الصراع والتعايش نقيضان لا يجتمعان ,الصراع يؤدى الى الهلاك والدمار والتخلف وضياع مقدرات الشعوب , والتعايش يؤدى الى البناء والتقدم والرفاه وانطلاق الشعوب والامم نحو الحضارة والقوة ,, الصراع يقوم دائما على القاعدة الشيطانية «انا خير منه» وقاعدة “لستم على شيء”. قال تعالى (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم .. ),, اما التعايش فيقوم على القاعدة الربانية “تعالوا الى كلمة سواء قال تعالى .« قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون). لقد جاء الاسلام من اجل إنهاء ثقافة الصراع وإرساء ثقافة الحوار والتوافق والتعايش والقبول بالآخر فمن يزعم الانتساب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرفع شعار انا خير منه وشعار لستم على شيء ويسعى الى فرض نفسه على الآخرين بالقوة بحجة انه يمتلك الحقيقة فهو كاذب , فالإسلام جاء رحمة للعالمين ,,قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) “وجاء من أجل تحرير الانسان من العبوديات الارضية واعطائه الحق في اختيار معتقداته , لقد ظل معلم البشرية محمد عليه افضل الصلاة والسلام 13سنة في مكة يدعو ويطالب زعماء قريش ان يتركوا للناس الحرية في اختيار معتقداتهم , لقد كان عليه الصلاة والسلام يخاطبهم بقوله “خلوا بيني وبين الناس “ ولم يطالبهم بشيء آخر لكنهم كحال كل المستبدين رفضوا هذا الطلب واستمروا بالعناد والأذى , مما جعل الرسول عليه الصلاة السلام يفكر بالهجرة الى بلاد اخرى .. وعندما هاجر الى المدينة التي كانت تسمى يثرب أسس دولة قائمة على الحرية والتعايش والاعتراف بالآخر., لقد وضع لهذه الدولة دستوراً سمي«بوثيقة المدينة», هذه الوثيقة كفلت حق جميع مكونات الدولة من مسلمين ويهود ومشركين في الحرية و العيش بسلام في ظل الدولة .تحت قاعدة التوافق والتعايش «تعالوا الى كلمة سواء» لم يفرض على احد دخول الاسلام بالقوة ولم يفرض نفسه زعيماً عليهم .لقد كان همه الأول تحقيق الحرية المطلقة لكل الناس وإنهاء الصراع ونشر قيم الحوار والتعايش و التنافس على فعل الخير ونصرة المظلوم , بهذا الطريق نشر الاسلام وبناء الدولة التي وصلت الى أقاصي الدنيا , لكن عندما غابت هذه المبادئ وحلت ثقافة الاستبداد والهيمنة و الاقصاء وصار كل فريق يزعم أنه على الحق والآخرين ليس على شيء سادت ثقافة الصراع لذلك تخلف المسلمون وصاروا في ذيل قائمة الأمم.