صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    العاصمة عدن تشهد فعالية الذكرى ال7 لاعلان مايو التاريخي    الحرب القادمة في اليمن    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    الرئيس الزُبيدي : نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    تحديث جديد لأسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    خبير اقتصادي بارز يطالب الحكومة الشرعية " بإعادة النظر في هذا القرار !    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    مارب تغرق في ظلام دامس.. ومصدر يكشف السبب    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    ماذا يجرى داخل المراكز الصيفية الحوثية الطائفية - المغلقة ؟ الممولة بالمليارات (الحلقة الأولى)    الحوثيون يعتقلون فنان شعبي وأعضاء فرقته في عمران بتهمة تجريم الغناء    ترتيبات الداخل وإشارات الخارج ترعب الحوثي.. حرب أم تكهنات؟    مأرب قلب الشرعية النابض    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    الكشف بالصور عن تحركات عسكرية خطيرة للحوثيين على الحدود مع السعودية    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    بعد منع الامارات استخدام أراضيها: الولايات المتحدة تنقل أصولها الجوية إلى قطر وجيبوتي    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد الحربي ل «الجمهورية»:
اليمن كانت تمثل موقفاً مهماً للمواجهة الدولية في الصراع
نشر في الجمهورية يوم 26 - 09 - 2012

قيام ثورة 26 سبتمبر عام 62م شكل انطلاقة حقيقية نحو المستقبل الجديد الواعد بالحرية والكرامة للإنسان اليمني، الذي ظل يرزح ردحاً من الزمن تحت حكم إمامي متخلف ومستبد، لم تشهده المنطقة العربية برمتها، نتيجة للسياسات التي استخدمها ضد الشعب اليمني، حيث عمل على عزل اليمن عن العالم الخارجي وإحكام قبضته على كل مفاصل الحياة في اليمن، لكي يبقى الشعب بمنأى عن أية تحولات جديدة، تحدث هنا أو هناك ولكن رغم ذلك فقد كان للحركة الوطنية اليمنية، أن تشد من أزرها، وتعمل على مقارعة النظام الإمامي عن طريق وسائل شتى، حتى استطاعت من خلال نضالها التاريخي إبان تلك الحقب التاريخية أن توجد أكثر من حركة وطنية.. وهذا ما مهد الطريق لقيام الثورة السبتمبرية المجيدة، في عام 62م والانتصار لإرادة الشعب اليمني رغم ما اكتنفها من صعوبات عديدة، إلا أنها تمكنت من الصمود وتجاوزها بمساندة من الوجود المصري بقيادة جمال عبدالناصر.. الذي كان له الدور الكبير في دعم ومساندة الثورة اليمنية شمالاً وجنوباً..
وإذا كنا اليوم نعيش افراح وذكرى هذه الثورة وفي هذه الأثناء من تاريخ شعبنا فعلينا أن نقف أمام تلك المحطات التي مرت بها اليمن ابتداءً من قيام الثورة.. ومروراً بالصراعات وحتى مجيء عبدالحكيم عامر، وما نتج عن ذلك من قبل الوجود المصري، بقدر ما برزت هناك حركة 5نوفمبر 67م ومن ثم الصراع الجمهوري، تلى ذلك حرب ال70يوماً، وحتى عملية المصالحة في عام 70م.
حول هذه الجوانب يتحدث الأخ أحمد الحربي، مؤرخ وكاتب عن ثورة 26سبتمبر والصراع الملكي الجمهوري وغيرها من القضايا فقال:
بداية الحديث..نقدم التحية لمناضلي ثورة 26سبتمبر في عيدهم الوطني ال50والرحمة للشهداء الذين رووا بدمائهم شجرة ثورة سبتمبر، التي كانت بمثابة انطلاقة للتحرر الاقتصادي والاجتماعي للشعب اليمني، من براثن النظام الإمامي، لبيت حميد الدين الذي عزل اليمن عن العالم وحبس المجتمع والوطن بقمقم، ومنع الشعب من استغلال ثروات الوطن ليتمتع بخيراته.
وعودة إلى بدء أقول.. إن الحديث حول ثورة 26سبتمبر والصراع الجمهوري الملكي حديث ذو شجون، ومتشعب بتشعب العلاقات التي قامت ونتجت بقيام ثورة 26سبتمبر، هذه الثورة التي ضربت قطرة دائرة في النظام الحاكم الإمامي، ولم تستطع أن تنهي النظام، كنظام لا يتمثل في رأس السلطة، وإنما في مختلف مفاصل الحياة السياسية ، التي كان يديرها الإمام أحمد حميدالدين، هذا الطرف أو قطر الدائرة في النظام الذي جعل بقايا النظام الإمامي لبيت حميد الدين، يتحرك ليبحث عن قوى تسنده لكي يئد ثورة 26سبتمبر قبل أن تتعزز في ذاكرة وفي نضالات الشعب اليمني، وبالتالي لم يكن أمام نظام بيت حميدالدين، أو بقاياه ممثلة بالإمام محمد البدر، الذي أعلن بعد أسبوع من وفاة والده الاَّ يذكر تاريخهم الماضي، فلجأوا إلى السعودية كما لجأ والده من ثروة 48م ليطلب العون والمدد من المملكة لكي تنصره على ثورة 26سبتمبر ورجالها مثلما نصرت والده الإمام أحمد بن يحيى حميدالدين في ثورة 48م وذلك بالقضاء على ثورة ابن الوزير، والحركة الوطنية الدستورية.
