لم تتذوق القوى السياسية في اليمن أبداً طعم النجاح بالوصول إلى الحل, هي تعودت فقط على أن تُرغم الآخرين على حلول لا يكون لها طعم أو رائحة. مؤخراً وبانتهاء الحوار الوطني الشامل أحسبني اقرأ في وجوه المكونات المشاركة فيه خوفاً فريداً من نوعه باستثناء الشخصيات الشبابية والمدنية الواعية , يبدو ما أراه في وجوه أولئك هو الخوف من الحل أو الوصول إليه , لأكتشف أنه مجرد خوف مُبرر له فهؤلاء لم يُجربوا طعم المؤسسية في العمل أو أن يكون لهم خطة استراتيجية يزرعون بذرة ويحصدون ثمارها بعد أمد . العقليات التي قادت البلاد منذ سبتمبر وحتى ثورة فبراير هي عقليات غير مؤسسية أقربُ ما تشبه حالتها المواطن العربي واليمني خصوصاً عند شرائه لأجهزة تقنية وأول ما يفعله هو أن يرمي الكتالوج بعيداً ويبدأ البعسسة , محاولات العيش ببركة الله لا أكثر . لا أنظمة إدارية مكتملة وواضحة , لا تأهيل للمسؤولين في الدولة وتعليمهم بأبجديات العمل المؤسسي والإداري , ولذلك كله يتم بالبركة . هل تساءل أحدكم لماذا فشلت المجالس المحلية ؟ لأنها ببساطة استقبلت صلاحيات عالية جداً فوق مؤهلاتها فلا قدرة لديها على التخطيط أو الابتكار ولا حتى خُطط لاستيعاب الدعم الذي يمكنها الحصول عليه , كما هو حال المركز الذي يعجزُ دائماً عند كل مِنحة خارجية ولا يستطيع استيعابها , كل ما نُفكر فيه في اليمن هو محاولة استيعاب هذه الأموال إلى الجيب دون وضعها في قنواتها الصحيحة . حتى اليوم ثمة محاولات ضئيلة لشخصيات مؤسسية قليلة في اليمن تُحاول (مأسَسة ) البلاد وتعليم النخب في الأحزاب والسلطات التنفيذية والشركات الوطنية بآلية العمل المؤسسية الحقيقية والتي من خلالها يتم الوقوف على المشاكل بصورة دقيقة وصحيحة والخروج بحلول منهجية وطويلة المدى ومُعالجة بشكل نهائي , لكن على ما يبدو كل ذلك يصطدم بعقلية تعودنا على الحياة بها. لماذا نجبنُ من الوصول إلى الحلول المُختلفة والتي لم نتعود عليها ؟ ليس كافياً أبداً أن يكون عدم شعورنا بالنجاح من قبل هو السبب ؟ ربما أننا وصلنا إلى المرحلة التي نرضى فيها بما نحن عليه اليوم ولا نقبل له بديلا ؟ . حسناً : معظم المسؤولين في اليمن يخرجون إلى العالم ويشاهدونهم كيف يعيشون ؟ ألا يُفكر هؤلاء أن ينقلوا التجربة !! يقتبسوها , يسرقوها , المهم يجربون حاجة جديدة في هذه البلاد , هل ستمتلك المكونات السياسية الشجاعة والجرأة في العمل على بدء الحوار الحقيقي عند صياغة الدستور والانتقال لشكل الدولة الجديدة .. هل سيمتلكون الشجاعة للمغامرة من أجل البلاد وأن يتحركوا خارج خوفهم . إنكم تشبهون كثيراً قصة الفيل نيلسون الذي اشتراه احدهم وربطه بسلسلة حديدية في نهايتها كرة حديدية ضخمة ضجّ منها الفيل لأنها تقيده لكنه كلما حاول تحريكها للتحرر منها أصابت قدمه الجروح وزادت الآلام ورضخ للاستسلام بسرعة , رغم أن المالك قام بتبديل كرة الحديد بكرة خشبية إلا أن الفيل استسلم تماماً ولم يعد يتحرك لأنه يُفكر أن تُصاب قدمه . يا أصحاب القرار في اليمن بمختلف توجهاتكم , تحرروا من كل مخاوفكم ولا تكونوا كالفيل نيلسون لأنكم مُستقبلاً ستنتقلون من شكل الدولة الحالي إلى شكل الدولة الجديدة فعليكم منذ الآن أن تحصلوا على التأهيل الكافي والتدريب الوافي في كيفية التعامل مع المرحلة مالم ستكونون في آخر الصفوف.