أنا أكثر الناس تفاؤلاً للولوج بالوطن نحو الأمل القادم لكني اليوم أعيش صراعاً داخلياً، صراعاً بين الأمل والتشاؤم، لأن أدوات الفعل المؤثر في الواقع تدفعك أنت صاحب القناعات المتأصلة في نفسك لأن تتشاءم فما بالك بالمواطن البسيط والأمل للمستقبل المنشود نحن للأسف شعب طموح وصلب لكننا نقتل آمالنا وطموحاتنا بأيدينا، لأن الأمل هو النظر إلى المستقبل وتجاوز الماضي، لكننا نأمل بالمستقبل وعيوننا على الماضي وهذه أهم أسباب الإحباط، مشكلتنا أيضاً أننا طوق النجاة للقوى التقليدية المستبدة نحن من نغذيها ونبث فيها الحياة كلما تهاوت وانهارت وضعفت لا نصدق بل عيوننا عليها ونعمل من نفسها الأخير في المقاومة معضلة كبيرة ومن كل حبّتها قبة ونهيء لها أرضية استعادة الروح وهي الصراع، فالصراع هو الحاضنة المثلى لهذه القوى ونحن نجدّد صراعاتها فتستنشق روح الحياة وتستعيد عافيتها هذه القوى، الإهمال هو عدوها نحن دائماً نضع لها مكانة عالية واهتماماً أكبر يزيد من تواجدها لو أهملناها لتلاشت منذ زمن صار المثقفون تركيزهم على هذه القوى أكثر من تركيزهم على البناء وصارت أيضاً مصدر إحباطهم، وكلما تقدمنا خطوة نعود خطوتنا للخلف إذا صرّح متخلف من هذه القوى و استشعر أيضا أنهم يستفزوننا بتصريحاتهم بل يوجهوننا نحو مبتغاهم، يعني إنهم يمسكون في مربط الفرس ويرسمون أجنداتهم على الواقع، نحن لم نستطع إلى الآن أن نجعل مشاريعنا هي المؤثرة على الواقع ولم نتمكن من استلام قيادة الأمور نحو الأفضل، لا زلنا توابع ولازلنا ننوح ونلطم خدودنا ونبكي على ثورتنا ومستقبلنا كالضعفاء المهزومين لأننا غير موحدين. الثورة أيها الثوار هي من تفرض نفسها على الواقع وأهدافها تُنتزع لا تُهب والثورة تندلع لتقود الجماهير لا لتصير هامشاً ضعيفاً متهالكاً، الثورة هي الإصرار، هي الحب، هي الوفاء، هي الإخلاص هي تجاوز ما قبلها لبناء صرح جديد ومستقبل أفضل لا تلتفتون إلى صراعاتهم وتبررون وجودهم بفشلكم، هم أيضاً يريدون لأنفسهم النجاح بإجهاض ثورتكم، الثورة لها أهدافها واستراتيجياتها التي لا يمكن أن تتخلى عنها قيد أنملة، أي لا يمكن أن أكون ثورياً أرفض التعصب للطائفة والمذهب ثم نكاية بطرف أصطف مع طرف تقليدي متخلف، رجعي، طائفي، مذهبي ولا يمكن أن أكون ثورياً تقدمياً وأحتمي بمليشيات مهما كانت، أي أساهم بأن أجعل البندقية هي من تتحدث أو تفرض الرؤى. للأسف واقعنا مزرٍ بسبب بعض الثوار الذين يعكرون صفوتنا ويهدون ثورتنا بمبرر مرفوض وتحالفات مشبوهة علينا أن نوحد صفوفنا الثورية ونركز اهتمامنا للمستقبل ونترك صراعاتنا القديمة وأن يكون عدونا واحداً هو من يعيق ثورتنا وأن نترك أحقاد الأمس لنبني صدقات الزخم الثوري وأن أتعامل مع النقد كنقد بناء لا كحقد هدّام، هذا إذا كنا نريد الانتصار على كل تقليدي متخلف رجعي، أناني، متزمت، طائفي، مذهبي، متعجرف قبيلي، عسكري، متنفذ، ناهب، يرى الوطن ميراثه من والديه.. أصلحوا العقول لتصلح الشئون يا أولي الألباب.