مضيفاً بالقول:
لذلك الاستجابة السعودية لم تكن مترددة من طلب الإمام البدر، ولبيت حميدالدين وبقايا النظام الإمامي، بل كانت على استعداد، إذا لم يطلب بقايا النظام الإمامي منها هذا الطلب فلجأت هي إلى البحث عن جيوب لها لمواجهة هذه الثورة التي تشكل خطراً على وجودها كنظام رجعي مستبد، وبالتالي بدأت عملية التجنيد أو بدأت عملية معاداة الثورة اليمنية من المملكة.. في الأسبوع الأول من قيام ثورة26سبتمبر، ولذلك بدأت عملية التجييش وبدأت علمية تجنيد المرتزقة، وتحمل كافة التصرفات أو الأعباء المترتبة على مواجهة ثورة 26سبتمبر، هذا الصراع لم يكن صراعاً فقط بين اليمنيين، كما أسموه أو ألفوه،ملكيين وجمهوريين بقدر ما كان بين نظام يبحث عن بناء جديد للمجتمع وبين نظام قديم يريد ألا يستسلم لهذه الحالة أو لهذه الظاهرة الجديدة في جزيرة العرب..
وأضاف الحربي..قائلاً:
طبعاً هناك مبررات كثيرة تدعي أن السعودية لم تكن معادية لثورة 26 سبتمبر إلا أن جمال عبدالناصر دخل إلى اليمن، وهي نوع من التبريرات المغلوطة لهذا الجانب، لأن عبدالناصر لم يأت إلى اليمن لكي يساند الثورة إلا بعد أن حصل أن واجهت الثورة هذا الزخم المعادي لها من المملكة وليس من المملكة وحدها..وإنما من كافة القوى الاستعمارية التي كانت موجودة داخل المنطقة وعلى رأسها الاستعمار البريطاني الجاثم على أرض الجنوب، والذي شعر هو الآخر إن وجود ثورة في اليمن تشكل خطراً عليها، وعلى مصالحها بالمنطقة.
ولذلك أقول: إن وجود الاستعمار البريطاني في الجنوب كان متحالفاً مع مشيخات وسلطنات الجنوب الواقعة تحت حماية السلطنتين الشرقية والغربية، تشعر هي الأخرى بأن وجود ثورة في اليمن يشكل خلفية لنضالات الشعب اليمني في الجنوب ، وبالتالي لابد للثورة أن تنتصر لإنها تمثل إرادة شعب، وتمثل حالة جديدة للمجتمع عاش تحت نير الحكم الإمامي عشرات السنين، ولم يحصل على شيء يساعده على أن يتنفس نسيم الحرية رغم نضالات الحركة الوطنية التي سبقت ثورة26 سبتمبر، كحركة 54، 55، 56، 61 وكل هذه الأحداث كانت سابقة لقيام ثورة 26سبتمبر ولو لم تحدث ثورة 26 سبتمبر بنفس الطريقة التي تمت بها، لكانت هناك أحداث أخرى ستنشأ داخل المنطقة، لتصبح بهذا النظام الإمامي المتخلف الذي عفى عليه الزمن..
أقول لولاحظنا هذه الظاهرة لثورة 26 من سبتمبر، نجد أن استراتيجية المملكة العربية والقوى المعادية للثورة انطلقت تحت مبرر العداء، للناصرية، لوجود عبدالناصر في اليمن، وهذه أيضاً قضية ارتبطت باستراتيجية عالمية المواجهة بين حركة التحرر العربية وبين القوى الاستعمارية والليبرالية الجديدة، التي مثلتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد أن تستغل الفراغ السياسي الاستراتيجي الذي يمكن أن يحصل في المنطقة وهو صراع أندرج تحت مسمى المواجهة بين قطبي الصراع العالمي، المسمى بالحرب الباردة بالوقت الذي كانت تغلف القوى الرجعية والقوى المناوئة لثورة نضالات الشعب اليمني وتمسكه أن توجه إليه الكثير من الاتهامات كالإلحاد، والشيوعية، وعدم قدرة هذا النظام على المواصلة والتواصل، لأنه نبت شيطاني، لم يكن ثورة بالمعنى الحقيقي، وإن الشعب لا يؤيد هذه الثورة، وكل هذا من أجل أن تبرر وجودها وتدخلها العسكري، والثقافي والسياسي، والمالي ، داخل اليمن.
