كل حزب من الأحزاب يتشكّل أو يتكوّن تكون له رسالة أو برنامج أو أيديولوجية كمنهج يعمل على تحقيقها على الواقع، ومعظم برامج الأحزاب كلها تتغنى بالحفاظ على الوطن وخدمته والعمل على تحقيق أماني الشعب وتطلعاته ثم العمل على إشاعة وممارسة الديمقراطية، وقد أثبتت الأيام أن كل هذه البرامج هي برامج فضفاضة ومطاطة بدليل أن كل حزب يصل إلى الحكم يرتكن جانباً ويبتعد عن ما كان يرفعه من شعارات وعبارات في برنامجه المعلن والذي على أساسه نال ثقة الجماهير في الانتخابات والتي بموجبها وصل إلى الحكم، فالواقع الذي عايشناه منذ أن ظهرت الأحزاب إلى العلن ووصلت إلى الحكم لم نجد ولم نلمس أن حزباً قد عمل على تحقيق أهدافه المعلنة لجماهير الشعب وبدلاً عن ذلك أصبح أسيراً لرغبات وأهواء قياداته التقليدية التي لا يرون لها إلا أن تظل في مكانها بعيدة كل البعد عن الأيديولوجيات والشعارات المرفوعة والتي ترى فيها قضاء أعلى مصالحها، وهكذا ظلت الأحزاب تدغدغ مشاعر الناس وأحاسيسهم من أجل أن تصل إلى الحكم لتفوز بمصالحها، هذه هي حقيقة معظم أحزابنا الوطنية عدا القلة منها والتي لم تتمكن من الوصول إلى سدة الحكم بفعل طغيان وجبروت الأحزاب المستندة على القبيلة والمال والذي جعلها تحتكر السلطة لسنوات طوال وأصبحت تبيع للناس الأوهام والكلام المعسول الممزوج بالسم، كما أن بعض هذه الأحزاب لا يرون لها العيش إلا من خلال المكايدات وتسخير إعلامها للسب والقذف لسبب أو بدون سبب لأنها قد جبلت على ذلك وارتأت أنها لا يمكن أن تعيش إلا بهذه الأساليب التي لا تخدم الوطن ولا الشعب بل تخدم ذاتها وقياداتها المحنطة التي لا ترى في المستقبل إلا كل ما هو سوداوي، على كل القوى الحية والوطنية وخصوصاً الشبابية أن تصحو من غفلتها وأقصد هنا شباب الأحزاب، فعليها أن تعمل على تغيير واقع أحزابها المهلهل والذي لا يخدم قضايانا الوطنية بل أصبحت مثل هذه الأحزاب وبالاً على الوطن وهذا يعود إلى غياب الديمقراطية داخل هذه الأحزاب وسيطرة القوى التقليدية على مفاصلها إما بالمال أو القبيلة أو قوة النفوذ وهذه هي المصيبة والمشكلة، لذا أقول: إننا نريد أحزاباً وطنية بعيدة عن المذهبية والفئوية والمناطقية وسيطرة المال والنفوذ وتحمل أيديولوجيات واضحة قابلة للتطبيق على أرض الواقع وتحمل هموم الناس وتطلعاتهم، لا نريد أحزاباً تعمل وتناضل من أجل الوصول إلى الحكم وما سواها مسألة فيها نظر، المسألة ستظل هكذا وستظل اليمن تعاني من هذه الأوضاع التي سئمها شعبنا والتي أفرزت الكثير من المساوئ وتوقفت حياة الناس بفعل المكايدة الرخيصة للأحزاب الفاعلة والتي جنّدت كل وسائلها الإعلامية للمساعدة على إشعال الحرائق داخل هذا الوطن المنكوب بأحزابه، فالأمل في الأخير يقع على شباب الأحزاب الذين يمتلكون القدرة على فعل الشيء الكثير لإنقاذ أحزابهم من قوى شاخت ولم تستطع أن تعطي شيئاً لأنها القوى المؤهلة لذلك.