من المؤكد أن مراجعة الأخطاء أياً كانت لا يقلل من قيمة الشخص أو المجتمع أو الدولة ، حين تقف أمام أخطاء حملتها مواقفها وسلوكياتها تجاه الآخرين أقرباء أو بُعداء لأن تلك المراجعة دليل قوة وليس ضعفاً. لكن الاستكبار والغرور وعدم قبول التقييم ورفض النصيحة والتبرير لما يقوم به بأنه حق مكفول ، بل وإصراره على الاستمرار فيما يعتقده ويسعى إليه ، حتما فإنها تحول دون الإقرار بالأخطاء وعدم الولوج في طريق المراجعة الذاتية لكل المواقف والسلوكيات المتصلة بالآخرين أشخاصاً كانوا أو دولا ، الأمر الذي يؤدي إلى تزايد معدلات النقمة والغضب ضد ذلك الاستكبار وتلك الغطرسة. إن ما حدث داخل مجلس التعاون الخليجي من محاولة لمراجعة المواقف ، هي في الحقيقة محاولة لفرملة بعض المواقف التي تبنتها دول المجلس بشكل عام ودولة قطر بشكل خاص تجاه الدول والشعوب العربية فيما عُرف بدعم الربيع العربي ومساعدة تلك الدول في تثبيت النظم الديمقراطية مع أن الداعم لا علاقة له بالديمقراطية لا شكلاً ولا مضموناً. يظهر من خلال تلك المواقف الدعم المستميت للفوضى والخراب المنظم ، وتظهر بين الحين والآخر الكثير من الأخطاء التي ما كان ينبغي أن يتولى كبرها وتمويلها ، لما لها من خطر وفوضى تتسبب في دمار وخراب البلدان وإشاعة الفوضى والعنف فيها. ذلك الدعم السخي الذي قدم لإشاعة الفوضى والدمار في بعض البلدان العربية كان الأولى أن يذهب إلى دعم التنمية والتغيير الاجتماعي السلمي في البلدان العربية ، وإعانتهم على تجاوز مشاكل الفقر والبطالة وتحريك عجلة الاقتصاد التي هي أم المشاكل في مجتمعاتنا العربية. تغيير الحكام والدكتاتوريات العربية حسب اعتقادهم يأتي بالتدرج متوازياً مع رفع معدل الوعي الاجتماعي الإيجابي الفاعل نتيجة إصلاح أنظمة التربية والتعليم ومحو أمية المجتمعات ، وليس بزيادة الفقر والبطالة وإشاعة الخراب والفوضى بقصد إرضاء المحاور الإقليمية والدولية التي كانت خلف ذلك الربيع. المؤسف ان يتم تبرير تلك المواقف الخاطئة والمتناقضة بكل صلف ، لا ندري دوافع ذلك الاستكبار والغطرسة التي ستقلب خبث السحر على الساحر ، وغداً سيأتي من يدعم الربيع الخليجي ، وحمل لواء الديمقراطية أيا كان نوعها ومصدرها وممول تكاليفها إلى قصور المشايخ والأمراء والملوك ، فماذا سيكون رد إخواننا في الخليج حين تخرج شعوبهم من صمتها . مراجعة المواقف حين يكون في الوقت متسعا يحول دون استمراء الأخطاء أو التلذذ بمعاناة الآخرين وفقرهم ودمار بلدانهم ، ستتبدل المواقف ويحدث التغيير الجذري في التعاطي مع ما نقدمه من إعانات تنموية واقتصادية لتصب في مصلحة الإنسان وتخليصه من الحاجة. والمؤسف اكثر ان يحدث ذلك الدفع الكبير لآلة الفوضى والخراب من قبل الأخ المسلم الذي يجب ان يكون أحرص الناس على حياة أخيه المسلم ، حتى وإن اختلف معه في الرأي أو المصالح ، يبقى ( المسلم اخو المسلم ...) وعلى إخوتنا في الخليج تكملة نص الحديث النبوي على صاحبه افضل الصلاة وأزكاها. [email protected]