طبعاً هذه هي الظاهرة الأولى بعناوينها، كانت تمثل نوعاً من التحدي لقوى الحركة الوطنية بتاريخها الطويل والعريق منذ 48م وما بعدها.. ولكن في الصراع الذي دار في المواجهة العسكرية والميدانية، برز ما يشبه بالتناقضات بالمصالح، بين قوى تقليدية أحست بأن قيام الثورة، ثورة 26 سبتمبر، وقطع الطريق على حقها النضالي التاريخي، الذي بدأته في 48م، وبالتالي لم تكن قادرة على التعايش مع ثورة 26 سبتمبر ورجالها الذين كانوا أكثر حماسة من السابق.. وأكثر قدرة على مواجهة الأحداث وصمودها.. وبالتالي كانت هي الأخرى تشكك في قدرة الثورة على الصمود وقدرة رجال الثورة على المواجهة، والتخوف من مأساة 48م أن تتجدد فبالتالي كانت تحاول أن توجد طريقاً ثالثاً في الوسط ليصلح ما بين الطرفين المتواجهين، الذي البعض يسميه صراعاً ما بين السعودية، والمصريين والبعض يسميه صراعاً ما بين الملكيين والجمهوريين، ولكن كانت القوى السياسية الوطنية الجديدة، تنظر إلى أن هذا الصراع وإن كان مغلفاً بهذه التسميات وهو صراع بين قوى تقليدية وقوى جديدة نامية، تريد أن ترتبط بمرمى نضالي جديد، بحركة التحرر الوطني، وتصنع تجربة جديدة، من نوعها، وقال :هذه المواجهة التي كانت تعيشها حالة الثورة، وقوى الثورة المضادة، أيضاً وجد فيها شرخ آخر، وهو أن الذي اسند ثورة 26 سبتمبر، الوجود المصري المشارك في الثورة كان هو الآخر يعيش حالة تناقضات، بين مساند ودافع قوي للخروج من أزمة الخناق التي أصيبت بها حركة التحرر القومي العربي، جراء حدوث الانفصال لدولتي الوحدة، بين سوريا، ومصر، حيث شعر عبدالناصر أن هناك ما يشبه الخناق لحركة التحرر القومي العربي، وإن كانت ثورة 26 سبتمبر تنفس لامتداد الحركة القومية العربية، بالمقابل كانت قد تآمرات على تحقيق الانفصال، بقدر إن السعودية تشعر هي الأخرى، ما قامت به وما حققته سيوئد ثورة 26 سبتمبر، ولذلك تحول الصراع من مواجهة محلية إلى مواجهة عالمية.
واستطرد قائلاً :
وكانت هذه الظواهر البعض منها مدركة عند قوى الثورة الوطنية، والبعض منها غير مدركة لقوى أخرى، فحدث ما يسمى الشرخ بين قوى الثورة، كما حدث شرخ آخر داخل القوى المضادة للثورة.. وبالتالي برزت ظاهرة لابد من مصالحة وطنية، أي لابد ان تخرج كل القوى التي أرادت أن تجعل من اليمن، ساحة للمواجهة بين المعسكرين.. الغربي، والشرقي، لكي يحصل حالة انفراج، ولكن دخلت حرب أهلية أستمرت 8 سنوات من الشراسة والقوة ومن الضغط في حسم المواقف.
مواصلاً حديثه بالقول :
هذه المسألة التي نتحدث حولها عن ثورة 26 سبتمبر تحتاج إلى دراسة عامة وإلى تفهم حقائق الموقف، لكل مرحلة من المراحل لأنه دائماً كانت المواجهات التي دارت حوالي 8 سنوات كانت لها محطات عديدة، بين الطرفين المتواجهين.
بدليل نحن في الصف الجمهوري شهدنا في 63م انشقاقاً جمهورياً، هذا الانشقاق الجمهوري ما سموا أنفسهم بالقوى الثالثة إنهم لا جمهوريين ولا ملكيين، ولكنهم كانوا يدعون إلى دولة اسلامية مثلت بها قوى كانت من قوى الحركة الوطنية مشيخية، ومثقفين، وداعيين للم الشمل اليمني أي مثلت تجربتهم النضالية السابقة ولكنهم لم يستطيعوا ان يصلوا إلى الرؤية المتكاملة لكيفية مواجهة قوى الثورة المضادة والحيلولة دون عودة النظام الإمامي مثل ما حدث في 48م.
فاختاروا طريق وسط ثالث ولكنهم وقعوا في براثن القوى المضادة للثورة من خلال مؤتمر الطائف الذي عقد في 64م والذي أصر إنه لا يعترف بالنظام الجمهوري ولا يعترف بالوجود الملكي ولكن يطالب بدولة اسلامية ذات أفق إسلامي وهذا حدث بعد ان استطاعت الولايات المتحدة الامريكية أن تزيح سعود بن عبدالعزيز وتأتي بالملك فيصل ليشكل ظاهرة جديدة في المواجهة لخدمة القطب الامبريالي الامريكي بالمنطقة وبالتالي لم تسقط كل هذه التيارات التي كانت موجودة وتحسم طبيعة الصراع لمصلحتها لا قوى الثورة ال 26 من سبتمبر ولا القوى التي اسمت نفسها بالثالثة ولا القوى الملكية أيضاً.
لأن طبيعة الوضع الاجتماعي الاقتصادي الذي كان يدفع بشدة همة المجتمع للتحرر والآخرين الذين كانوا يستفيدون من قوى النظام القديم، يكتشف أن قوى المجتمع مازالت عائشة في غيبوبة ولم تصحو بعد وبالتالي مازالت هي مداميك أو مرتكزاتهم للنضال، ومن ثم ليس هناك نظاماً جمهورياً في اليمن وإنما هو مصنوع من الخارج.
والحقيقة لم تكن كذلك، كانت صناعة وطنية، صناعة محلية، لها تراكماتها وجذورها التاريخية في النضال ضد الاستبداد ، والفردية، والتحكم بقضايا الشعب.
مضيفاً بالقول :
وهذه نجدها في أهداف ثورة 26 سبتمبر، بارزة، وذلك عندما تم إعلان البيان الأول للثورة حيث حددت بعض الأهداف وسموها الأهداف الستة لم تكن بالمستوى المطلوب ولكن في الاسبوع الثاني تغيرت مسألة الأهداف وكانت أشبه بأهداف تلامس الواقع يعني من ضمن الأهداف التي كانت مطروحة بعد أسبوع من الثورة إنه يحبب ان تتجه المعالجة للأوضاع أولاً ليس بإزالة الفوارق بين الطبقات كأساس وإنما بإزالة البغضاء والأحقاد التي تراكمت تاريخياً في المجتمع بين الزيود والشوافع.
