د. حنان حسين تابعت باهتمام كبير مقابلة الشيخ سلطان السامعي، وقد كان في كل سؤال طُرح عليه، وفي كل قضية تناولها، حاضرًا بوضوح وصدق. وإذا ما عرجنا على ما تناوله أولاً فيما يخص أفق السلام والمصالحة وسبل إنهاء الحرب، فقد قالها بالحرف: "يكفينا عشر سنوات من الحرب." مؤكدًا أن الحل لا يمكن أن يكون إلا سلميًا وبالتفاوض، وإلا فإن الشعب سيقول كلمته عاجلاً أم آجلاً. وتحدث بصراحة أن لا منتصر في الحرب، وأن الاستمرار فيها ليس سوى عبث إضافي بمعاناة الناس. ثم انتقل إلى الحديث عن الفساد المستشري، وعن الثراء الفجائي الذي وصل إليه البعض مستغلين هذه الحرب للتربح، ولزيادة معاناة الناس، ضاربين عرض الحائط بكل أوجاعهم وهمومهم. كان صريحًا في فضح هذا الواقع المؤلم. كما تحدث بوضوح عن وضع المجلس السياسي ومشاركتهم فيه، وقالها صراحة: هناك من يدير من خلف الستار. كشف بذلك عن غياب الشراكة الحقيقية، وأن حضورهم لا يتعدى الحضور الشكلي لإضفاء طابع رسمي على قرارات تُتخذ دون علمهم أو تدخلهم، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة حول مفهوم "الشراكة". وتطرق إلى الوضع الإنساني المزري الذي يعاني منه الشعب، بكلمات تنم عن استشعار حقيقي للمعاناة. وهذه هي الوطنية في أصدق صورها: أن يتحدث السياسي من وجع الناس، لا من فوقهم. كما تناول قضية الحكم بالإعدام على أحمد علي، وقالها بوضوح: هذا قرار سياسي بامتياز، لم نكن بحاجة إليه الآن، لأنه يصب الزيت على النار، بينما نحن في أمسّ الحاجة إلى توافق ومصالحة وطنية، وإلى طيّ صفحة الحرب التي لا يمكن أن تنتهي إلا عبر الحوار والتفاوض. وفي الحقيقة، أن يخرج السامعي بهذا الخطاب التصالحي الوطني من داخل العاصمة صنعاء، فذلك بحد ذاته رسالة مهمة، تؤكد أن أصواتًا تدعو إلى السلام ما تزال قائمة في مختلف الجهات، وأننا بحاجة إلى الإصغاء إليها وإعطائها المساحة. الساحة اليوم تشهد إرهاقًا عامًا من الحرب، ومن كل محاولات التصعيد، ما يجعل الدعوة إلى السلام أكثر واقعية من أي وقت مضى. ولا شك أن السلام الذي ينطلق من الداخل، والذي يضع معاناة الناس على رأس أولوياته، سيكون أكثر قبولًا وقابلية للتحقق. في الختام، ليت مثل هذه الأصوات تُمنح المساحة والفرصة في جميع الأطراف، لصناعة سلام طال انتظاره، وتفاوض لا مفر منه، وخلق مناخ مناسب لعودة الفرقاء إلى طاولة واحدة، بعيدًا عن لغة الحرب والحسم العسكري. فقد أثبتت السنوات الطويلة أن هذه الحروب لا تُثمر إلا الألم، وأن لا خلاص لليمن إلا بالسلام.