«جاء الإسلام غريباً وسينتهي غريباً» ما لم يأتِ به الإسلام أتينا به نحن المسلمون فصار ديناً مشبوهاً، غريباً عنا وغرباء نحن عنه، فالإسلام صار عند البعض هو الجهاد ضد من يخالفهم الرأي، وصار جهادهم ليس ضد الكفر والكفار وليس ضد الاحتلال والمحتلّين وإنما جهاد ضد المسلمين أنفسهم..!!. ولم يعد القتل بالرمح والسيف بل بالبندقية والصواريخ، بل إنهم لا يكتفون بالقتل وإنما يستلذّون التمثيل بالجثث تحت مسمّيات عدّة «أنصار الشريعة» و«أنصار الله» وما هم إلا أنصار الفتنة وأنصار الشيطان. صاروا يفكّرون في الهدم بدلاً من البناء، وحفروا المقابر بدلاً من تشييد الوطن، هذا هو دينهم، دين الزنادقة والمنافقين، دين المجرمين والقتلة. ولا يقف الأمر عند هذه الفئة الضالة والقاتلة؛ بل تجاوزهم إلى أناس يؤلّفون وينشرون أحاديث عن الرسول يتناولونها وينشرونها عبر وسائل الاتصال ك«الفيس بوك والواتس آب». وهذا الأخير صار كالشيخ الضال ينشر الأحاديث والأحجيات الكاذبة عن الرسول وآله وصحبه ليتم إرسالها عبر الملايين من الناس بخبث ودهاء يستقبلها الساذجون من الناس ويكرّرون إرسالها، أحاديث ضعيفة وغير صحيحة ولا منطقية تدخل مدخل الشيطان إلى حياتنا؛ فلا نفكّر فيها بل نكرّرها بغباء الببغاء دون تفكير أو روية، هذا هو الدين الجديد الذي أتى به أبطال التكفير وعباقرة التكنولوجيا. فنحن أمة تحترف وتتقن استخدام الابتكارات سلبياً، ولم نجتهد يوماً في استخدام تقنيات العصر لتفيدنا وتفيد أمتنا بل نستخدمها لنشر الشائعات والفضائح ونجعلها أداة مطوّرة للنميمة والغيبة. حتى المثقفين منا استغلوا التكنولوجيا لنشر الشائعات الإعلامية والتفرقة وإثارة النعرات الطائفية العصبية، أما البعض فقد جعل من هذه التقنيات أعجوبة في نشر الصور بمختلف أنواعها؛ فلم يعد لدينا خصوصية حتى خصوصية الموت صارت مُباحة..!!. تركنا الدين على الرفوف واستحللنا الدين بإصداره الجديد، الإصدار الذي يتوافق مع الهواتف الذكية والإنترنت الذي سهّل لنا كل الصعاب فصار العالم بوجوده أصغر من حبّة الخردل. هذه هي حياتنا وقد صرنا لا نعرف من الدين سوى صلواتنا وصيامنا وما تبقّى فهو دخيل عنّا، بل إن الحديث عن الإسلام صار شبهة، فالحديث عن الآيات والأحاديث كفيل بأن يجعل المرء إرهابياً؛ كيف لا وقد صار الالتزام مقروناً بفئة معيّنة من الناس صنعتها دول لسنوات طويلة لتنجح أخيراً وبامتياز في تسويقه لنا وننجح نحن وبامتياز أيضاً في تقبُّله والسير على نهجه. لا يختلف الأمر كثيراً بين من يحمل بيمينه سلاحاً قاتلاً يريق به دماء الأبرياء ومن يحمل في يديه جهازاً يرسل به أحاديث مغلوطة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومعلومات غريبة عن الإسلام والمسلمين؛ فكلا الفريقين يؤدّي الدور على أكمل وجه لنعيش الدهر الذي صار فيه الإسلام غريباً..!!. [email protected]