وبالقدر هذا أقول: إن طرح مثل هذا الموضوع كهدف من أهداف الثورة شكل حالتين متناقضتين في آن واحد إنه نوع من عملية الفرز أي أن الصراع في اليمن ليس صراعاً ملكياً جمهورياً وليس صراعاً حداثياً وتقليدياً، وإنما صراعاً طائفياً بين زيدي وشافعي وهذا أيضاً ساعد على توسيع وتمديد رقعة المواجهة بين الجانبين.
وفي الحال نفسه نجد أن الثورة المصرية أو نظام حكم عبدالناصر المساند الرئيسي لعملية الثورة هو الآخر أيضاً واجه ما يشبه الرفض لمساندة الثورة اليمنية، ليس لأن هناك استراتيجية مصرية موجودة وقائمة تريد أن تفك الحصار عن نفسها ولكن أيضاً كانت قوى أخرى إما حليفة لعبد الناصر أو هي في إتون نظام الحكم لا ترى فائدة من مساعدة ومساندة الشعب اليمني، لأن الأعداء كثيرون والمحيطين بهذه الثورة كثيرون وبالتالي رغم الموقع الاستراتيجي الذي كانت تتمتع به اليمن إنما مع هذا لم تكن لدى المصريين فكرة سياسية واضحة عنها، حيث كان التأييد للثورة كثورة ضد الظلم والقهر والاستبداد والتخلف الذي عاشه اليمنيون لكن هناك الموقع الاستراتيجي المميز لليمن هو الذي دفع بالقوى العالمية، أن يكون لها نوع من عملية المواجهة، لأن اليمن التي تربط بين قارتي آسيا وأفريقيا كانت تمثل موقعاً مهماً للمواجهة الدولية في الصراع.
موقع اليمن.. دفع كل القوى إلى أن تتصارع عليه
هل كان موقع اليمن سبباً في تزايد الصراع؟
طبعاً الموقع الاستراتيجي لليمن بين قارتي آسيا وافريقيا يشكل حالة من حالات التهم الذي يدفع كل القوى إنها تتحارب وتتواجه وتتصارع من أجل السيطرة على هذا الموقع الاستراتيجي.
المصريون لم يكونوا مدركين.. بأهمية المنطقة
لكن الثورة المصرية التي دخلت اليمن لم تكن على علم بمجريات هذه الأهمية للمنطقة وللساحة وللموقع الذي تتواجه به مع قوى الغرب وقوى الاستعمار داخل المنطقة فلو كانت أدركت الأهمية الاستراتيجية لموقع اليمن في خارطة الصراع الدولي لكانت غيرت كثيراً من مواقفها وابتعدت عن عملية المحاباة للقوى التقليدية التي دفعتها بأن تكون في صف الثورة، ولكنها ظهرت فيما بعد انها ليست مع الثورة وإنما هي ضدها بقدر ما ساعدت أيضاً على ايجاد اختراقات للثورة المصرية وبالذات في عملية الصراع الذي وجدناه بارزاً في 67م حيث استطاعت القوى الاستعمارية والصهيونية والرجعية أن تدفع بإسرائيل بأن توجه ضربة موجعة لحركة الثورة القومية العربية في حرب 5 حزيران 67م ولم يكن هجوماً عسكرياً على المنطقة، بقدر ما كان وحققت فيه اسرائيل انتصاراً ما بقدر ما كان دعوة رجعية عربية، امريكية، بريطانية.. لتوجه ضربة لعبد الناصر داخل اليمن.
مجيء عامر.. ساعد على خلخلة موقف الثورة
والذي توقعت بعد أن جاء كما سألت أنت أن عبدالحكيم عامر وصل إلى اليمن وذهب إلى صعدة وتحرك بعدئذ أقول: مجيء عبدالحكيم عامر كان أحد العيوب التي ساعدت على خلخلة الموقف الثوري لثورة 26 سبتمبر من حيث التدخل بتشكيل حكومات وتبديل حكومات واللجوء إلى القوى التقليدية المشيخية والمساندة عسكرياً ومادياً على حساب قوى الثورة.
لذلك عبدالحكيم عامر يكاد يكون أحد المساهمين في صناعة مراكز تقليدية وإعاقة ثورة 26 سبتمبر من خلال ان هذه المراكز التقليدية التقت مع القوى المعادية والخصيمة لثورة سبتمبر.
هل فشل الجانب العسكري في تحقيق أهدافه؟
الجانب العسكري الذي فشل في تحقيق أهدافه، تحول إلى مواجهات من نوع آخر فاليمنيون لم يشهدوا فساداً إدارياً كما شهدته أثناء تواجد القوات المصرية التي كانت موجودة، حيث انحرفت عن أهدافها العسكرية والسياسية وكذا حتى عن تنمية قدرات المجتمع اليمني، بقدر ما ساهمت في بناء القدرات ولكن كانت هذه القدرات، ناقصة، وكان هناك شعور غير طبيعي في عملية التلاحم بين قوى الثورة والوجود المصري في اليمن... لأنه تحول كل خبير عربي داخل اليمن وكأنه حاكماً فعلياً في كل الأجهزة الإدارية.. وهذا كان يشكل ردود فعل عند اليمنيين، نحن تحررنا من قوى تقليدية ومن الإمامة وإذا بنا نجد مصنوعين من خلال هؤلاء الناس، وكانت القوى الرجعية والسعودية وغيرها تغذي مثل هذه الظواهر، وتشحن الناس بالعداء ضد الوجود المصري.
