصغيرة.. لقد أكد الشعب وقواه الثائرة أنهم مدركون أهمية الوحدة وخطورة الفرقة على مستقبل اليمن .. هذا الوعي ظهر جلياً بوحدة الأحزاب والقوى الثورية أمس بتلك الصورة المبدعة المتماسكة وراء الشعب القائد.. كل القوى كانت موجودة تصنع المجد وتبني جبالاً من الهمة والهمم لحماية الثورة والجمهورية ولم تفلح كل الجهود لتمزيقها.. مليارات صرفت على الإعلام المضاد والشائعات والحركات التي تستهدف روح الناس المعنوية وتيئسهم من الثورة دون جدوى ... اعترف الآن أن إعلام الثورة المضاده كان عاملاً مهماً في تحفيز الناس وإشعارهم بالمخاطر التي تحيط بثورتهم لأن الكذب الذي مورس والتجني أعطى نتيجة عكسية فنحن في اليمن حيث الشعب الواعي .. الشعب الأول في السياسة يسمي صحف الكذب وقنوات الزيف بأسمائها، يعرف الكذابين «بمزاقمهم» وسحنة وجوههم وكلما كذب عليه طرف أو استغفله نهض ليعطيه رسالة من هو الشعب اليمني، أنه الشعب المعلم والقائد في ثورته في صبره في غضبه وفي حواره المثمر وتنوعاته.. كان بعض المخبولين والفرغ يصدقون أنفسهم وظنوا أن باستطاعتهم تمزيق الثورة وتجيير يوم 11فبراير للإجهاز على مشروع الثورة برفع عنوان الثورة وإنقاذ الثورة ومحاربة الفساد أو ماشابه. إنهم يعانقون الوهم بينما الشعب ينقش مجده ويصنع أشعة مستقبله بيده الطاهرة ووعيه الثاقب. [email protected]