والحقيقة.. كانت استراتيجية دولية محكومة في الحرب الباردة للموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به اليمن.
وقال: لذلك كانت هناك طريقان.. الطريق الذي كان يتخذها عبدالحكيم عامر، بتوسيع رقعة المواجهة، ضد المملكة أو ضد الوجود الملكي، ليس لأغراض إحكام سيطرة الثورة على الأرض، بقدر ما كان عبارة عن جس نبض متبادل.. هل نستطيع أن نحقق شيئاً ما..؟ هل نستفيد من هذا الصر اع.. لنصارعهم داخل مصر..
بعكس عبدالناصر الذي لم يكم في هذا الجانب، إلا قومياً بالمعنى الواسع واستراتيجياً بالمعنى الواسع، بدليل، أنه عندما وصل إلى تعز وفي ساحة ميدان الشهداء.. ألقى خطاباً حماسياً غير عادي.
حيث أعلن فيه على بريطانيا العجوز.. أن تأخذ عصاها وترحل من اليمن وكان هذا بداية توجه جديد، لمساندة ثورة 14 أكتوبر التي بدأت في 63م ولاقت من الوجود المصري في اليمن، وخاصة القيادة العربية المرتبطة بالاستخبارات بعض الصعوبات التي أرادت كذلك أن تئد ثورة 14 أكتوبر إلى جانب ثورة 26 سبتمبر.
مضيفاً بالقول:
إنما جاء عبدالناصر، وفك عن ثورة 14 أكتوبر بإعلانه على بريطانيا أن ترحل.. وذلك الطريق لتوسيع رقعة المواجهة لثورة 26 سبتمبر مع ثورة 14 أكتوبر واتساع رقعة المواجهة لتشمل ليس الجمهوريين والملكيين، الذين كانوا يسموها بهذا الشكل.. وإنما المواجهة مع الاستعمار البريطاني، السلاطيني، والإمارات، والمشيخات، في الجنوب، وبقدر ماكانت الرقعة قد شملت الموقع الاستراتيجي في اليمن، شمالاً وجنوباً بالمواجهة، وهذا جعل العالم الخارجي، قدر الإمكان أن يحاول ويقلل من إمكانات خسارته.
وبالتالي.. بدأوا بالمشاورات بقدر ما أوجدت السعودية، لجنة يطلق عليها لجنة الخبراء الأمريكيين المساندين، للملك فيصل للخروج من أزمة المنطقة..
فيما لجنة الخبراء هذه.. كانوا يدرسون إمكانية خروج عبدالناصر من اليمن يصعب.. مالم تتسع نقطة الضعف في نظامه، وتجبره على التراجع عن خطة الاستراتيجي، القومي، وعن تطلعاته في حركة التحرر الوطني.. وعن دوره في اليمن.
وهذه الأشياء معروفة لدى الكثيرين الذين كانوا في خضم الأحداث والمتابعين بطبيعة الصراعات التي كانت قائمة.
اللجوء إلى الجانب السياسي بدلاً عن العسكري
وكيف تمكنت الاستراتيجية الدولية، أن تحول الصراع في اليمن من صراع عسكري إلى سياسي؟
استطاعت الاستراتيجية الدولية.. بالجانب المضاد للثورة اليمنية.. إنها تخلق أرضية ملائمة، لسحب البساط من تحت أقدام الثورة المصرية، في اليمن، وذلك باللجوء إلى الجانب السياسي، بدلاً عن الجانب العسكري، لأن الجانب العسكري كان كلما حصل تجنيداً للمرتزقة، كان حماس الشعب اليمني يزداد أكثر فأكثر.. وبالتالي لجاؤا إلى الأسلوب الدبلوماسي، والأسلوب السياسي.. والمهارات.. هناك رسائل تشبت النصائح التي كانت تقدم من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك إلى الملك فيصل بن عبدالعزيز، إنهم يجب أن تتعاونوا مع عبدالناصر في سبيل حل القضية اليمنية، لأن الخوف من إتساع دائرة الثورة وإن تصل إليكم، وكان هناك فهم متبادل بين الطرفين.. وبالتالي لم تر السعودية بعملية المواجهة نصراً، من خلال دعم الملكيين وتجنيد المرتزقة، وحتى في ذلك، دخل الإسرائيليون بالحرب ضد اليمن، والدليل على ذلك إن مجموعة من الطيارين الذين أخرجتهم إسرائيل مؤخراً.. لمقابلات في إذاعاتهم بأنهم ساهموا في ضرب ثورة 26 سبتمبر.. وقد مروا عبر الحدود السعودية.. وضربوا الثورة اليمنية.
وأضاف قائلاً:
هذا واضح حيث يبرز لنا حالة المواجهة التي كانت موجودة، والدور من ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر اليمنية على مستوى المنطقة للدور الاستراتيجي الهام.. لذلك هذا الجانب جعل التطور الذي حصل لثورة 26 سبتمبر، أن ساندت ثورة 14 أكتوبر، لأن ثورة أكتوبر أضحت تتسع بالطاقة الأولى والتأييد والمساندة لها، وهذا ما وسع من رقعة المواجهة وبالتالي لجأت القوى المعادية للثورة إلى سحب البساط بالمباحثات، وحصلت حينها في 65م إن عملت لقاءً بين عبدالناصر، والملك فيصل، وخرجت باتفاقية جدة، والتي كانت بإمكانها أن تعدل من طبيعة المواجهة بالشروط التي رأتها السعودية أو أملتها السعودية على عبدالناصر.. ولم تكن لمصلحة الثورة.. وإنما لتترك اليمنيين يحلون مشكلتهم لوحدهم.. بدون تدخلات من قبلنا.. وبدون تدخلات من قبلكم بينما الواقع يعكس غير ذلك.
وقال:
لذلك لم تكن هناك تصورات لقوى الثورة للمساندة، إلا أن هذه الرؤية التي تجعل اليمنيين يحلون مشاكلهم بأنفسهم هو الدعوة إلى مؤتمر المصالحة الوطنية يتم في حرض سنة 65م وفي 66 تكون هذه المسألة محسومة بعقد هذا المؤتمر وعلى الشعب اليمني أن يقرر ما إذا كان يريد نظاماً جمهورياً أو نظاماً ملكياً أم نظام دولة إسلامية، وعندئذ حصل أن التقت الأطراف التي كان يسموها بالمثقفين المرتبطين بالحركة الوطنية إلا أن الأطراف المعنية باليمن هي القوى التقليدية القديمة والحديثة ملكيين، جمهوريين ، حركة وطنية ، وإمامة ، أن يلتقوا هؤلاء كلهم في مؤتمر للسلام.. كما سمونه، ولذلك كان هذا المؤتمر في حرض كما كان الوفد الملكي هو أيضاً محاصراً بحرض انطلقت جماهير الشعب وكذا جماهير الثورة اليمنية من خلال التنظيم الشعبي للقوى الوطنية بمظاهرات وإضرابات واسعة.. عمت الجانبين المناطق التي فيها الملكيين، والجمهوريين مطالبة.. بفك الحصار على الوفد الجمهوري المحاصر في حرض، وبالتالي هذه المسيرات والمظاهرات والإضرابات التي عمّت كل مدن ومحافظات اليمن ساعدت عبدالناصر أن يتراجع عن موقفه.. في تأييد مؤتمر حرض وبدلاً من أن يفرضوا مزيداً من الحصار على الوفد الملكي الجمهوري المحاصر بين الطرفين أنقلب عبدالناصر على اتفاقية جدة وحدد إنه هو مع خيار الشعب اليمني بقدر إن هذه المسيرات والمظاهرات هي تعبير على أن الشعب اليمني حسم خياره بالنظام الجمهوري.. وعندئذ فكوا الحصار وانسحب الوفد الجمهوري من مؤتمر حرض.. ومن ثم بدأت تغيرات سياسية من نوع آخر، حيث شهدنا أبان تلك الفترة .. حكومة يرأسها الفريق العمري، وشهدنا أيضاً خروجاً للسلال وجماعته، نتيجة لاتفاقية جدة .. التي اشترطت أن كل أصحاب السلال الذين هم أصحاب ثورة 26 سبتمبر عليهم أن يخرجوا ولاسيما الآخرين.
ولكن .. ماهو التغيير الكبير الذي حصل بعد 67م؟
التغيير الكبير الذي حصل بعد حرب 67م كما يسميها البعض أن قيادة الأمة العربية والإسلامية.. لم تعد بيد الثورة المصرية أو بيد عبدالناصر، وإنما سلمها عبدالناصر في مؤتمر الخرطوم سنة 67م إلى الملك فيصل الذي بدأ هو في كيفية إجهاض حركة الثورة القومية العربية..
وبهذا.. أقول: توصل إلى أن في مؤتمر الخرطوم 67م شعر السلال إن الهزيمة التي أصيبت بها مصر كانت سببها اليمن وبالمقابل مصر بحاجة إلى دعم مالي من السعودية، والكويت، ودول النفط .. وإن هذا لن يتم إلا إذا كانت هناك تنازلات حقيقية على الأرض اليمنية.. وإن الذين يساندهم عبدالناصر من ثورة 26 سبتمبر عليهم أن ينسحبوا ويسلموا الحكم إلى القوى التقليدية التي رضت عنها السعودية..
ولذلك كان انقلاب 5 نوفمبر 67م لم يكن انقلاباً غير متفق عليه، ولا أحد يدعي أنه صاحب الانقلاب، حيث لا منظمات سياسية أو قوى أخرى موجودة وإنما كان انقلاباً مرتباً بدأت بوادره في مؤتمر الخرطوم بين عبدالناصر والملك فيصل إن تتحرك هذه القوى الوطنية أو أي قوى تتحرك للسيطرة على الحكم أو ترض عنها .. وعلى أساس إلا تساعدوا أو تجهضوا ولا تساعدوا مصر باستعادة حقوقها المسلوبة من قبل إسرائيل إلا بهذا الجانب وبالتالي كان هذا ما يشبه الاختيار أن انقلاب 5 نوفمبر يتم الترتيب له..
على أن يسافر السلال من اليمن ويأتي القاضي عبدالرحمن الأرياني ليكون البديل.. ولكن يجب أن نخرجه بمخرج انقلاب .. بينما كان متفقاً عليه، بقدر ما كان السلال مدركاً سيما عندما سافر من الحديدة إلى القاهرة ومن القاهرة سيسافر إلى موسكو عبر بغداد..
وبالتالي كان يدرك أنه هو يتحرك وهناك من يتحرك للإحلال محله، وعلى هذا حصل 5 نوفمبر والذي نظر إليه من بعض القوى الوطنية التي ساهمت بعملية الثورة أنه انقلاباً رجعياً والبعض يقول انقلاباً وطنياً والبعض يقول معه..
ولكن كما تورد بعض الأقاويل بأنه كان انقلاباً بعثياً..؟
لأنه يعني .. كان فيه بعثيون ومن حركة القوميين العرب وهذا يعود للصراع السياسي الموجود..
أقول كان الأهم من هذا أن اليمن عندما قامت ثورة 26 سبتمبر لم يكن هناك جيش بل كانت هناك قوى تقليدية حامية للنظام.. لكن وجد جيش نظامي موحد جديد بمجموعة قوى لا تزيد عن ثلاثة آلاف شخص، أولئك هم الذين واجهوا في الميدان المعارك مع القوى الملكية، وهم أيضاً عندما حدث انقلاب 5 نوفمبر كان على أمل أن هذه الاستراتيجية تساعد على توسيع رقعة المد الملكي السعودي لليمن، ويجهض ثورة 14 أكتوبر في الجنوب وذلك بالتحالف بين الرجعية العربية السعودية، والبريطانيين والأمريكان وغيرهم باعتبار إن انقلاب ال5 من نوفمبر سيمهد السبيل لهذه المواجهة. وهذ ما كان ظاهراً للعيان، أن 5 نوفمبر وجه رسالة إلى الوجود الاستعماري في الجنوب وكأن الجنوب هذا لا يعني اليمن الشمالي وإنما هو جنوب لوحده وإن بريطانيا وبحسب الاتفاقية التي حدثت بين الأئمة والبريطانيين أن الجنوب جنوب والشمال شمال.. وأن هناك بين الطرفين حدوداً فاصلة ..وفقاً للاتفاقية التي تم توقيعها والاعتراف المتبادل الذي تم بين البريطانيين بسلطة الإمام على الشمال وبين الإمام يحي بسلطة الاستعمار على الجنوب.
وعلى هذا السياق .. أقول ..كان انقلاب 5 نوفمبر يعترف بأن هناك ما يشبه الفصل بين القضيتين وإنه يجب أن نتحالف من أجل أن نوجد جداراً تصالحياً ليس فيه ثورة وليس فيه سلطة 5 نوفمبر التي أعلنت عن هذا الموقف ضد كل القوى الوطنية القومية داخل الوطن، واعتبر أن هذا انقلاباً رجعياً على ثورة 26 سبتمبر وأيضاً على كل نضالات الشعب اليمني ومن ثم لابد من عملية المواجهة وبالتالي ساعد هذا التوجه والإعلان ل5 نوفمبر أن تنطلق جحافل الملكيين المرتبطين بالمخطط الدولي إلى حصار صنعاء ونلاحظ إن هذا الحصار لذي تم في صنعاء أو ضرب في صنعاء له أكثر من ميزة معينة.
ذكرتم أنه حال ماضرب الحصار على صنعاء كانت له أكثر من ميزة معينة كيف نفهم ذلك؟
طبعاً الذي حدث آنذاك هو أن آخر جندي مصري ينسحب من مدينة الحديدة كان يرافقه خروج آخر جندي من ميناء عدن إلى خارج اليمن هذا الشرط الذي استطاع عبد الناصر أن يحققه لليمن إنه لا خروج للمصريين من اليمن إلا بخروج البريطانيين الاستعماريين من الجنوب ولكن هذا الخروج المزامن هو الذي جعل الملكيين مع التحالف السعودي بأن يقوم بعملية هجمة للسيطرة على المنطقة لأنه لابد من إملاء الفراغ حيث بريطانيا تخرج من عدن والمصريين يخرجون من الشمال من يملأ الفراغ كان لابد من إملاء الفراغ فدفعت المملكة السعودية بكل قواها لكي تملأ الفراغ على مستوى المنطقة.
واشار الاستاذ الحربي في حديثه قائلاً: وبالتالي كان الحصار الذي ضرب على صنعاء شعوراً منهم إنه خلاص لا مصري موجود ولا قوة ثورة موجودة، ورجالات الثورة محتجزين في داخل القاهرة ولم يبق معنا سوى الإعلان عن إسقاط النظام الجمهوري والدولة الجمهورية وعودة النظام الملكي بقدر إنهم حتى لم يكونوا راضيين عن تقاسم النظام بدولة إسلامية ودولة جمهورية ولكن بعودة الملكية وضرب الحصار على صنعاء.
مضيفاً بالقول: طبعاً هذه الأوضاع من حفز الحركة الوطنية التي وجدت سندها القوى بجيش وطني أو النواة الوطنية للجيش اليمني لا يزيد عدد افرادها عن ثلاثة آلاف شخص هم الذين واجهوا الحصار المفروض وقاموا بعملية المواجهة الوطنية للقوى الاستعمارية السعودية الملكية في حرب حصار ال70 يوماً، والذي شكل عملية مشاركة لليمنيين بالمواجهة رغم الإمكانيات المحدودة لديهم وتخلي كل الأطراف المؤيدة لهم.
بالمقابل الجانب الآخر لديه الزخم المالي والعتاد والحشد التي تصددت فيه وجه الدعم والمساندة من إسرائيل إلى أمريكا إلى بريطانيا إلى السعودية، إلى مرتزقة جُلبوا من كل منطقة، ليضربوا الحصار على صنعاء ويسقطوا الجمهورية، ولكن لم يستطيعوا أن يتقدموا خطوة واحدة.. وكان النصر لثورة 26 سبتمبر بالتحالف الاستراتيجي بين القوى الجديدة التي أنشأت نوات الجيش الوطني وبين المقاومة الشعبية الباسلة التي انطلقت من العمال والفلاحين والطلبة ليشكلون سنداً كبيراً لعملية المواجهة، لذلك نرى بأن حرب ال70 اليوم الذي شكل مفخرة لليمنيين شكل عملية النصر الأكبر وهو النصر الذي نجد أنه بعد الانتصار كلهم يقولون إنهم شاركوا وساهموا فيه وهذا نوع من الإدعاء ليس صحيحاً وإنما كانت قواه الحقيقية هي غيرها بقدر أن حرب ال70 يوماً شكلت في حد ذاتها نقطة تحول في تاريخ المجتمع اليمني والثورة اليمنية، بالمقابل أحدثت هزة قوية بالجانب الرجعي السعودي الأمريكي الإمبريالي الواسع أنه كيف تستطيع قوة محدودة العد ومحدودة الإمكانات ومحدودة القدرات أن تواجه هذا الحشد الكبير للمرتزقة والملكيين والتقليديين أن يدحروا هذا الحصار.
وقال أحمد الحربي:
وأثناء ذلك حدث نوع من عملية المراجعة للمواقف الاستراتيجية بين الأطراف المختلفة كلها ومنها القوى التقليدية التي لم تكتمل سيطرتها على الثورة والنظام الجمهوري وتشعر أنه وجد منافساً قوياً ليس الذين قاموا بثورة 26 سبتمبر وإنما القوى التي بُنيت بعد ثور 26 سبتمبر بأن هؤلاء سيسقطون سلطتهم التقليدية على النظام الجمهوري وستعزز سلطتهم بهذا الانتصار الذي حققوه في حرب ال70 اليوم، وبالتالي كيف يواجهون هذا الانتصار ويسحقونه ولذلك حولوه إلى أنه أيضاً صراع بين شافعي وزيدي، يمن أعلى ويمن أسفل حيث أن اليمن الأسفل هو الذي الآن يزحف على مفاصل السلطة ويسيطر عليه من خلال القوى التي يمتلكها.
واستطرد قائلاً: ولذلك تم الإعداد لمسألة كهذه في 23،24، 25 أغسطس 68م بتنفيذ اتفاقية جدة بكافة تفاصيلها، وبنودها المختلفة، والتي هي إزاحة كل القوى الوطنية وإعادة السلطة والحكم والهيمنة إلى القوى التقليدية لكي تكون السعودية بأمان وتدخل المشاركة بين القوى الجمهورية التقليدية وبين القوى الملكية بتقاسيم السلطة والتي كان من نتائجها أحداث أغسطس الدامية وخروج كل القيادات الثورية والوطنية في القوات المسلحة وضرب الحركة النقابية والعمالية والاتحادات الطلابية والمقامة الشعبية، والذي شكل فيها العمري السند الرئيسي الكبير لأحداث الانقلاب حيث هو ساهم في 26 سبتمبر وهو انقلب على ثورة 26 سبتمبر بالتحالف مع القوى التقليدية لإسقاط النظام المضمون الحقيقي لثورة 26 سبتمبر للنظام الجمهوري وتحويله إلى نظام شكلي يتبع كل تفاصيله للسياسة السعودية داخل المنطقة، وبالتالي كانت المصالحة والتي أسموها آنذاك المصالحة اليمنية الجمهورية في عام 70م والتي دخل فيها الجمهوريون مع التقليدين مع الملكيين السعوديين.
يعني تقاسم السلطة ..أم ماذا..؟
يعني أن المجلس الجمهوري يكون فيها ملكيين وجمهوريين تقليديين ومجلس الوزراء يكون فيه اقتسام أنه على حكومة الجمهورية العربية اليمنية أن تستوعب كل الذين شاركوا مشاركة فعالة في محاربة الجمهورية في صفوف الملكيين وأن يقبلوا في صفوف القوات المسلحة اليمنية، وأن يستوعبوا في مجلس الشورى أن يستوعبوا في مجلس الوزراء أن يستوعبوا في كل مفاصل الحكم.
أي أقدر أقول إن المصالحة الملكية التقليدية التي تمت بين الجمهوريين التقليدين، في الجمهورية العربية اليمنية وبين الملكيين برعاية السعودية واستيعاب الملكيين الذين كانوا يقاتلون مع الصفوف المعادية للجمهورية واستيعابهم من قبل الجمهوريين في مفاصل الحكم في السلطة والاحترام بوجودهم كأننا نعيش تاريخ اليمن ..اليوم.. حيث عندنا قضية جنوبية قضية شمالية وكيفية المعالجة نسعى بأمورهم بالاعتراف المتبادل بين القوى والاعتراف بالأخطاء الموجودة هنا وهناك ولم يكن هناك خطأً بقدر ما كانت هناك مواجهات في الصراع بين قوى جديدة وقوى تقليدية بين ظلام ونور عكس القضية اليوم.
وبالتالي دخل ما سمي بالملكيين ليحلوا محل الثورة الجديدة لثورة 26 سبتمبر في المصالحة الوطنية عام 70م، وعندئذ بدأت حالة الانهيار للنظام الجمهوري والتمدد للقوى الرجعية في البلاد لتتمكن من السيطرة على بقية أجزاء اليمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.